نبهان: خرق الخصوصية جريمة يعاقب عليها القانون
مدار الساعة - كتب: المحامي محمد نبهان
لكل منا حياته الخاصة او ما يسمى بالخصوصيات, فيحرص كل شخص على ابقاء بعض الجوانب من حياته له وحده ولا يحب ان يعرف عنها احد حتى اقرب المقربين منه, وحتى بين الازواج انفسهم فهنالك خط رسمه قانون العقوبات في البداية واكد عليه قانون الاتصالات وزاد من التاكيد قانون الجرائم الالكترونية, ففحوى هذه الحماية ان لكل طرف من العلاقة الزوجية جانباً خاصاً لا يجوز لاي منهما ان يتعداه.
قد يقول قائل ان لا خصوصية بين الازواج ويجب على الشركاء في العلاقة الزوجية ان يعرفا كل شيء عن بعضهما البعض, اقول لهذا القائل ان لكل شخص خصوصيات وهي منبثقة من حريته التي اعطاها اياه الله سبحانه وتعالى, فالرجل له اسرار ومواضيع يطرحها مع اصدقائه لا يستطيع ان يخبر زوجته عنها ايضا اسرار اهل الزوج واسرار اهلها هي كلها امور تبقى خارج اطار المصارحات الزوجية فالزوج يريد احيانا ان يساعد اهله واقرباءه ماديا وكذلك الزوجة اذا كانت مقتدرة فلا داعي ان يعلم احدهما الاخر خصوصا اذا كان يعرف او تعرف ان الامر قد يزعج احدهما, فما قيمة انسان بدون خصوصيات فهو يعتبر انساناً مستباحاً ولا يملك ادنى قيمة لحياته, فكما قيل سابقا البيوت اسرار فايضا الاشخاص لهم اسرار وهذا ما يميز الانسان عن غيره من المخلوقات.
بعد هذه المقدمة العامة, ساطرح الموضوع من الناحية القانونية وكيف حمى القانون الاردني هذا الحق من الاعتداء وهو حق الخصوصية الفردية, قال الله -عز وجل- في كتابه الكريم: {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها} سورة النور. وقال سبحانه: {ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا} سورة الحجرات.
فقبل حوالي اربعة عشر قرنا وقبل جميع القوانين الحديثة شرع الاسلام مبدا الحفاظ على خصوصة الاشخاص ولكي لا نبتعد عن الموضوع كثيرا, فالاسلام كدين شامل جعل للزوج او الزوجة خصوصيات لا يجوز ان يعرفا عنها, فعلاقة الام مع ابنتها هي علاقة خاصة لا يستطيع الزوج ان يقحم نفسه فيها وايضا علاقة زوجته بصديقاتها وكلامهن معها عن مشاكلهن الشخصية من باب المشاورة او الفضفضة وعدة امور هي تعتبر خطا احمر لا يستطيع الزوج اجبار زوجته على اخباره اياها.
في العام 1984م صدر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وينص في المادة 15 منه: "لا يُعرَّض أي شخص لتدخل تعسفي في حياته الخاصة أو أسرته أو مسكنه أو رسائله، أو شن حملات على شرفه وسمعته، ولكل شخص الحق في طلب حماية القانون له من مثل هذه التدخلات أو تلك الحملات"
وايضا جاء الدستور الاردني حاميا للخصوصيات الفردية ففي المادة العاشرة منه نص على ان للمساكن حرمة، فلا يحق دخولها الا في الاحوال المبينة في القانون، وبالكيفية المنصوص عليها فيه وايضا المادة عشرون نصت على اعتبار جميع المراسلات البريدية والبرقية والمخاطبات الهاتفية سرية فلا تخضع للمراقبة او التوقيف الا في الاحوال المعينة في القانون.
