من حي الطفايلة إلى حي الشيخ جراح.. نحن معكم
أحيا أهالي القدس وحي الشيخ جراح، ليلة القدر المباركة بالعبادة والجهاد، في مشهد لا يحرك المشاعر فحسب بل ينطق الصخر ويزحزح الجبال من أماكنها، لكنه للأسف لم يحرك مشاعر معظم العرب الذين تخلوا عن شعائرهم ومشاعرهم، فقد ماتت الضمائر وتطامنت الهامات حتى وصلت النِعال.
كان الرصاص الحي يخترق أجساد الفلسطينيين المدافعين عن بيوتهم، فيما يدور حديث السفراء الأشقاء على مائدة رئيس الكيان الغاصب عن السلام الذي سيجلب الازدهار للفلسطينيين بخاصة والعرب بعامة، ولم تكن صرخات المنتفضين التي تصل إلى مسامع المتحدثين تقطع الحديث أو تغير مساره، لأن مسار من يفطرون على عتبات الأقصى، مختلف عن مسار من يلتهمون الطعام مع القتلة على نفس المائدة، مساران لا يلتقيان ولن يلتقيان.
ولأن الشعوب أصدق أنباء من النظم، كانت صور التضامن مع الفلسطينيين تملأ الساحات في الأردن وبعض الدول العربية نصرة لأشقائهم أهالي حي الشيخ جراح، وكان حي الطفايلة في عمان في مقدمة المنتفضين المدافعين عن حق الأشقاء، الداعمين لنضالهم ودفاعهم عن الأرض والعِرض والوجود، شباب حي الطفايلة الأحرار وكل سكان الحي أحرار عروبيون كما هو نبعهم الصافي في الطفيلة وقراها وبالرغم من جرحهم الخاص بفقدان اثنين من شبابهم، هبوا بمروءة الرجال الرجال، الأحرار الذين لا يتبدلون ولا يتغيرون وان تبدل غيرهم وتغير تلبيةً لنداء أشقائهم في ال?م والدين والعروبة، فطرفي البوصلة عندهم يشيران دائماً إلى الأردن وفلسطين وكلما صرخت حُرَّة هبَّ للفِداء أحرار.
الجامعة العربية ودولها ما قصَّرت وكالعادة تمت الدعوة لعقد اجتماعات طارئة، لكن لا ندري هل ستتم قبل العيد أم بعده ففي الوقت متسع ولا داعي للعجلة وبما أن الله لا يكلف نفس الا وسعها فهذا ما بوسع هذه الأنظمة!!
قضية الاستيلاء على بيوت أهالي حي الشيخ جراح ليست الأولى لسلوك هذا العدو الذي لم يتوقف عن اغتصاب حقوق الفلسطينيين أصحاب فلسطين كلها، ولن تكون الأخيرة، الاغتصاب والسطو المسلح على حقوق الشعب الأعزل لم يتوقف ولن يتوقف، وكل معاهدات التنازل التي ابرمها العرب وممثلو الشعب الفلسطيني غير الشرعيين مع اليهود ليست سوى بداية وتفويض للعدو بأن ما يسري على الجزء الذي احتل عام 1948، يسري على الجزء الآخر من فلسطين الذي احتل عام 1967، على أمل وليس أكثر من أمل ان يكتفي العدو باحتلال فلسطين فقط، ويقلع عن فكرة اقامة دولة الصهاي?ة من النيل إلى الفرات، بالطبع كان هذا الأمل مطروحاً ضمنياً وشفاهة أثناء مفاوضات ما يُسمّى بالسلام، ولم يتمكن العرب من وضع سطر واحد يطمئنهم على بلادهم خوفاً من أن يزعج مثل هذا السطر الأعداء فيقررون البدء باحتلال كراسيهم قبل أراضيهم.
بعد كل الذي جرى ويجري هل ما زال هناك من يقتنع بأن مثل هذه الممارسات الوحشية، تبقي أية امكانية لاقامة دولتين للفلسطينيين والإسرائيليين تعيشان جنباً إلى جنب؟.
وهل ما زال هناك من يعتقد بأن باستطاعة العالم أن يوقف مخططات إسرائيل في الاستيطان وتهجير الفلسطينيين؟. ولماذا يعتقد العرب أو معظمهم أن لدى العالم النية أصلاً لممارسة أي ضغط على إسرائيل من أجلهم؟.
إن حل الدولتين مات، لكن الذي لم يمت ولن يموت هو حل الدولة الواحدة، دولة الفلسطينيين على أرض فلسطين من البحر إلى النهر دون تقاسم مع أحد، هذا الحل يبدأ بكلمة واحدة «وأعدوا» وبعدها يبدأ مشوار التحرير مهما طال الزمن.
الرأي