إعداد القيادات
مدار الساعة ـ نشر في 2017/05/28 الساعة 01:07
لم يوجد المسار الوظيفي وسلمه الواضح عبثاً في المؤسسات المتطورة، فهو ابتكر لهدف مهم ألا وهو وضع الشخص المناسب في المكان المناسب وتوظيف طاقات العاملين منذ اليوم الأول لإنضمامهم إلى المؤسسة على أن يتم تنفيذ عمليات تقييم دورية يعاد النظر فيها في أداء وموقع كل موظف على حدى وعن ذلك ممكن أن ينتج تغيّر أو تطور على السلم الوظيفي عامودياً أو أفقياً لكل موظف حتى لا يصل الطبقات الإدارية والمواقع القيادية إلّا إذا ما استحق.
من المعلوم أن الطبقات الإدارية الثلاث (الدنيا، الوسطى، العليا) تتخذ شكل الهرم، أي أن عدد شاغلي المراكز القيادية في أي مؤسسة يتناقص كلّما سرنا إلى الأعلى؛ وبيت القصيد هنا أن وجود عملية تحديد المسار الوظيفي لكل عامل ومراجعته بشكل دوري تتم بهدف إفراز أفضل الكفاءات وترقيتهم إلى المراكز القيادية المناسبة لطاقاتهم، مما سينعكس إيجاباً على الأداء المؤسسي بكل تأكيد إذا ما تم التطبيق بالشكل الصحيح.
عدا عن المساهمة الفاعلة في أداء المؤسسة أيّ كانت، فإن من أهم واجبات العاملين ضمن الطبقات الإدارية الثلاث هو نقل المعرفة من الأعلى للأسفل ليتسنّى إعداد وتطوير كفاءات جديدة على شكل دورة حياة تطويرية لا تنتهي. من الطبيعي ألّا يصل الموظف إلى الطبقات الإدارية إلّا بعد المرور بخبرات عديدة والخضوع لدورات متخصصة تعزز معرفته وقدراته، وبهذا تكون المؤسسة قد وصلت أوج استثمارها بهذا الفرد، وهنا يأتي الوقت لتجني المؤسسة العائد من استثمارها هذا، وذلك عن طريق وضع هذا الفرد في مكان مناسب يتفذ فيه ما تعلّم على مدى السنين على أرض الواقع، ويترجم أفكاره إلى خطط ومشاريع؛ هذا بالدرجة الأولى. أما بالدرجة الثانية، فواجب على المؤسسات حثّ هذا الفرد الخبير على نقل خبراته وفكره بتدريب الموظفين السائرين على نفس المسار الوظيفي دون موقعه.
عدة فجوات بموضوع التسلسل القيادي والوظيفي موجودة في بيئتنا المحلية ولا شك في القطاع العام بالذات، حيث من المعلوم أن كثيرا من المؤسسات الحكومية لا تبخل في التدريب والتعليم لموظفيها فيما قد يصل أحياناً للإبتعاث إلى الخارج في دورات أو حتى شهادات دراسية لها علاقة بطبيعة عمل المؤسسة، إلّا أن الفجوات تحصل لعدة أسباب هي أولاً، غياب تسلسل وظيفي واضح قائم على التقييم الدوري الصحيح المبني على أسس علمية بعيداً عن الشخصنة والواسطة والمحسوبية. وثانياً، غياب ثقافة المؤسسة وتغلّب ثقافة المدير (صاحب القرار) عليها.
وهنا نرى السببين مترابطين يعتمد أحدهما على الآخر بتوسيع الفجوة وإنتاج قيادات قد تكون غير كفؤة أو غير مناسبة لمكان خدمتها، والأخطر هو عدم إستغلال الخبرة والمعرفة التي اكتسبها الموظف الذي إستثمرت المؤسسة فيه لسنوات خلال خدمته ونقلها لزملائه.
نرى كثيراً من القيادات تُرسل إلى التقاعد قبل الإستفادة من خدماتها على أكمل وجه، وهنا نتحدّث بشكل خاص عن الكفاءات الفنية التي بنت خبراتها على مدى سنين وما إن وصلت لمرحلة إستغلال المعرفة ونقلها للغير حتّى تم الإستغناء عن خدماتها لأسباب قد لا تتجاوز واسطة أو محسوبية!
الرأي
مدار الساعة ـ نشر في 2017/05/28 الساعة 01:07