ملاحظات على تسمية «قانون البلديات واللامركزية»
أقر مجلس الوزراء قبل أيام مشروع القانون الجديد الذي ستجرى على أساسه انتخابات الإدارات اللامركزية في الأردن، حيث جرى تغيير اسم القانون من قانون الإدارة المحلية إلى قانون البلديات واللامركزية. إن هذه التسمية الجديدة للقانون لا تتوافق مع ما تم اتخاذه من قرارات حكومية سابقة تتمثل بتغيير مسمى وزارة البلديات إلى وزارة الإدارة المحلية، والتي كان الهدف منها توحيد جهة الإدارة المركزية التي ستتبع لها الوحدات اللامركزية في الأردن.
إن اتباع الإدارات اللامركزية إلى وزارة الإدارة المحلية يفترض معه أن يكون القانون الناظم لإنشاء هذه الوحدات المحلية يتضمن إشارات إلى الجهة المركزية التي تشرف عليها. وهذا ما كان متحققا في التسمية الأولى لمشروع القانون، والتي كانت مشروع قانون الإدارة المحلية، حيث تضمنت دلائل على الوزارة المسؤولة عن الوحدات المحلية في الأردن.
وتبقى المشكلة القانونية الأبرز في التسمية الجديدة لمشروع القانون في أنها تتعارض مع أبسط القواعد الخاصة بتنظيم الإدارة كما يقررها القانون الإداري، والذي يُقسمها إلى إدارة مركزية وإدارة لامركزية بنوعيها الإقليمية والمرفقية. فالإدارة المركزية هي تلك الإدارة التي تتجمع فيها الأنشطة الإدارية والخدمات العامة في العاصمة، في حين أن الإدارة اللامركزية تقوم على توزيع الأنشطة الإدارية بين وحدات مركزية في العاصمة وأخرى محلية في المحافظات والأقاليم.
إن اللامركزية هي نظام تنظيم إداري قائم بحد ذاته يقابل المركزية الإدارية، وتشمل في الأردن وحدات محلية متعددة كالبلديات ومجالس المحافظات. فاللامركزية هي ليست وحدة إدارية محلية لكي يتم مساواتها بالبلديات في التسمية الجديدة للقانون، والتي جمعت بين وحدة إدارة لامركزية إقليمية هي البلديات مع التنظيم الإداري الذي تتبع له، وهو اللامركزية الإدارية.
وقد سبق للمحكمة الدستورية أن حددت ملامح التنظيم الإداري في الأردن في قرارها التفسيري رقم (1) لسنة 2015، الذي أكدت فيه على أن تنظيم الإدارة في المملكة الأردنية الهاشمية يشمل الإدارات المركزية والإدارات اللامركزية، وبأن المادة (120) من الدستور هي الأساس لإنشاء الوحدات والسلطات المركزية التي لا تتمتع بالشخصية الاعتبارية من حيث تقسيماتها ومباشرتها لمهام عملها.
في المقابل، اعتبرت المحكمة الدستورية أن المادة (121) من الدستور هي الأساس لتنظيم اللامركزية الإدارية في الأردن، والتي تتمثل بإنشاء وحدات إدارية تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي والإداري عن الحكومة المركزية، والتي يكون الانتخاب عنصرا من عناصر تشكيل مجالس إدارتها. فكل من البلديات والمجالس المحلية قد وصفتها المحكمة الدستورية بأنها تشكل «نظاما إداريا لامركزيا في الدولة قوامه توزيع المهام والوظائف العامة في الدولة بين حكومة مركزية في العاصمة وهيئات إقليمية تتمتع بالشخصية المعنوية، ويكون لها الاستقلال المالي والإداري عن الحكومة المركزية».
إن الغاية التي من أجلها قرر المشرع الدستوري إنشاء هذه الوحدات المحلية بقانون في المادة (121) من الدستور تتمثل في توفير الضمانات لاستقلالية هذه الهيئات وتمتعها بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي والإداري عن الحكومة المركزية، بشكل يتحقق معه مبدأ اللامركزية الإدارية في الحكم.
إن الخلط بين اللامركزية كنظام للتنظيم إداري والوحدات المكونة منه كالبلديات ومجالس المحافظات يدعونا إلى الرجوع عن هذه التسمية الجديدة لمشروع القانون، والعودة إلى مسمى قانون الإدارة المحلية.
laith@lawyer.com
الرأي