قضية الفتنة.. إنتهت سياسياً وتبدأ قضائياً

مدار الساعة ـ نشر في 2021/06/02 الساعة 00:50
مدار الساعة - كتب: النائب السابق ابراهيم البدور

الاردن بلد مستقر سياسيا، فخلال الـ100 عام من عمر الدوله الاردنية لم نشهد اي محاولات داخل العائلة المالكه لزعزعة الحكم، فكان انتقال الحكم يسير بسلاسة وبدون اي لغط وكان الدستور الاردني هو الضامن لهذا الانتقال؛ حيث ان انتقال الحكم منصوص عليه بشكل واضح ويكون من الاب للابن الاكبر وهذا الذي حدث خلال جميع الفترات.
العائلة الحاكمة في الاردن تحظى بإرث تاريخي يمتد للرسول محمد (ص) ونسبها ثابت، واسلوب حكمها يقوم على الاندماج مع المجتمع والاحترام والتواضع، فلم يسجل عليه اراقة دماء ولا تصفيات جسدية ولا حتى انتقام من المعارضين، لا بل اصبح اشد المعارضين مشاركين في ادارة البلاد في مراحل مختلفة.
قضية الفتنة؛ والتي عادت للواجهة بعد نشر مقال مطول على صحيفة الغارديان البريطانية والتي روت قصة تحدثت في تفاصيل الازمة ووضحت نقاطاً كان الكل يسأل عنها، فنلاحظ كيف تم تفصيل ادوار اصحاب العلاقة في تلك القضية والتي قادها رئيس ديوان ملكي سابق وشريف من الاشراف بالتعاون مع جهات خارجية دولية واقليمية كان لها مصلحة في زعزعة الحكم في الاردن لكي يتوافق مع مخططاتها في المنطقة.
الجميع يعلم كمية الضغط الذي مورس على الملك عبدالله للقبول ببنود صفقة القرن والتي كان يقودها الرئيس الامريكي السابق ترامب وصهره كوشنير بالاتفاق مع رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو والتي كان جوهرها حل القضية الفلسطينة على حساب الاردن و تهديد الوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس واعطاء إسرائيل مساحات للحركة لتنفيذ مخططاتها في الضفة الغربية بشكل عام والقدس بشكل خاص خاصاً بعد نقل السفارة الامريكيه للقدس.
الملك عبدالله رفض هذه الضغوط ووقف وحيداً في لحظات معينة -بعد ان تم تحييد بعض الدول العربيه من خلال عقد اتفاقات سلام مع إسرائيل تحت الضغط الامريكي -وقام بجهد دبلوماسي وزيارات لكل الدول المؤثرة واقناعها بحل الدولتين الذي يضمن حماية للمصالح الفلسطينية والاردنية و تثبيت القدس كعاصمة للدوله الفلسطينية.
لكن يبدو ان ذلك الموقف لم يعجب اصحاب فكرة صفقة القرن واحسوا ان الملك عقبة في طريقهم لتحقيق مخططهم لذلك قرروا عمل فتنة في الاردن واستغلال الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد وخاصه مع ازمه كورونا العالمية والبحث عن فرصه لبدء المخطط والتي كانت إحداث مستشفى السلط حسب الصحفية البريطانية.
بعد ان تكشفت خيوط القضية وتم تحويلها للقضاء ممثلا بمحكمة امن الدوله اصبح الجميع ينتظر بدء جلسات المحاكمة والتي -حسب الجارديان -ستكون قريبة و خلال ايام وبذلك سيرى الاردنيون لائحة الاتهام مقرونة بالتسجيلات والوثائق وسيبدأ مارثون جلسات متوقع ان يكون فيه مفاجآت للجميع.
هذه القضية وتداعياتها اكدت ان الدولة بنظامها ومؤسساتها قوية وتستطيع افشال اي تآمر هدفه زعزعة امن الناس واللعب في بنيوية الدولة، ومع بدء المحاكمة وتحويل الملف الى القضاء سيتم الانتهاء سياسياً من ازمة خطيرة لم يشهدها هذا الجيل ولم يعشها الجيل السابق.
هذه جولة من التآمر تم كشفها، لكن يجب ان نبقى متيقظين لأي محاولات أخرى-لا سمح الله -وان نقيّم نقاط القوه ونقاط الضعف التي حدثت خلال الازمه وخاصةً دور الاعلام بحيث يتم بناء اعلام دولة يدافع عنها ويكون رأس الحربه في اي ازمات قادمة.

مدار الساعة ـ نشر في 2021/06/02 الساعة 00:50