دستورية مشروع قانون ديوان المحاسبة
مدار الساعة ـ نشر في 2021/05/27 الساعة 02:41
أرجأ مجلس الأعيان قبل أيام مناقشة مشروع القانون المعدل لقانون ديوان المحاسبة، حيث قدم بعض أعضائه مقترحا يقضي باستفتاء المحكمة الدستورية حول دستورية بعض نصوصه الواردة فيه، والتي تتعلق بمنح حصانة لرئيس ديوان المحاسبة من عدم تحريك الإجراءات الجزائية بحقه إلا بموافقة مجلس النواب، بالإضافة إلى منحه رتبة وراتب وزير.
إن صلاحيات المحكمة الدستورية تتمثل في الرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة. وهذه الرقابة قضائية محضة تمارس بعد صدور التشريع وصيرورته نافذا، حيث يثبت تحريكها لجهات سياسية هي مجلس الأمة بشقيه الأعيان والنواب ومجلس الوزراء. كما يمكن الدفع بعدم دستورية القانون أو النظام النافذ من خلال دعوى قضائية مقامة أمام محاكم الموضوع على اختلاف أنواعها ودرجاتها.
إن المحكمة الدستورية في الأردن لا يثبت لها الاختصاص بممارسة رقابة مسبقة على مشاريع القوانين. فهي لا تملك سلطة التحقق من مدى توافق نص في مشروع قانون أو نظام مع أحكام الدستور، وذلك ضمن ما يُعرف بالرقابة المسبقة. إلا أن المتتبع لقرارات المحكمة الدستورية منذ إنشائها، يجد بأنها تمارس رقابة مسبقة على مشاريع القوانين والأنظمة من خلال صلاحيتها في تفسير نصوص الدستور. فكثير هي الحالات التي جرى فيها الطلب من المحكمة الدستورية تفسير نص دستوري معين، بهدف تقرير مدى دستورية مشروع قانون أو نظام يراد إصداره.
ففي عام 2014، تم الطلب من المحكمة الدستورية تفسير نصوص دستورية تتعلق بالمركز القانوني لعضو مجلس الأمة من أعيان ونواب، وذلك من أجل الوقوف على دستورية مشروع القانون المعدل لقانون التقاعد المدني لعام 2014، الذي رفض جلالة الملك التصديق عليه.
فمن خلال قرارها التفسيري الذي قضى بأن عضو مجلس الأمة لا يعتبر موظفا عاما، راقبت المحكمة الدستورية على دستورية مشروع القانون المعدل، والذي اعتبر ضمنا بأنه غير دستوري. ولا أدل على ذلك أن مجلس الأمة في ذلك الوقت لم يمارس حقه المقرر في المادة (93/4) من الدستور، الذي يعطيه سلطة تجاوز رفض الملك التصديق على مشروع القانون المعدل لقانون التقاعد المدني. فمشروع القانون المرفوض ملكيا لم يُعد إرساله إلى مجلس الأمة، بسبب القرار التفسيري للمحكمة الدستورية، الذي اُعتبر بمثابة إعلان لعدم دستوريته.
وفي عام 2015، أصدرت المحكمة الدستورية قرارا تفسيريا للمادة (121) من الدستور، وذلك بمناسبة النقاش الذي دار حول عدم دستورية إصدار اللامركزية بقانون، حيث تعالت الأصوات في تلك الفترة تطالب بإصدار اللامركزية بنظام. فكان القرار التفسيري الذي أصدرته المحكمة الدستورية بمثابة رقابة مسبقة على مشروع قانون اللامركزية المقدم من الحكومة في تلك الفترة.
واليوم قد يُطلب من المحكمة الدستورية البت في دستورية مشروع القانون المعدل لديوان المحاسبة، من خلال الطلب منها تفسير النصوص الدستورية ذات الصلة بالحصانة النيابية، وحق جلالة الملك في منح الأوسمة وألقاب الشرف.
إن الرقابة المسبقة على مشاريع القوانين لا تقل أهمية عن الرقابة اللاحقة التي تمارس بعد صدور القانون. بالتالي، يجب مراجعة النصوص الناظمة لعمل المحكمة الدستورية لصالح تقرير هذا الحق لها بشكل صريح، والتوقف عن استعمال صلاحيتها في التفسير لغايات ممارسة هذه الرقابة المسبقة. فتفسير نصوص الدستور يختلف في مكنونه وطبيعته عن البت في دستورية مشاريع القوانين المقدمة إلى مجلس الأمة.
الرأي
إن صلاحيات المحكمة الدستورية تتمثل في الرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة. وهذه الرقابة قضائية محضة تمارس بعد صدور التشريع وصيرورته نافذا، حيث يثبت تحريكها لجهات سياسية هي مجلس الأمة بشقيه الأعيان والنواب ومجلس الوزراء. كما يمكن الدفع بعدم دستورية القانون أو النظام النافذ من خلال دعوى قضائية مقامة أمام محاكم الموضوع على اختلاف أنواعها ودرجاتها.
إن المحكمة الدستورية في الأردن لا يثبت لها الاختصاص بممارسة رقابة مسبقة على مشاريع القوانين. فهي لا تملك سلطة التحقق من مدى توافق نص في مشروع قانون أو نظام مع أحكام الدستور، وذلك ضمن ما يُعرف بالرقابة المسبقة. إلا أن المتتبع لقرارات المحكمة الدستورية منذ إنشائها، يجد بأنها تمارس رقابة مسبقة على مشاريع القوانين والأنظمة من خلال صلاحيتها في تفسير نصوص الدستور. فكثير هي الحالات التي جرى فيها الطلب من المحكمة الدستورية تفسير نص دستوري معين، بهدف تقرير مدى دستورية مشروع قانون أو نظام يراد إصداره.
ففي عام 2014، تم الطلب من المحكمة الدستورية تفسير نصوص دستورية تتعلق بالمركز القانوني لعضو مجلس الأمة من أعيان ونواب، وذلك من أجل الوقوف على دستورية مشروع القانون المعدل لقانون التقاعد المدني لعام 2014، الذي رفض جلالة الملك التصديق عليه.
فمن خلال قرارها التفسيري الذي قضى بأن عضو مجلس الأمة لا يعتبر موظفا عاما، راقبت المحكمة الدستورية على دستورية مشروع القانون المعدل، والذي اعتبر ضمنا بأنه غير دستوري. ولا أدل على ذلك أن مجلس الأمة في ذلك الوقت لم يمارس حقه المقرر في المادة (93/4) من الدستور، الذي يعطيه سلطة تجاوز رفض الملك التصديق على مشروع القانون المعدل لقانون التقاعد المدني. فمشروع القانون المرفوض ملكيا لم يُعد إرساله إلى مجلس الأمة، بسبب القرار التفسيري للمحكمة الدستورية، الذي اُعتبر بمثابة إعلان لعدم دستوريته.
وفي عام 2015، أصدرت المحكمة الدستورية قرارا تفسيريا للمادة (121) من الدستور، وذلك بمناسبة النقاش الذي دار حول عدم دستورية إصدار اللامركزية بقانون، حيث تعالت الأصوات في تلك الفترة تطالب بإصدار اللامركزية بنظام. فكان القرار التفسيري الذي أصدرته المحكمة الدستورية بمثابة رقابة مسبقة على مشروع قانون اللامركزية المقدم من الحكومة في تلك الفترة.
واليوم قد يُطلب من المحكمة الدستورية البت في دستورية مشروع القانون المعدل لديوان المحاسبة، من خلال الطلب منها تفسير النصوص الدستورية ذات الصلة بالحصانة النيابية، وحق جلالة الملك في منح الأوسمة وألقاب الشرف.
إن الرقابة المسبقة على مشاريع القوانين لا تقل أهمية عن الرقابة اللاحقة التي تمارس بعد صدور القانون. بالتالي، يجب مراجعة النصوص الناظمة لعمل المحكمة الدستورية لصالح تقرير هذا الحق لها بشكل صريح، والتوقف عن استعمال صلاحيتها في التفسير لغايات ممارسة هذه الرقابة المسبقة. فتفسير نصوص الدستور يختلف في مكنونه وطبيعته عن البت في دستورية مشاريع القوانين المقدمة إلى مجلس الأمة.
الرأي
مدار الساعة ـ نشر في 2021/05/27 الساعة 02:41