وبعد سرد موجز عن موقف الاسلام كدين للمملكة واهم الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها الاردن وموقف الدستور الذي يحدد العلاقة الشمولية بين الافراد فيما بينهم والدولة يتضح لنا ان هنالك اجماعاً على حماية خصوصية الفرد او المواطن وان من اهم واجبات الدولة اذا سلمنا بصحة نظرية العقد الاجتماعي هو حماية خصوصية الافراد بشكل عام, ولكن ما هو الموقف القانوني لحماية الخصوصية بين الازواج ؟ و ما هي الحياة الخاصة اساسا؟
ان القانون لم يعرّف ماهية الحياه الخاصة بشكل دقيق ومفهوم, ولكن نستطيع عكس المفهوم لكي تتضح لنا الفكرة, فالحياة الخاصة هي ليست الحياة العامة, فالانسان بعمله وبين الناس وبعلاقاته العامة عبارة عن كتاب مفتوح ولكن هذا الكتاب يحتوي على صفحات سرية لا يستطيع ان يطلع عليها احد هي ليست سرية لانه يخبئ سرا عظيما يتعلق باحد اسرار الكون او العلم او اي موضوع اخر بل هو مجرد حق للشخص ان يترك وشانه, فعبارة اتركني وشاني هي التجسيد الحقيقي لفكرة الخصوصية.
حمى المشرع الاردني الاعتداء على الخصوصية ووضع عقوبات للشخص المعتدي عليها في 3 مواد قانونية في ثلاثة قوانين هي قانون العقوبات وقانون الاتصالات وقانون الجرائم الالكترونية وعاقب مرتكب هذه الجرائم لردعه عن ارتكاب مثل هذه الافعال وذلك لردع كل من تسول له نفسه ان يتجسس على المكالمات الهاتفية بالاستماع او التسجيل او يسترق النظر او يستعمل اجهزة الكترونية كالهواتف والكمبيوترات دون اذن او موافقة من الشخص الذي ترتكب بحقه مثل هذه الافعال المجرمة, والسؤال الذي يطرح نفسه في هذه اللحظة ما هي هذه الافعال المجرمة واين وردت في القوانين الثلاثة سالفة الذكر, وهل سبق ان حوكم شخص وادين بسبب التجسس واستراق النظر على زوجته او العكس والجواب السريع قبل الخوض في غمار الموضوع نعم قد سبق ذلك, والسبب يعود ان القانون قد يراعي بعض الامور المتعلقة بالعادات والتقاليد من خلال سلطة القاضي التقديرية ولكنه بذات الوقت واضح ومجرد من اي مشاعر وأحاسييس فبمجرد اكتمال اركان الجرم القانونية و ثبوت حدوثه يحكم الشخص و بغض النظر عن علاقته بالشخص الاخر لاسيما في حالة الاعتراف الواضحة.
في ظل التطور التكنولوجي اصبح لدينا حياتان, حياة عادية واقعية و حياة افتراضية نعيشها على شكبة الانترنت و اصبحنا نتواصل مع بعضنا البعض من خلال هذه الشبكة, فتصلك اخبار اصدقائك واقاربك وتتحدث معهم وانت مكانك واصبح لدى الشخص عالمان عالم في الحياة العادية وعالم في جيبه الا وهو الهاتف المحمول او جهاز الكمبيوتر, والسؤال المتعلق بالموضوع هل حمى المشرع الاردني حياة الاشخاص وخصوصيتهم على الشبكة الالكترونية؟
للاجابة عن هذا التساؤل سنذهب الان صوب القانون الاول الذي يحمي الحياة الخاصة للافراد عبر الشبكة الالكترونية وهو قانون الجرائم الالكترونية وتحديدا في المادة 3 منه، وفق ما اطلعت مدار الساعة، والتي تنص على : -
المادة 3
أ- يعاقب كل من دخل قصداً إلى الشبكة المعلوماتية أو نظام معلومات باي وسيلة دون تصريح أو بما يخالف أو يجاوز التصريح، بالحبس مدة لا تقل عن أسبوع ولا تزيد على ثلاثة اشهر أو بغرامة لا تقل عن (100) مائة دينار ولا تزيد على (200) مائتي دينار أو بكلتا هاتين العقوبتين.
ب- اذا كان الدخول المنصوص عليه في الفقرة (أ) من هذه المادة لإلغاء أو حذف أو إضافة أو تدمير أو إفشاء أو إتلاف أو حجب أو تعديل أو تغيير أو نقل أو نسخ بيانات أو معلومات أو توقيف أو تعطيل عمل الشبكة المعلوماتية أو نظام معلومات الشبكة المعلوماتية فيعاقب الفاعل بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة اشهر ولا تزيد على سنة وبغرامة لا تقل عن (200) مائتي دينار ولا تزيد على (1000) الف دينار.
ج- يعاقب كل من دخل قصداً إلى موقع الكتروني لتغييره أو إلغائه أو إتلافه أو تعديل محتوياته أو إشغاله أو انتحال صفته أو انتحال شخصية مالكه بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد على سنة وبغرامة لا تقل عن (200) مائتي دينار ولا تزيد على (1000) الف دينار.
ورد تعريف نظام المعلومات في المادة السابقة في ذات القانون في المادة الثانية منه : نظام المعلومات: مجموعة البرامج والأدوات المعدة لإنشاء البيانات أو المعلومات الكترونيا، أو إرسالها أو تسلمها أو معالجتها أو تخزينها أو إدارتها أو عرضها بالوسائل الإلكترونية.
فهواتفنا الخلوية و اجهزة الحاسوب او اي جهاز اخر يعمل على تشغيل انظمة المعلومات و لا يحق لاي كان ان يستخدم هذه النظام الا باذن من صاحب النظام, فالمادة الثالثة من قانون الجرائم الالكترونية جرمت الدخول بدون اذن في الفرع أ ثم شددت العقوبة في الفرع ب على الحدف و التلاعب و الإلغاء أو الحذف أو الإضافة أو التدمير أو الإفشاء أو الإتلاف أو الحجب أو التعديل أو التغيير أو النقل أو النسخ للبيانات أو المعلومات أو التوقيف أو التعطيل للمحتويات و في الفرع ج يشدد القانون العقوبة على من يتلاعب بمحتويات الموقع الالكتروني و انتحال الشخصية و هذه الامور جميعها تدخل في باب حماية الحياة الخصوصية للافراد و المؤسسات و لكن و حسب الموضوع التي نتناوله ما هو وضع الازواج من هذا الموضوع فهل يحق للزوج الاطلاع على هاتف زوجتها دون اذنها او العكس؟ افضل اجابة هو النظر للموضوع من خلال احدى التطبيقات القضائية القانونية من خلال قضائنا الاردني.
القضية رقم */2020 حيث استعمل احد الازواج الايميل الالكتروني لزوجته دون اذنها و انتحل شخصيتها و جاء في القرارحسب اقوال الزوجة المشتكية: -
اعرف المشتكى عليه من السابق بحكم انه زوجي وان الزوجية لا زالت قائمة ويوجد محاكم بيني وبينه وهي قضية خلع واذكر انه ومن تاريخ 10/1/2020 قمت بالخروج من منزل الزوجية وقمت بترك الهاتف الخلوي العائد لي داخل المنزل وكان على الهاتف الخلوي واتس اب وفيس بوك يعود لي ومن بداية سنة 2020 او اخر عام 2020 اصبح يردني اتصالات يتم اخباري بها بان حسابي على الفيس بوك فعال واكتشفت بان المشتكى عليه قام بالدخول الى حسابي واستخدامه وبعد ذلك لجات الى الجرائم الالكترونية وقمت بتقديم الشكوى في بداية عام 2020 علما بان المشتكى عليه ومن تاريخ 10/1/2020 قام بتغيير زرفيل الباب ولم يسمح لي بالدخول الى المنزل علما بانني لم اقم بمطالبته بالهاتف الخلوي العائد لي وانني اشتكي على المشتكى عليه واطلب مجازاته قانونا .. وبعد خروجي من المنزل رجعت مع عمتي واخذت اغراضي وكان ذلك بحضور المشتكى عليه.
وبالرجوع الى شهادة المشتكية تجد المحكمة ان المشتكية لم تسلم الهاتف للمشتكى عليه وايضا لم تقم بالمطالبة به الامر الذي يتوجب اعلان عدم مسؤولية المشتكى عليه عن هذا الجرم .
عليه وسندا لما تقدم تقرر المحكمة:
عملا بأحكام المادة (178) من قانون أصول المحاكمات الجزائية اعلان براءة المشتكى عليه بجنحة الدخول قصدا الى موقع الكتروني بقصد انتحال شخصية مالكه لعدم قيام الدليل القانوني .
بعد او اوردنا كيف يحمي قانون الجرائم الالكترونية خصوصية الافراد سنتحدث الان عن قانون العقوبات حيث نص قانون العقوبات لسنة 1960 في المادة 348 مكررة:-
يعاقب بناء على شكوى المتضرر بالحبس مدة لا تقل عن ستة اشهر وبالغرامة مائتي دينار كل من خرق الحياة الخاصة للآخرين باستراق السمع أو البصر بأي وسيلة كانت بما في ذلك التسجيل الصوتي أو التقاط الصور أو استخدام المنظار ، وتضاعف العقوبة في حال التكرار.
من الناحية القانونية لكل جريمة ثلاثة اركان لا بد من التاكد من توافرها قبل الحكم على اي شخص وهي الركن القانوني والركن المادي والركن المعنوي فهذا النص الذي يعتبر بمثابة الركن القانوني للجريمة فيعاقب اي شخص يعتدي على الحياة الخاصة للاخرين والمقصود بالاخرين هو اي شخص اخر ولم يحدد القانون طبيعة العلاقة بين مرتكب الجريمة وبين الضحية بالتالي هي تنطبق على حالة الازواج وهذا ليس قياسا لان القياس ممنوع في قانون العقوبات فلا جريمة ولا عقوبة الا بنص قانوني يبن ويصف الفعل المجرم بكل دقة, فالركن المادي بهذا الجرم هو استراق السمع او البصر والاستراق ياتي هنا من السرقة اي ان المجرم يتسمع و يتسرق للسمع و البصر دون رضا الضحية وبالخلسة و باي وسيلة كانت بالتسجيل الصوتي او الصور او الفيديو او المنظار وعبارة أي وسيلة تعني اي وسيلة مشابهة لهذه الادوات تستخدم للتلصلص السمعي او البصري و الركن المعنوي لهذه الجريمة هو القصد او نيه مرتكب الجريمة في استراق السمع او البصر فلو كان هنالك شخصا يسجل اصوات العصافير في الطبيعة او يقوم بعمل فيديو وثائقي وبالصدفة تم تسجيل محادثات لشخص آخر وصور اموراً ليس عليه تصويرها بالصدفة فلا يعاقب هذا الشخص لان العبرة بنية ارتكاب الجريمة لا بحدوثها واقرب مثال يطرح للركن المعنوي للجريمة لكي يفهم القارئ غير القانوني ماذا يقصد بالركن المعنوي, هو حادث السير غير المقصود الذي قد يموت شخص جراء الحادث فهل يعني أن السائق يعتبر قاتلاً؟ من الناحية الواقعية هو قاتل ولكن من الناحية القانونية ينظر الى القصد الجرمي فهو هنا مجرم بالصدفة وبدون ارادة منه وهذه الارادة لارتكاب الجرم هي تجسد المعنى الحقيقى لمفهوم الركن المعنوي.
