الاستهلاك الآمن لمياه المنازل يكمن في حلول ابتكارية.. وإن كانت بسيطة

مدار الساعة ـ نشر في 2021/06/02 الساعة 12:38
مدار الساعة - ركسانا ريحاني - تمثل الفترة من منتصف نيسان وحتى تشرين الاول.. الفترة الزمنية الاكثر صعوبة في محافظات الشمال الاربعة اربد، المفرق، جرش، عجلون حيث تشتد وطأة الأزمة المائية السنوية. فالضغط السكاني الهائل وارتفاع الفاقد المائي لأسباب إدارية وفنية، عاملان مسببان لهذه الأزمة التي تتجسد بأثارها السلبية بأوجه عديدة ليس أقلها، اضطرار سكان تلك المحافظات الى شراء صهاريج المياه لتوفير حاجتهم من المياه، رغم كلفها المرتفعة، في مجتمع تبلغ فيه حصة الفرد لجميع الاستعمالات 140 مترا مكعبا سنويا بينما يبلغ معدل الفقر المائي 500 متر مكعب سنويا، بشكل عام في الاردن. تؤكد شركة مياه اليرموك على ضرورة العمل وبأقصى سرعة على تقليل الفاقد المائي الطبيعي، وفرض عقوبات على المعتدين على المياه بالاستعمالات غير المشروعة، والبحث عن مصادر مائية. ويدعو المهندس فايز البطاينة عضو هيئة المديرين في الشركةـ امين عام وزاة المياه والري الاسبق الى العمل وباقصى سرعة على تقليل الفاقد المائي الطبيعي ،اذ ان تقليل النسبة 1% يعني توفير مليون متر مكعب وذلك بتأمين المصادر المالية اللازمة لتغيير الشبكات القديمة في معظم مناطق الشمال. وشدد على أهمية فرض عقوبات على المشتركين الذين يستعملون المياه بطرق غير مشروعة وتأمين المياه اللازمة لمشروع وادي العرب 2 لأن من شأنة أن يخفف الازمة المائية في الشمال الى حد كبير . واشار البطاينة الى أن ابرز اسباب الازمة المائية في الشمال تعود الى عدم وجود المصادر الكافية لتغطية الاحتياجات المائية، وخاصة بقرب الاماكن السكنية واعتماد مناطق الشمال على مياه الامطار المتذبذبة في كل عام، مبينا أ مشروع الديسي في الجنوب طاقته الانتاجية 100 مليون متر مكعب معظمها لعمان العاصمة ومحافظة الزرقاء وبعض مدن الجنوب. وفي هذا الصدد أشار البطاينة إلى أنه تم الاتفاق مع وزاره المياه والري لتزويد الشمال بأي كمية تحتاجها ووافقت الوزراة على تزويد الشمال بحوالي 4 ملايين متر مكعب عامي 2019/2020 ، الا ان هذا العام لم تتمكن الوزارة من تزويد الشمال بهذه الكمية نظرا للاحتياجات المتزايدة في العاصمة، ما تسبب بنقصان هذه الكمية التي زوت بها وساهم في زيادة العجز المائي ، اما بالنسبة للمياه الجوفية فليس له حل سوى تخفيض السحب من الابار وفي الوقت الحالي غير ممكن لعدم وجود مصادر مائية بديلة. واكد ان نسبة الفاقد المائي عالية حيث تبلغ قرابة 47% من مجموع المصادر المائية ،والتي تشمل الفاقد الاداري (الاستعمالات غير المشروعة) والفني (اهتراء الشبكة)، مشيرا الى انه تم انشاء بعض المشاريع كمشروع وادي العرب 2 والتي تبلغ سعته 30 مليون متر مكعب ولكن لغاية هذا الصيف لم يتم تأمينه بأكثر من 5 ملايين متر مكعب وهذا ابرز اسباب الازمة المائية في الشمال . وقال البطاينة إن الاحتياجات المائية لهذا الصيف (من 15/4/2021 وحتى 31/10/2021) تبلغ وفي حدها الادنى حوالي 62 مليون متر مكعب وذلك لامكانية توزيع المياه بشكل منتظم اسبوعيا بينما المتوفر المتوقع 52.5 مليون متر مكعب بعجز قرابة 9 مليون متر مكعب . وأشار البطاينة إلى أن شركة مياه اليرموك تقدم خدماتها لحوالي 3 مليون لا يدخل فيها اعداد النازحين من سوريا الشقيقة . ماذا نفعل ؟ إذا كانت هذه المشكلة، فما الحلول ولو كانت ثانوية للوصول إلى مرحلة آمنة ولو نسبيا. يؤكد البطاينه على أن المواطن لديه الوعي الكافي لاهمية المياه وضرورة عدم اهدارها " لانه ينتظر اسبوعيا او كل اسبوعين مرة حتى تصله المياه لعدة ساعات وبالتالي هناك قلة من المشتركين فقط الذين يهدرون المياه في ري الحدائق والشوارع "، بحسبه. على الافراد مسؤولية ودورا في الاسهام في توفير المياه من خلال اتباع سلوكات ترشد الاستهلاك وتوفر المياه، غير أن مدى الحماس لهذه السلوكات والحلول الابتكارية متفاوت من انسان وأخر. تؤكد هنا وليد، من سكان الحصن، أنها " بالتأكيد مع الاستهلاك الامن والمسؤول للمياه"، لكنها تعترف انها " أحيانا مقصرة بهذا الشأن وتسعى لاتخاذ احتياطات أكثر وأفضل مع الأيام". ومن الاجراءات التي تتبعها، هنا وليد، لتوفير المياه، من وجهة نظرها، هي "تنظيف إغلاق صنبور المياه اثناء تفريش الاسنان، واستخدام بواقي المياه من الاكواب لسقاية النباتات وغيرها". إلا أن أمجد العجلوني، من سكان الصريح في اربد، يعتير استهلاكهم للمياه آمن من خلال استخدامهم في المنزل لقطع ترشيد استهلاك المياه بالإضافة الى الوازع الاخلاقي في التعامل مع المياه". بدوره اشار الدكتور وليد العريض محاضر في جامعة اليرموك، من سكان الحصن، الى "انه مع ترشيد استهلاك المياه. ونقوم به فعليا منذ زمن طويل. نحن نعلم علميا أن الأردن من أفقر عشر دول في المياه، لكن الدكتور العريض يرى أن حل هذه الأزمة التي تؤرق الجميع من زمن بعيد يكمن في ان ترشيد استهلاك المياه ضرورة ملحة و يجب تحويل ذلك إلى ثقافة عامة. واقترح الدكتور العريض بعض المقترحات كحلول ومنها: تطوير مياه الديسة وهي كما نعلم بحر من المياه، وتطوير السدود وتجميع كل ما يمكن تجميعه من مياه الأمطار التي صارت تقل سنويا وفي بعض المواسم، وتحديث شبكة المياه التي حسب تصريح المسؤولين تفقد الأردن نسبة عالية تزيد عن ٥٠٪ من المياه الفعلية. لكن الحل الأمثل، من وجهة نظره، " جذريا هو إنشاء محطة لتحلية مياه البحر في خليج العقبة، وبهذا يستطيع الأردن وبمساعدات دولية وعربية ومن القطاع الخاص أن يحل هذه المشكلة التي تؤرق الوطن منذ زمن طويل وتحرره من ضغوط سياسية واقتصادية مختلفة." بدوره قال المدير التنفيذي لشركة ميرنا للطاقة الشمسية فراس غازي مشربش، ومن سكان جرش، إنه يجب المحافظة على كل قطرة مياه في كل مكان ولا يقتصر على محافظة او منطقة معينة، من الشمال الى الجنوب، ولا يعني وجود المياه توفرها بشكل دائم، مشيرا الى اهمية المحافظة على موارد المياه في الاردن بكافة اشكالها ويتم ذلك من خلال اعمال بسيطة جدا نقوم بها في حياتنا اليومية مثلا عند تنظيف الاسنان، مثلا، عدم ترك صنبور المياه مفتوحا ، والانتباه لطرق الري التي نستخدمها، إذ يجب استخدام الري بالتنقيط او وضع اكياس النايلون لتجنب تبخر المياه، والتركيز ايضا على التقنيات المستخدمة في المنازل كقطع ترشيد استهلاك المياه". الامن المائي في موازاة ذلك، عرضت الدكتورة منى هندية خبيرة في قضايا المياه للوضع المائي للأردن الذي يُعتبر واحداً من أكثر الدول شحاً بالمياه على وجه الأرض، كما أنه يتشارك موارده المائية الرئيسية التي تنبع من خارج المملكة، كحوض الديسي ونهر اليرموك ونهر الاردن، مع دول أخرى. و قالت :"تبلغ حصة الفرد من الموارد المائية المتجددة قرابة 145 متر مكعب، وهي حصة تقع دون خط الفقر المائي المتعارف عليه دولياً والبالغ 1000 متر مكعب إلى حد كبير. هذا وزاد تدفق اللاجئين الطلب على المياه بشكل كبير بمقدار 20% في مختلف أنحاء المملكة وبمقدار 40% في المحافظات