دجَاجَة حَفْرَت عَلَى رَأْسَهَا عَفْرَت
بدأ التاريخ يكتب ويوثق منذ أن خلق الله القلم وهو أول شيء خُلِقَ من الأشياء (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَٰؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (البقرة: 31)) ليتم توثيق ما يحدث وسيحدث من أحداث في الكرة الأرضية حتى نهاية الحياة الدنيا.
نعم تم تأسيس وطن قومي لجميع اليهود المنتشرين في جميع بقاع العالم عن طريق إعلان وعد بلفور من قبل بريطانيا في عام 1917 لتتخلص دول العالم من اليهود في بلادهم ولأنهم عانوا الكثير منهم وفق التاريخ الأوروبي والأمريكي.
نعم بهذا الوعد تم سرقة وطن الفلسطينيين (فلسطين) وإهداؤه لليهود على طبق من ذهب. نعم، تم تهجير الشعب الفلسطيني بشتى وسائل الضغط والتهديد والقتل إلى الدول العربية المحيطة على مراحل متتابعة عام 1948 الهجرة وعام 1967 النزحة وإستمر ذلك حتى وقتنا الحاضر.
نشأت دولة الكيان الصهيوني على أرض مسروقة وعلى أسس غير متينة وغير قانونية وغير عادلة وظالمة مما جعل هذه الوليدة غير مكتملة النمو وضعيفة وغير مستقرة ومتزعزه وهشه منذ أن ولدت ولادة غير طبيعية وبعملية قيصرية وحتى وقتنا الحاضر.
وكان الأردن من أكثر الدول المحيطة التي عانت على كل المستويات الإقتصادية والمالية والإجتماعية والعلمية ... إلخ من بين جميع الدول المحيطة التي تأثرت بالهجرة والنزحة وحتى وقتنا الحاضر. ولحكم العلاقات الإنسانية والجغرافية والدينية والوصاية الهاشمية على المقدسات ... إلخ تحملت القيادة الهاشمية أباً عن جداً هموم أهل هذه القضية في كل المراحل والظروف والمناسبات التي مرت فيها القضية.
ومنذ مراحل القضية الأولى كانت القيادة الهاشمية على علم واسع بمعطيات هذه القضية عربياً وإقليمياً وعالمياً وأسدت النصيحة بكل أمانه وصدق ووعي وإدراك لأبعادها المختلفة ولكن لم يسمع أحد من طرفي القضية بصوت العقل والمنطق. وذلك لجهل الكثير من الدخلاء على القضية بمعطياتها التاريخية والمتسلسلة في كل مراحلها مما أدى إلى خسارات متتالية لأهل فلسطين على كل المستويات. نعم، جميع دول العالم دعمت وما زالت تدعم فكرة تأسيس وطن قومي لليهود وأخذوا على أنفسهم عهداً بأن يتولوا رعاية هذه الوليدة من كل إجتياجاتها إلى الأبد.
ولكن رغم كل الصعوبات والعقبات التي مر بها الشعب الفلسطيني، إستمر أصحاب الأرض - فلسطين يطالبون بحقوقهم في جميع المحافل وعلى كل المستويات، وشيء طبيعي أن يكون الشعب الفلسطيني ضعيفاً إذا ما قارناه بالشعب الإسرائيلي وذلك لدعم العالم أجمع له. وعملت هذه الوليدة على علاج ما تعاني منه على مدى السنوات الماضية ولكن لم تأخذ بعين الإعتبار أن الشعب الفلسطيني شعب حي، لا يموت. وقد عمل هذا الشعب وبالخصوص في قطاع غزة على تطوير إمكاناته العسكرية كثيراً، ليلاً ونهاراً وعلى الحصول على الدعم المادي والتصنيعي بالسر والعلن من قبل بعض الدول المحيطة وبجهود شخصية وبإستمرار. ولم يأخذ الكيان الصهيوني بعين الإعتبار ما وصلت إليه سرايا القدس وكتائب القسَّام وغيرها من التنظيمات في قطاع غزة من تطوير وتصنيع عسكري جعل القياديين في تلك التنظيمات يتعاملون مع الكيان الإسرائيلي الند بالند. وما حدث من حروب سابقة بين التنظيمات الفلسطينية في غزة والجيش الإسرائيلي جعل إسرائيل (الوليدة الضعيفة) تكون مثل الدجاجة مقابل أسود محاصرة خلف سياج قوي لا تستطيع هذه الأسود الإنقضاض من خلاله على تلك الدجاجة وصيصانها المتغطرسين. مما جعل هذه الأسود تقوم بتطوير وسائل أخرى للإنقضاض عن بعد (الصواريخ الباليستية وطائرات الإستطلاع والطائرات المسيرة الإنتحارية) على تلك الدجاجة وصيصانها الداخلية والقادمة من الخارج. وكل الحقائق والأدلة والبراهين التي شاهدها ويشاهدها العالم بأسره منذ أن إندلعت الحرب بين التنظيمات الفلسطينية في قطاع غزة والكيان الإسرائيلي منذ أسبوع من تاريخ هذه المقالة تؤكد لنا أن دولة الكيان الصهيوني هي دجاجة مقابل أسود محاصرة، ولكن إستطاعت هذه الأسود أن توصل زئيرها وتأثيرها على تلك الدجاجة وصيصانها وتلحق بهم الضرر. فما حصل من حفرٍ حفرته الدجاجة في المسجد الأقصى وفي حي الشيخ جراح عفرت على رأسها بشكل غَبَّرَهَا وأثَّرَ على مظهرها وشكلها أمام شعوب العالم بأسره، مما جعل المثل المأثور: جاجة حفرت على راسها عفرت ينطبق عليها. وليس للمسؤولين عن هذه الدجاجة وصيصانها والله إلا الاصغاء جيدا لجلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين.