أزمة الثقة بالإصلاح السياسي

مدار الساعة ـ نشر في 2021/05/09 الساعة 00:36
هناك رغبة ملكية جادة نحو إصلاح سياسي, وإعادة هيكلة وتنظيم لمؤسسات الدولة, رغم ما تمر به البلد من ظروف إقتصادية صعبة, وما تمر به المنطقة من عدم استقرار (جيو سياسي). فلقد أصبحت الحاجة ملحة أكثر من ذي قبل, بالمضي قدما نحو إصلاح سياسي جاد. وأنا أعتقد أننا أمام ما يشبه الإمتحان, فإذا لم تستطع الإجابة على السؤال الأول, أو غير متأكد من إجابتك, فعليك الإنتقال الى السؤال الذي يليه, وهو ما يسمى (بالهروب الى الأمام) قبل ان ينفذ الوقت, ولا تستطيع الإجابة على باقي الأسئلة. والحقيقة أن هناك سؤال واحد يدور في أذهان الناس, يحتاج إلى إجابة واضحة: هل الحكومة فعلا جادة بالتغيير والإصلاح؟ وما هو نوع الإصلاح المقصود؟ وما هي الوسائل والأدوات التي سوف تستخدم في هذا المضمار؟. فإذا ما افترضنا أن الإجابة كانت (بنعم) هناك نية جادة بالإصلاح والتغيير, فإذا كنا سوف نعيد إستنساخ تجاربنا السابقة في هذا المضمار, وإجراء الحوارات واللقاءات والتصريحات والتلميعات الإعلامية, التي لا تغني ولا تسمن من جوع، فأعتقد أنه لا حاجة الى ذلك, لأنه سوف يؤكد قناعة الناس المسبقة بعدم الرغبة والجدية بالإصلاح وتعميق الفجوة وعدم الثقة مرة أخرى بينها وبين الناس.

يبدو أن مسلسل الإصلاح تنتقل حلقاته من حكومة الى حكومة, وجميعها تعلن عند قدومها عن نيتها الجادة بالمضي بالإصلاح, فتقوم بالإستعراض وتوزيع البطاقات والدعوات, وإجراء اللقاءات والحوارات, وكأنها لا تعلم -وهي تعلم -ماذا يريد الناس, والغريب أنه حتى مؤسسات المجتمع المدني, بما فيها الأحزاب والقوى الوطنية, تذهب الى تلك اللقاءات والحوارات, وهي تعلم أن الحكومة تعلم ما هو مطلوب, ولكنهم في كل مرة يفترضون حسن النية, في رغبة الحكومة, ونيتها الجادة بالإصلاح, وتمضي اللقاءات فنسمع جعجعة ولا نرى طحنا, وتعود الحكومة الى سيرتها الأولى.

هناك من يؤمن بالإصلاح المتدرج, وهناك من يؤمن بالإصلاح الشامل, الإقتصادي والإجتماعي والإداري والسياسي, وفي جميع الأحوال, لا بد من وجود أولويات. وبما أن حديثي يتعلق بالإصلاح السياسي, فأعتقد أن هناك إتفاقا أو إجماعا عند كافة الأردنيين, بضرورة العودة الى قانون إنتخاب عام 1989 (القوائم المفتوحة)، وأن هناك شبه إجماع أيضا على أن هذ القانون استطاع أن يفرز أفضل مجلس نواب في المملكة منذ تاريخ العودة للحياة البرلمانية والسياسية. ومما لا شك فيه أن وجود مجلس نواب قوي, سوف يشكل قفزة نوعية, ليس في مجال الإصلاح السياسي فقط, بل في كافة مناحي الإصلاح الأخرى. فلقد أثبتت التجارب وعلى عكس ما يعتقد, بأن وجود مجلس نواب قوي, هو أكبر داعم وسند للحكومة, فتوزيع الحمل و المسؤوليات يخفف الأعباء. وليعلم الجميع بأن الإصلاح الإقتصادي مقرون بالإصلاح السياسي, والعكس صحيح. بل ثبت إن الإصلاح السياسي هو مفتاح لإصلاح اقتصادي جاد ومثمر, وهنا مربط الفرس. وفي النهاية أقول أنني متفائل بحذر, رغم أن البدايات غير مبشرة, ولكن الرهان يبقى على الإرادة الملكية بالإصلاح والتغيير.

الرأي
  • نعي
  • الشامل
  • الأردن
  • قانون
  • قوائم
  • البرلمان
  • اقتصاد
  • الملك
مدار الساعة ـ نشر في 2021/05/09 الساعة 00:36