فقد حكمت محكمة صلح جزاء المفرق في حكمها رقم */2017 " بالتدقيق : تجد المحكمة إن واقعة الشكوى الثابتة لها تتلخص :- وخلال شهر رمضان المبارك لعام 2017 بقيام المشتكى عليه بالتطلع من خلال ثقب في الحمام على زوجته كما قام بوضع كاميرا داخل الحمام في منزله وتم ضبطها لاحقا وبناء على ذلك قدمت الشكوى وجرت الملاحقة." وفي هذا الحكم اعترف المشتكى عليه بالجرم المسند اليه حيث قال " واذكر قبل شهر رمضان باسبوعين كانت زوجتي داخل الحمام وسمعت اصواتاً وهناك ثقب بباب الحمام وتطلعت من خلال هذا الثقب" و جاء في شهادة الشاهد الماخوذه تحت القسم القانوني على المحضر رقم "7" من محاضر هذه القضية (...لقد شاهدت الكاميرا داخل الحمام في منزل المشتكى عليه علي وقد تقدمت المشتكية بالشكوى الى المركز الامني وتم ضبط الكاميرا من قبل ضابط الشرطة ...)" وبتطبيق القانون على الافعال المرتكبة من المشتكى عليه والمتمثلة بالاطلاع على زوجته وهي في الحمام من خلال ثقب وتركيب كاميرا داخل الحمام تشكل كافة اركان وعناصر جرم استراق البصر خلافا لإحكام المادة 348 من قانون العقوبات مكررة من قانون العقوبات مما يستوجب ادانته عن هذا الجرم.
" " عملا بأحكام المادة (177) من قانون أصول المحاكمات الجزائية إدانة المشتكى عليه بالجرم المسند إليه وهو استراق البصر خلافا لإحكام المادة 348 من قانون العقوبات مكررة من قانون العقوبات وعملا بأحكام ذات المادة الحكم عليه بالحبس لمدة ثلاثة أشهر والرسوم."
لقد جاء حكم محكمة صلح جزاء المفرق صارما و واضحا فقط اكتملت اركان الجرم واعترف الزوج المشتكى عليه ولم يشفع له القانون كونه زوج المشتكية, لانه اعتدى على خصوصية زوجته واسترق النظر اليها في مكان يجب على الانسان ان يكون به وحده بالتالي هو لم يتركها وشانها, قد يقول قائل انها زوجته ومحلل عليه رؤيتها عارية فلماذا عوقب؟ الجواب لهذا السؤال بديهي لانه استرق النظر دون علمها وركب كاميرا فاي زوج صالح يقوم بمثل هذه الافعال؟
وفي قرار اخر لمحكمة صلح جزاء غرب عمان رقم */2020 جاء فيه " تقدمت المشتكية بشكواها وادعت ان زوجها المشتكى عليه قام بتصويرها بملابس النوم دون علمها او رضاها رغم من انها محجبة وتقيم فرائض الصلاة وقام بنشرها على حساب فيس بوك باسم وهمي وبريد الكتروني وهمي وقام ايضاً بإرسال هذه الصور الى ابن اخت المشتكية وبنت المشتكية واشخاص اخرين"
وقد تم الحكم عليه بالقرار الاتي" عملاً بأحكام المادتين (348 مكرر و52) من قانون العقوبات إسقاط دعوى الحق العام عن المشتكى عليه عن جرم خرق حرمة الحياة الخاصة تبعاً لإسقاط المشتكية حقها الشخصي وتضمين المشتكي رسم الاسقاط." اي ان هذه القضية انتهت بتنازل الطرف المشتكي.
والملفت للنظر ان جرائم خرق الحياة الخاصة من الممكن ان تكون بين الازواج وخصوصا اذا نعسف وتهور احد اطراف العلاقة الزوجية بها, فلكل منا حياة خاصة لا بد من ان يحترمها الاخرون تحت طائلة العقاب وحتى لو كان اقرب الاقربين من الشخص تجسيدا للمثل المعروف تنتهي حريتك عندما تبدا حرية الاخرين.
والقانون الاخير الذي حمى الحياة الخاصة للافراد هو قانون الاتصالات رقم 13 لسنة 1995 وخصوصا المادة (71) منه حيث نصت على أنه : (كل من نشر او شاع مضمون أي اتصال بواسطة شبكة اتصالات عامة او خاصة رسالة هاتفية اطلع عليها بحكم وظيفته او قام بتسجيلها دون سند قانوني يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على سنة او بغرامة لا تقل عن (100) دينار ولا تزيد على (300) دينار او بكلتا هاتين العقوبتين.
ولكن ماذا عن تسجيل الازواج لمكالمات بعضهم البعض؟ الجواب دائما في احد التطبيقات القضائية وتحديدا قرار محكمة صلح جزاء الرصصيفة رقم */2021 والذي جاء فيه : -
بالتدقيق في البينات المقدمة تجد المحكمة أن واقعتها الثابتة التي خلصت إليها وقنعت بها وتعوّل عليها في الإثبات تتلخص ان المشتكية تعرف المشتكى عليه من السابق كونه يوجد بينها وبينه علاقة غرامية حيث تقدم المشتكى عليه لخطبتها ووافقت المشتكية واهلها على ذلك ، ونتيجة تطور العلاقة بين المشتكية والمشتكى عليه اصبح المشتكى عليه والمشتكية يتحدثان مع بعضهما بواسطة الهاتف مكالمات كلامية وفيديو حيث علمت المشتكية بعدها بأن المشتكى عليه قام بتسجيل مكالمات فيديو ومكالمات هاتفية بينه وبين المشتكية وكان مضمون المكالمات علاقة غرامي ، وبعدها قام المشتكى عليه بتوجيه رسائل على تطبيق الواتساب من هاتفه الى هاتف المشتكية مضمونها سب وشتم المشتكية وعلى اثرها تقدم المشتكي بالشكوى وجرت الملاحقة.
وعليه وبالبناء على ما تقدم قررت المحكمـة ما يلي:
عملا باحكام المادة 177 من قانون اصول المحاكمات الجزائية ادانة المشتكى عليه بجرم مخالفة احكام المادة 75 من قانون الاتصالات والمتمثلة بتوجيه رسائل تتضمن اهانة والحكم عليه بدلالة المادة ذاتها بالغرامة مبلغ 300 دينار والرسوم.
عملا باحكام المادة 177 من قانون اصول المحاكمات الجزائية ادانة المشتكى عليه بجرم مخالفة احكام المادة 71 من قانون الاتصالات والمتمثلة بتسيجل مكالمات ونشرها دون اذن والحكم عليه بدلالة المادة ذاتها بالغرامة مبلغ 100 دينار والرسوم.
عملاً بأحكام المادة 72 من قانون العقوبات تقرر المحكمة جمع العقوبات المحكوم بها المشتكى عليه لتصبح العقوبة الواجبة النفاذ بحقه هي الغرامة مبلغ 400 دينار والرسوم.
اخيرا وليس آخرا ان موضوع خصوصية الفرد من اهم الامور التي يجب على القانون حمايتها فحياتها في هذا الزمان متداخله بشكل كبير بسبب التطور التكنولوجي ولا بد من حماية المساحة التي يلجا لها الانسان هربا من الجميع او من الواقع.
وقد حاول المشرع الاردني قدر الامكان حماية هذه الخصوصيات حسب التطورات الاجتماعية فقد ساير حماية هذه الخصوصية في كافة المراحل ابتداء من الدستور مرورا بقانون العقوبات وقانون الاتصالات واخر المراحل هي قانون الجرائم الالكترونية, تبعا للمستجدات التي تظهر على ارض الواقع.