وائل..

مدار الساعة ـ نشر في 2021/05/18 الساعة 00:38
.... أنا يهمني أن يكون (وائل الدحدوح) في المشهد، يهمني أن يكون هو من يغطي الأحداث في غزة...لا أعرف لماذا كلما ظهر وجهه في الصورة أعطاني جرعة من التفاؤل..يصاحبها رشقة من الصواريخ...

وائل لا يبث الأخبار فقط، بل يحدثنا عن القصف ونوعيته، صار يعرف أنماط القصف المدفعي والصاروخي، والأهم أنه يحدد لك المناطق في غزة، ويميز بين طائرات الإستطلاع وبين الطائرات النفاثة...ويميز بين قذائف التحذير وقذائف التدمير، لدرجة أنني البارحة وأنا أتناول طعام الغذاء، أحسسته معي (يغمس) الباميا، كنت أتمنى أن يخرج من الشاشة ويتناول الطعام معي،ويخبرني بما لم يتحدث به على الشاشة...

المجتمعات الحية، لاتقدم لك احترافا في الحرب فقط، بل تقدم لك احترافا في الإعلام أيضا...ووائل من غزة، وبحسب معلوماتي هو يعشق السمك ويعشق (الدقة) الغزاوية، وقد قيل لي عنه أيضا أنه أحد أبناء المخيمات هناك...ويترك البث في موعد الصلاة، وقد أطلق اللحية مؤخرا لأنه لم يعد يملك وقتا لحلاقتها، ويرتدي سترة واقية وخوذة للحماية...وللعلم هو لم يجلس يوما في استديو، ولم يقوموا بوضع المكياج على وجهه..هو ليس من الذين يحتاجون لكم هائل من البودرة والمساحيق قبل نشرة الأخبار، أجزم أن الرمل في غزة وغبار القذائف يجعل الوجه أجمل وا?صوت أجمل والقلب أنقى...

أنا أريد أن أذهب إلى غزة حين تنتهي الحرب لزيارة (وائل الدحدوح)..أريد أن أجلب له هدية، وائل أصلا لو أحضرت له أجمل ربطات العنق وأثمن أنواع (الكافلنجز) فلن يهتم لها..لأن من أمضى العمر بين حرب وحرب، وبين قصف وقصف..لا تهمه هذه الأمور، هو يهتم بالجميد الكركي، حسنا سأحمل له كميات هائلة من الجميد...وسأشتري له أجمل (دشداشة) من البلد وأعرف أن مقاسه كبير، وسأحضر له البهارات..وسأجمع له ألف توقيع من الناس التي كانت تستمع له هنا وتتابعه، ألف توقيع على عريضة..نؤكد من خلالها أنه أحد أبطال غزة...وأريد أن نجلس على الرمل ونش?ل نارنا، ونتحدث بما تستحقه اللحظة...ونشم بقايا رائحة البارود، قال لي أصدقاء من غزة: أن رائحة البارود بعد انتهاء الحرب تبقى في الأحياء...فلنشمها يا وائل، ولنذهب إلى البحر في (بكم)...أصلا لا خلاف بين غزة والكرك فالناس هنا وهناك بينهم قاسم مشترك واحد هو البساطة والكبرياء...

ليكن بمعلومك أنا أعاني من القولون، ولتكن (القلاية) التي سنطبخها على الرمل من دون (شطة)...إذا أردت فضع الشطة على جانبك، أن تكفيني حرارة الأيام...وحرارة ما شاهدت وحرارة الشهادة والصمود...(الشطة) في الروح مذاقها أجمل من اللسان...

سنغير اسم وائل سنعطيه لقبا..وائل الحبوب، سنناديه الحبوب...لأنه بالرغم من النار والحرب والشهادة، يبقى يأسرك باحترافه وصموده وقوته...

المشكلة أن لدينا على الساحة بعض من يغمرون وجوههم (بالبودرة) ويخرجون على شاشات الترف الرسمي، ويرتدون (ماسيمو دوتي)..ويطلقون على أنفسهم لقب (إعلامي)..ويقولون لنا أنهم يقاتلون باسم الوطن...وائل الدحدوح ماذا مكان يفعل في غزة إذا؟...نظلمه إن قلنا عنه وائل المذيع....هو كتيبة كاملة من الموقف والنار والبارود...وائل بحد ذاته مواقفه كانت أقوى من مواقف جامعة الدول العربية من لحظة تأسيسها..

حماك الله يا وائل الحبوب.

Abdelhadi18@yahoo.com

الرأي
  • صورة
  • أخبار
  • معلومات
  • لب
  • الكرك
  • لحظة
  • عربية
مدار الساعة ـ نشر في 2021/05/18 الساعة 00:38