الشمالية. يحصل سكان عمان على دورتهم من المياه مرة في الأسبوع، بينما يُزوّد السكان في المناطق الواقعة خارج العاصمة بالمياه بمرات أقل في الغالب. وبينت أن العائلة الأردنية حتى تستفيد من كل قطرة مياه يمكن أن تحصل عليها خلال فترة التزويد، تستنفر جميع أفرادها لملء ما يمكن من الحاويات والمواعين، حتى أن بعض العائلات تستخدم خزانات خاصة أرضية لحفظ المياه فيها لاستخدامها خلال فترة انقطاعها، وتجتهد ربة المنزل في هذا اليوم العمل على الانتهاء من جميع المهام المتعلقة بنظافة المنزل وغسيل الملابس وغيره ...الخ. وقالت إن "الأمن المائي من مستوى المنزل إلى المستوى العالمي، يعني أن يكون لكل شخص إمكانية الحصول على ما يكفي من المياه الآمنة بتكلفة يستطيع تحمُّلها ليعيش حياة نظيفة وصحية ومنتجة، مع ضمان التأكيد على أن البيئة الطبيعية محمية ومعززة" . ويتمثل هدف الدول في زيادة الأمن المائي بشكل مستدام، وضمان الحصول على الاجتياجات من المياه في المكان الذي نريد وفي الوقت الذي نريد. واضافت هندية انه لا تتوفر المياه التي نحتاجها للعيش والعمل بكثرة كما كانت، كما أنها لم تعد مجانية، ولا يُمكننا تجاهل التكاليف الحقيقية لتوفير المياه. حيث تقدم الحكومة الدعم المرتفع والذي يبلغ قرابة 72% من التكلفة، الأمر الذي يدفع سلطة المياه الأردنية إلى الاقتراض لتغطية الفرق. كما يعتمد إنتاج الماء وتوزيعه على استخدام الطاقة بشكل كبير جداً. وتعتبر سلطة المياه الأردنية بهذا أكبر مستهلك منفرد للطاقة في الأردن، حيث تُشكل الطاقة أكثر من 40% من موازنة سلطة المياه وأكدت ان الحلول الاستراتيجية لن تقضي على المشكلة بل ستسكن أعراضها لفترة تطول أو تقصر، والحل النهائي رهن بأكثر من عامل: السيطرة على الازدياد المضطرد في عدد السكان وترشيد استهلاك المياه وتحلية مياه البحر. واوضحت ان الحلول الاستراتيجية مثل الحصاد المائي في الازرق والمفرق يقارب الـ 35 مليون متر مكعب يجمع نصفها في السدود الصحراوية القائمة ،بينما يضيع النصف الاخر بفعل التبخر. وان استغلال كامل الكمية سيكون كافيا لزراعة قرابة 100 ألف دونم من القمح مما سيسهم ايجابا في قطاعي الأمن الغذائي والتشغيل ناهيك عن الخدمات المرتبطة مثل النقل وتجارة الاسمدة والمبيدات والاليات الزراعية. وشددت هندية على توعية المواطنين للاستفادة من حصاد مياه الأمطار، وتخزينها بشكل مباشر للاستفادة منها في الاستخدامات المنزلية، ووضع القوانين والمواصفات الخاصة بهذا الموضوع. وقالت إن إدراك المواطنين لأهمية خطوات بسيطة كاستخدام مياه الاستحمام لسقاية النباتات يترك أثر إيجابي. بالاضافة الى ان الكثير يعمد إلى تركيب دورات مياه بتدفق مياه منخفض في المنازل والمساجد والمدارس، أو استخدام الري بالتنقيط. هنالك إنجازات تطبق في الحفاظ على المياه من خلال منهجيات زراعية رشيدة في الأردن. مثل مبادرة الزراعة المائية الخضراء التي من شأن الممارسات المائية ذات الكفاءة المائية والموفرة للتكاليف تحسين الإنتاج الزراعي. بعض المزارعين يستخدم بيوتاً بلاستيكية لزراعة الخس والزعتر على طريقة الزراعة المائية، حيث يستخدم ثلث الأرض وُيوفّر 90% من المياه، بالإضافة إلى توفير كمية كبيرة من الأسمدة ومبيدات الآفات الزراعية، فيما يُنتج محاصيل ذات نوعية أفضل. تحتاج كل نبتة خس منتجة على طريقة الزراعة المائية حوالي 7.5 لترات من المياه بينما تتطلب الزراعة التقليدية 40 لتراً من المياه لكل نبتة.
مدار الساعة ـ نشر في 2021/06/02 الساعة 12:38