حق النواب برد مشروع القانون
أثارت النقاشات النيابية قبل أيام لمشروع قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب لعام 2020 تساؤلا دستوريا حول حق مجلس النواب برد مشروع القانون الذي تم إقراره من اللجنة القانونية، حيث تمسك أحد النواب المخضرمين بأنه يجوز للمجلس أن يصوت على رد مشروع القانون في أي وقت، حتى بعد قبوله من اللجنة النيابية المختصة، مستندا في رأيه إلى أن النظام الداخلي لمجلس النواب لم يتضمن أي نص يمنع ذلك. في المقابل، تمسكت رئاسة المجلس بوجود عرف دستوري مفاده أن مشروع القانون لا يُرد إلا في القراءة الأولى، أو عند التصويت على القانون بمجمله بعد إقرار جميع المواد فيه.
إن نقطة الانطلاق في التعاطي مع هذه الإشكالية الدستورية تتمثل في الإقرار بأن لمجلس الأمة بشقيه الأعيان والنواب الولاية العامة في التشريع، وبأن المادة (91) من الدستور قد أعطت لمجلس النواب صلاحية قبول مشروع القانون أو تعديله أو رفضه، ومن ثم رفعه إلى مجلس الأعيان للتصويت عليه. في المقابل، فقد كرس النظام الداخلي لمجلس النواب الحق برفض مشروع القانون بشكل واضح وصريح في المادة (72) منه، التي تنص على أن «يقرأ أي مشروع قانون علنا في المجلس، فإذا رأى المجلس أن هناك حاجة لذلك القانون يتم التصويت على إحالته على اللجنة المختصة، أما إذا قرر المجلس رفض القانون فيحيله إلى مجلس الأعيان».
أما باقي المواد ذات الصلة بإقرار مشاريع القوانين في النظام الداخلي، فقد نظمت عملية تلاوة تقرير اللجنة المعنية ومناقشة مواد المشروع أصلا وتعديلا، بالإضافة إلى الاقتراحات الخطية المقدمة من أعضاء المجلس التي لم تأخذ بها اللجنة، ومن ثم التصويت على كل مادة من مواد القانون. وبعد الانتهاء من التصويت على مواد مشروع القانون، يؤخذ رأي المجلس على المشروع بمجموعه. وهنا تملك الأكثرية الحاضرة من النواب قبول المشروع أو رفضه، قبل رفعه إلى مجلس الأعيان.
إن مناقشة مجلس النواب لتقرير اللجنة النيابية وبدء التصويت على مواد القانون يجب أن لا يكون مبررا لحرمان المجلس من رد مشروع القانون. فمن يملك الحق في التصويت على مواد القانون بالقبول أو الرفض، لا بد وأن يثبت له الحق في التصويت على رد مشروع القانون. فليس ثمة حاجة إلى الانتظار لحين الانتهاء من إقرار جميع مواده القانونية والتصويت على المشروع برمته، لكي يمارس مجلس النواب حقه في رد مشروع القانون.
إن المجلس العالي لتفسير الدستور قد سبق له في قراره رقم (1) لسنة 2001 أن أطلق يد مجلس الوزراء في سحب مشروع القانون المقدم منه في أي وقت، وفي أي مرحلة كان عليها حتى ولو كان مجلس النواب منحلا. فذلك القرار التفسيري الذي يعتبر جزءاً من الدستور قد منح مجلس الوزراء كامل الحرية في استرداد مشروع القانون الذي قدمه إلى مجلس النواب، حتى ولو كان قد تمت إحالته إلى اللجنة المختصة.
بالتالي، يكون من باب أولى إطلاق يد مجلس النواب على مشاريع القوانين المعروضة أمامه، بحيث يثبت له الحق الدستوري برد مشروع القانون في أي وقت يشاء، حتى ولو تمت الموافقة عليه من اللجان النيابية، وبدأت مناقشة مواده القانونية في جلسات المجلس.
الرأي