أبعد من قضية نائب وأكبر من هيبة مجلس
مدار الساعة ـ نشر في 2021/05/31 الساعة 02:12
جاء مجلس النواب الحالي بارادة 29% من الناخبين بافتراض ان النواب جميعهم حصلوا على اصوات هذه النسبة بجهودهم دون الاستعانة باية عوامل مساعدة مادية او بشرية.
كان على المجلس فور التئامه ان يسعى لكسب ثقة السبعين بالمئة الذين لم يستطع اعضاؤه اقناعهم بانتخابهم، والطريق لكسب هذه الثقة اللازمة والمهمة معروف وواضح، واولى خطواته الاستفادة من العدد القليل من النواب الذين اوصلتهم قواعدهم المختلفة الاتجاهات والتوجهات لكنها بالنهاية تثق بهم وهذا هو المهم.
اضاع المجلس بكل أسف فرصة توسيع قاعدة النواب الجادين الذين لا مصالح خاصة لهم سوى تمثيل المواطنين بشكل حقيقي وحمل همومهم وما اكثرها.
المجلس بدلا من ان يرمم صورته، ظل يراوح بذات الطريق التقليدية التي تحول الاداء النيابي الى عمل وظيفي روتيني يقوم بالواجبات المنوطة باعضائه بالحد الادنى دون بذل اي قدر لافت من الجهد يتناسب مع حجم القضايا الضاغطة التي تثقل كاهل الشعب والبلد بشكل عام، وهو ما عمق الاحساس لدى المواطنين بان الامور لا تسير بالاتجاه الذي يوصل الى حلول لأية قضية مزمنة او طارئة.
النواب الذين لم يتخلوا عن واجبهم في البحث عن حلول تريح المواطنين وتخفف من معاناتهم، كانوا دينمو المجلس لم يهدأوا او يستسلموا، ولم تثنهم كل قوى الشد العكسي التي لا تكف عن عرقلة عملهم بدفع من قوى أكبر وبدوافع شخصية تتمثل في الغيرة والخوف من أن يكشف النشيطون كسلهم.
هو الشد العكسي عابرة للمجالس، تعودنا على وجودها ونعرف اهتماماتها التي كانت دوماً تعظيم الاستفادة من الموقع النيابي عبر تفاهمات مع الحكومات تقوم على عدم الازعاج وتمرير الرغبات التي تضع هموم المواطن في آخر الاولويات.
حادثة اقصاء النائب اسامة العجارمة كشفت قصورا كبيرا في التفكير والتدبير الاستراتيجي لدى مطبخ القرار الحكومي والبرلماني معا، اذ كان من الحصافة التفكير بتداعيات مثل هذا الاجراء، ووضع اكثر من سيناريو لردود الافعال الشعبية التي قد تذهب الى ما هو ابعد من مجرد مؤازرة نائب وقع عليه ظلم بسبب مواقفه المدافعة عن حقوق المواطنين، ولو اجري تمرين عملياتي لتقدير الموقف، يأخذ بالاعتبار نتائج مثل القرار خصوصا في هذا الظرف الدقيق الذي تمر به البلد بشكل عام وحجم المؤثرات الداخلية والخارجية، لا شك ان العدول عن قرار التجميد كان سيكون الخيار الاسلم، لكن التسرع والكبرياء الزائف دفعا اصحاب الرؤوس الحامية الى اتخاذ قرار ادى الى تفجر احتقان دفين، كان ينتظر مناسبة ليطفو على السطح على شكل احتجاجات عنوانها مؤازرة النائب العجارمة، لكن مروحة اهدافها طالت ما هو اوسع واشمل من قضية النائب.
ولان الشيء من معدنه لا يستغرب فقد جاءت معالجة تداعيات قرار تجميد عضوية النائب اسامة العجارمة منسجمة مع طريقة التفكير إياها التي اججت المشكلة وذهبت الى ذات الطريق البائس التي تقوم على الاتهامية، فخسرت الحكومة واتسعت شقة الخلاف وصار من الصعب جبر الكسر، اذ لم يعد يكفي لتبريد الحالة العودة عن قرار تجميد عضوية النائب العجارمة، لان الاحتجاجات تجاوزت الجانب الشخصي وصارت شأنا عاما يتناول قضايا كثيرة وكبيرة.
بعد التمادي في المكابرة علقت الحكومة والنواب على شجرة لا يمكن النزول عنها الا بالانصياع لمطالب النواب بالكشف عن الاسباب الحقيقية لانقطاع التيار الكهربائي ومعاقبة المسؤولين عن هذا الانقطاع وابداء احترام لرغبة مئة وثلاثين نائبا طالبوا طرد سفير الكيان الصهيوني، باعلان اتخاذ اي مستوى او درجة من درجات الاحتجاج الدبلوماسي المعروفة كحد ادنى، لان مثل هذه الاستجابة هي ما يحفظ هيبة مجلس النواب وليس تصيد مفردة خرجت من نائب في لحظة غضب.
اما الاصرار على قمع المحتجين واطلاق حملة تحريض رسمية وشعبية ضدهم واتهامهم بانهم ينفذون اجندات ضارة بالوطن تستهدف السلم الاهلي وتستقوي بالعشائرية وما الى ذلك من اساليب، تزيد الاحتقان وتأزم الموقف ولا تنهي المشكلة، وما هو اخطر من كل ذلك ان ما حدث يؤسس لما بعده، واذا تمت معالجته بنفس الطرق والأدوات السابقة يزيد التراكم ويصلح للبناء عليه، وهو ما لا تدركه حكومات ترحيل الازمات، التي ان استمر نهجها سنصل الى طريق مسدود يغلق ابواب الحلول ويفتح ابوابا لا يعرف احد مآلات دروبها.
الرأي
كان على المجلس فور التئامه ان يسعى لكسب ثقة السبعين بالمئة الذين لم يستطع اعضاؤه اقناعهم بانتخابهم، والطريق لكسب هذه الثقة اللازمة والمهمة معروف وواضح، واولى خطواته الاستفادة من العدد القليل من النواب الذين اوصلتهم قواعدهم المختلفة الاتجاهات والتوجهات لكنها بالنهاية تثق بهم وهذا هو المهم.
اضاع المجلس بكل أسف فرصة توسيع قاعدة النواب الجادين الذين لا مصالح خاصة لهم سوى تمثيل المواطنين بشكل حقيقي وحمل همومهم وما اكثرها.
المجلس بدلا من ان يرمم صورته، ظل يراوح بذات الطريق التقليدية التي تحول الاداء النيابي الى عمل وظيفي روتيني يقوم بالواجبات المنوطة باعضائه بالحد الادنى دون بذل اي قدر لافت من الجهد يتناسب مع حجم القضايا الضاغطة التي تثقل كاهل الشعب والبلد بشكل عام، وهو ما عمق الاحساس لدى المواطنين بان الامور لا تسير بالاتجاه الذي يوصل الى حلول لأية قضية مزمنة او طارئة.
النواب الذين لم يتخلوا عن واجبهم في البحث عن حلول تريح المواطنين وتخفف من معاناتهم، كانوا دينمو المجلس لم يهدأوا او يستسلموا، ولم تثنهم كل قوى الشد العكسي التي لا تكف عن عرقلة عملهم بدفع من قوى أكبر وبدوافع شخصية تتمثل في الغيرة والخوف من أن يكشف النشيطون كسلهم.
هو الشد العكسي عابرة للمجالس، تعودنا على وجودها ونعرف اهتماماتها التي كانت دوماً تعظيم الاستفادة من الموقع النيابي عبر تفاهمات مع الحكومات تقوم على عدم الازعاج وتمرير الرغبات التي تضع هموم المواطن في آخر الاولويات.
حادثة اقصاء النائب اسامة العجارمة كشفت قصورا كبيرا في التفكير والتدبير الاستراتيجي لدى مطبخ القرار الحكومي والبرلماني معا، اذ كان من الحصافة التفكير بتداعيات مثل هذا الاجراء، ووضع اكثر من سيناريو لردود الافعال الشعبية التي قد تذهب الى ما هو ابعد من مجرد مؤازرة نائب وقع عليه ظلم بسبب مواقفه المدافعة عن حقوق المواطنين، ولو اجري تمرين عملياتي لتقدير الموقف، يأخذ بالاعتبار نتائج مثل القرار خصوصا في هذا الظرف الدقيق الذي تمر به البلد بشكل عام وحجم المؤثرات الداخلية والخارجية، لا شك ان العدول عن قرار التجميد كان سيكون الخيار الاسلم، لكن التسرع والكبرياء الزائف دفعا اصحاب الرؤوس الحامية الى اتخاذ قرار ادى الى تفجر احتقان دفين، كان ينتظر مناسبة ليطفو على السطح على شكل احتجاجات عنوانها مؤازرة النائب العجارمة، لكن مروحة اهدافها طالت ما هو اوسع واشمل من قضية النائب.
ولان الشيء من معدنه لا يستغرب فقد جاءت معالجة تداعيات قرار تجميد عضوية النائب اسامة العجارمة منسجمة مع طريقة التفكير إياها التي اججت المشكلة وذهبت الى ذات الطريق البائس التي تقوم على الاتهامية، فخسرت الحكومة واتسعت شقة الخلاف وصار من الصعب جبر الكسر، اذ لم يعد يكفي لتبريد الحالة العودة عن قرار تجميد عضوية النائب العجارمة، لان الاحتجاجات تجاوزت الجانب الشخصي وصارت شأنا عاما يتناول قضايا كثيرة وكبيرة.
بعد التمادي في المكابرة علقت الحكومة والنواب على شجرة لا يمكن النزول عنها الا بالانصياع لمطالب النواب بالكشف عن الاسباب الحقيقية لانقطاع التيار الكهربائي ومعاقبة المسؤولين عن هذا الانقطاع وابداء احترام لرغبة مئة وثلاثين نائبا طالبوا طرد سفير الكيان الصهيوني، باعلان اتخاذ اي مستوى او درجة من درجات الاحتجاج الدبلوماسي المعروفة كحد ادنى، لان مثل هذه الاستجابة هي ما يحفظ هيبة مجلس النواب وليس تصيد مفردة خرجت من نائب في لحظة غضب.
اما الاصرار على قمع المحتجين واطلاق حملة تحريض رسمية وشعبية ضدهم واتهامهم بانهم ينفذون اجندات ضارة بالوطن تستهدف السلم الاهلي وتستقوي بالعشائرية وما الى ذلك من اساليب، تزيد الاحتقان وتأزم الموقف ولا تنهي المشكلة، وما هو اخطر من كل ذلك ان ما حدث يؤسس لما بعده، واذا تمت معالجته بنفس الطرق والأدوات السابقة يزيد التراكم ويصلح للبناء عليه، وهو ما لا تدركه حكومات ترحيل الازمات، التي ان استمر نهجها سنصل الى طريق مسدود يغلق ابواب الحلول ويفتح ابوابا لا يعرف احد مآلات دروبها.
الرأي
مدار الساعة ـ نشر في 2021/05/31 الساعة 02:12