«صفقة» مقايضة الديون بمشاريع المناخ!
..هكذا أطلق عليها رئيس اللجنة المالية والاقتصادية في مجلس الاعيان المهندس جمال الصرايرة - والذي يشكر كثيرا على فتح هذا الموضوع بكل ما ورد على لسانه من تفاصيل ومقترحات - أقول أن الصرايرة أطلق صفة « صفقة « على مشروع ربط تخفيف الديون بالاستثمارات في العمل المناخي والتنوع الحيوي، مؤكدا ان المشروع يمثل ايضا « فرصة كبيرة « للاردن يجب « اقتناصها «.
هذا المشروع باختصار يبدو انه فكرة انطلقت من مؤتمر اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، والمتوقع ان يتبلور بصورة أكبر خلال مؤتمر الاطراف السادس والعشرين حول المناخ المقرر عقده في مدينة غلاسكو الاسكتلندية تشرين الثاني المقبل.
فكرة المشروع تقوم على امكانية أن تسمح الدولة أو الجهة « الدائنة « للدولة « المدينة « بتوجيه ( فوائد الديون ) المستحقة الى حساب خاص يتم انشاؤه بالعملة المحلية لتمويل « مشاريع تغير المناخ وحماية التنوع الحيوي «.
ولكن هل يمكن للاردن الاستفادة من مثل هذا المشروع ( في حال تطبيقه )؟ وكيف؟.. أولا : وعلى الرغم من كل ما يمتاز به الاردن حاليا من فرص تساعده على الاستفادة، وتحديدا ما يتمتع به من تصنيف ائتماني جيد ومكانة مرموقة لدى دول العالم الصديقة والشقيقة، وثقة اكتسبتها المملكة لدى الجهات المانحة وفي مقدمتها الالتزام الدائم بسداد الديون في مواعيدها.. الا ان مثل هذا المشروع اذا تم اقتصاره على الدول ( الفقيرة ) فقط فلربما لن يشملنا لأننا لا نعدّ دولة فقيرة بحسب تصنيفات المؤسسات الدولية، وهنا أذكّر بأن مقترح تأجيل مدفوعات خدمة الدين في 2020 للدول الفقيرة - بسبب جائحة كورونا - الذي أوصت به قمة العشرين الاخيرة التي عقدت في الرياض ( عن بعد ) تشرين الثاني 2020 وشارك فيها الاردن، تستفيد منه نحو ( 73 دولة ) لم يكن الاردن من بينها لأنها ليست دولة فقيرة !
وبغض النظرعن هذه النقطة، الا ان الامر جدير بالمتابعة والتحضير له لانه اذا تحقق سيشكل - بالفعل - فرصة وصفقة للاردن الذي تبلغ فوائد خدمة الدين بحسب موازنة 2021 نحو( 1.45 مليار دينار ) والذي تشكل فيه المديونية - خصوصا في ظل جائحة كورونا وتداعياتها الاقتصادية على الاردن كما دول العالم - عائقا كبيرا أمام النمو الاقتصادي الذي نطمح لان يبلغ نحو ( 2.5 % ) هذا العام في وقت تقترب فيه المديونية لنحو ( 50 مليار دولار) وبنسبة ( 113.5 %) من الناتج المحلي الاجمالي.
طرق باب هذا الملف مهم جدا أن ينطلق من مجلس الاعيان ومن اللجنة المالية والاقتصادية ممثلة برئيسها، ومهم جدا تعاون كافة الجهات الرسمية ممثلة بوزارات ( المالية - الطاقة والثروة المعدنية - البيئة - والتخطيط والتعاون الدولي ) وكافة الجهات المعنية الاخرى، رغم وجود تساؤلات عديدة نتمنى ألاّ تشكل عائقا امام « فكرة « هذا المشروع وفي مقدمة تلك التساؤلات : سواء كنا دولة فقيرة أو متوسطة، هل توافق الدول الدائنة على هذا المشروع؟ وفي حال الموافقة ماذا لدينا من مشاريع أو برامج نقدمها من أجل تغير المناخ وحماية التنوع الحيوي؟ وكم سيحتاج كل ذلك من وقت « عابر للحكومات « التي تفضل كثير منها انجاز ما يمكن انجازه في عهدها، فتلجأ الى حلول سريعة في وقت ولايتها - وهذا أمر مطلوب أيضا - ومثال على ذلك قيام الحكومة بالاستدانة من خلال قروض بفائدة أقل لسداد ديون بفائدة أعلى.
« الفكرة" جديرة بالاهتمام والدراسة والمتابعة،واعداد ملف متكامل قبل المشاركة باجتماعات « مؤتمر الاطراف « في اسكتلندا تشرين الثاني المقبل.
الدستور