المسيرة الخضراء والزحف العشائري

مدار الساعة ـ نشر في 2021/06/03 الساعة 00:32
في عام 1975 أعلن المغرب عن مسيرة سلمية أسماها (المسيرة الخضراء), شارك فيها أكثرمن(350) ألف مواطن مغربي, في مسيرة على الأقدام يحملون أعلام المملكة المغربية, للسيطرة على الصحراء المغربية المتنازع عليها مع دولة موريتانيا, رغم صدور قرار إستشاري لمحكمة العدل الدولية, بعدم ثبوت سيادة المغرب على الصحراء المغربية. وكانت آنذاك تلك الصحراء تخضع للسيطرة الإسبانية. ومن المؤكد أنه كان هناك مباحثات واتفاق مسبق بين إسبانيا والمغرب على تلك المسيرة, مقابل امتناع المغرب عن المطالبة بمدينتي (سبته ومليله) المغربيتين المحتلتين من قبل إسبانيا منذ ما يزيد على (600) عام. وكما يقال (الشيء بالشيء يذكر). فعندما أعلن عما يسمى بالزحف العشائري باتجاه الحدود (الإسرائيلية), نصرة لإخواننا الفلسطينيين,ومشاهدتي للأردنيين عبروسائل الاعلام المحلية والدولية ووسائل التواصل الاجتماعي، وهم يركضون حاملين الأعلام, في مسيرة (غاضبة) وليست خضراء ومحاولة الجيش ثنيهم من الوصول الى الحدود, فالإسرائيليون لن يستقبلوهم بالأحضان, بل وكما هومعروف ومتبع فإن القوات العسكرية المتواجدة على الحدود, تلجأ عند محاولة أي شخص اجتياز الحدود, الى تطبيق ما يسمى (بقواعد الإشتباك), وإطلاق النيران بعد توجيه الإنذار للمتسللين لتسليم أنفسهم, وفي حالة عدم الإستجابة تقوم بإطلاق النار عليهم, وهذا ما يفعله الجيش الأردني بين الحين والآخر فيما يتعلق بمحاولات التسلل عبر الحدود الشمالية مع سوريا, أما اذا تم إلقاء القبض على المتسلل, فيتم التحقيق معه وإحالته للجهات القضائية بارتكابه جريمة الدخول الى البلاد بطريقة غير شرعية. وعلى الأغلب يتم إضافة تهمة القيام بأعمال إرهابية. ونعلم جميعا ان الجيش (الإسرائيلي) قد ألقى القبض على إثنين من أبنائنا, استطاعا عبور الحدود بطريقة غير شرعية, ومن الطبيعي أنه لا يتم التعامل معهم على أساس أنهم أسيرا حرب, بل مرتكبون لجريمة الدخول الى البلاد بطريقة غير شرعية، لأن الدولتين في حالة سلم بموجب معاهدة السلام, التي رتبت التزامات على الطرفين،على التعاون في منع ومكافحة التسلل عبر الحدود بين البلدين, والإلتزام بالحفاظ على أمن الدولتين,والإمتناع عن التهديد او تنظيم أو اتخاذ إجراءات من شأنها المساس بسيادة الدولتين على أراضيها. وفي كل الأحوال يحق للدولتين محاكمة من يقوم بذلك أمام محاكمه الوطنية المختصة, ويجرم الفعل وفقا للتحقيقات وقرار المحكمة.

إن القيام بمثل هذه الأعمال التي لا طائل ولا جدوى منها, تضع الدولة الأردنية في موقف محرج وتعرضها للإبتزاز السياسي, ومساومة من قبل دولة الإحتلال هي في غنى عنها. فالجهد الدبلوماسي المضني الذي تقوم به الدولة الاردنية من جهة لضمان إجراء محاكمة عادلة, ومن جهة أخرى عدم دفعها للتنازل عن مواقفها السياسية, مقابل الافراج عن المعتقلين، وحل القضية بالطرق الدبلوماسية، وتسلل هؤلاء شكل فعلياً احراجاً للأردن لا سيما في هذه المرحلة التي تشهد فيها العلاقات مع (إسرائيل) توتراً كبيراً، وحتى وان كنا على المستوى الشعبي نعتبر ان (إسرائيل) عدوا لنا، ونرفض كافة أشكال التطبيع معها. ولكن على المستوى الرسمي،يختلف الوضع فنحن جزءاً من المجتمع لدولي يفرض علينا التزامات قانونية ودولية فعلينا التعامل مع الأمور بحكمة، فالسياسة تحكمها المصالح وليس العواطف.
الرأي
مدار الساعة ـ نشر في 2021/06/03 الساعة 00:32