الشيزوفرينيا أو الفصام من أخطر الأمراض النفسية

مدار الساعة ـ نشر في 2021/04/29 الساعة 16:35

 بقلم زين صبحي الحر 

 
معاناة المصابين به تبدأ ولا تنتهي
 
الفصام اضطراب عقلي شديد، يؤدي بالمصابين به الى تفسير الواقع بشكل غير سوي. وقد ينتج عن الإصابة بالانفصام في الشخصية  هلوسات وأوهام واضطراب بالغ في التفكير والسلوك، وهو ما يعيق أداء الوظائف اليومية، ويمكن أن يتسبب بالإعاقة.  
يحتاج المصابون بالفُصام إلى علاج مدى الحياة. ويمكن للعلاج المبكر أن يخفف حدة المرض،  وخاصة قبل ظهور الأعراض الخطيرة.  
 
خلافا للفكرة الشائعة، فليس الفصام انفصاما في الشخصية، بل هو عبارة عن اضطراب نفسي لا يستطيع الشخص المصاب به التفريق أو التمييز بين الواقع والخيال. وقد يحدث أحيانا أن يفقد المصاب ارتباطه بالواقع. 
 
كما يتهيأ للمصابين بالفصام أن العالم المحيط بهم مركب من خليط كبير من الأفكار المتوهمة، والمناظر الخيالية. وقد يكون السلوك المميز للأشخاص المصابين بمرض الفصام غريبا جدا، بل مرعبا أحيانا. أما التغيير المفاجئ الذي يحصل في شخصية المريض، أو في سلوكياته، والذي يجعله يفقد أية صلة مع الواقع، فيسمى "المرحلة الذهانية." 
   هم وانا   
المصاب (غ) دخل المستشفى لاول مرة عام 2019، بعد تدهور حالته وقيامه بسلوكيات تستدعي ذلك. وقد ظهرت بدايات أعراض المرض عليه سنة 2017 ، وبدأ يتناول العلاج في   السنة ذاتها.  
 
(غ) حافظ للقرآن وحافظ له. لكنه فجأة وبينما كان يجلس في المسجد يقرأ القرآن، بدأ يسمع اصواتا ويرى خيالات ما دفعه الى تغيير المكان الذي كان يجلس فيه داخل المسجد،  والانتقال الى زاوية اخرى، وواصل قراءة القرآن.  بعد فترة تقدم لمسابقة الأئمة، لكن لم ييحالفه الحظ. شعر بأن حالته تسوء، فمال الى العزلة، وظهرت عليه أعراض العدوانية في السلوك،   ما اجبر اهله على ادخاله المستشفى. ومع ذلك ظلت أعراض الانعزال واضطرابات السلوك ملازمة له مصحوبة بالهروب من المنزل. وبعد خروجه من المستشفى رفض تناول الدواء ما ادى الى انتكاس ة في حالته، وأعيد ادخاله المستشفى   سنة 2020 حيث كانت أعراض الاضضراب المزاجي والاكتئاب واضحة في سلوكه. 
 
خلال مقابلتنا ل(غ)، بدأ يتكلم عن الشيء الذي يحبه في حياته واهدافه ، قائلا  انه كان يريد أن يكون امام  مسجد وانه كان يحب الذهاب الى الاماكن السياحية " مشان اروح على كل المساجد واعلم المصلين قراءة القرآن وافرحهم " . واعترف بمعاناته  من هلوسات شديدة.   
 
ولقد كان (غ) هادئا،  يفضل العزلة عن المحيطين به. ورد على سؤال عن حالته بالقول إنه تحسن ، لكنه ما زال يسمع بعض الأصوات من حين لآخر " عم بسمع صوت خرخشة كتير قوي". وبعد تطبيق مقياس بيك للاكتئاب على الحالة، وهو مقياس يتكون من 21 مجموعة من الأسئلة ، وتصف كل مجموعة أحد الأعراض ال سريرية للاكتئاب لمعرفة درجة اكتئابه بحكم انعزاله الدائم والمستمر،  كان  متعاونا جدا، حيث أجاب على معظم الاسئلة لوحده دون مساعدة منا رغم معاناته من الاكتئاب.   
 
أنواع الفصام
 
الاخصائي الاجتماعي مهند الدعجة، تناول انواع الفصام بداية بما يعرف بالفصام "ألتشككى،" الذي يبدأ من سن 18 عاما، ويظهر فى صورة أعراض سلبية   تتمثل بوجود  ما يسمى الضلالات الاضطهادية أو التتبعية أو العظمة أوالعدمية. ويعنى بكلمة ضلالة، فكرة خاطئة ليس لها أى أساس أو منشأ، ولكن المريض يقتنع بوجودها ويصمم عليها ويصل لحد الشجار أو القتل لمن ينكر هذه الضلالات أو يحط منها.
 
 وهذا النوع من الفصام يعتبر الأسهل فى العلاج، حيث يستجيب المريض للأدوية. 
 
ومن أعراضه الهلوسات  السمعية أو الحسية أو البصرية أو الشمية، لكن الهلوسات السمعية تمثل98% من مجمل الهلوسات. أما الهلاوس البصرية، فتظهر أكثر فى الحالات العضوية الناتجة عن تعاطى المخدرات أو الإصابات العضوية. 
 
وهناك نوع ثان من الفصام يُعرف بالهيبو فرينى، وله نفس أعراض الفصام البرانودى مع اضطراب شديد فى الشخصية وإهمال شديد فى التركيبة الشخصية، تظهر في تبول المصاب أو تبرزه على نفسه، بالاضافة الى عدم التحكم فى الانفعالات والسلبية المطلقة فى الشخصية. 
 
وهناك أيضا حسب الأخصائي الدعجة، الفصام البطىء، ويبدأ من سن 15 سنة.  ومن أعراضه إهمال النظافة الشخصية نهائيا وعدم التركيزوالانتباه، وعدم القدرة على التحصيل الدراسى. ويعتبر هذا النوع من أسوأ أنواع الفصام في الاستجابة للعلاج. ولكن فى الفترة الاخيرة ظهرت بعض الأدوية المخصصة لمثل هذه الحالات وأعطت نتائج جيدة في العلاج.  
 
وفي رده على سؤال حول سبب الفصام، أوضح الدعجة ان سبب الإصابة غير معروف، ولكن يعتقد الباحثون أن هناك مجموعة من العوامل الوراثية والبيئية، وعوامل أخرى خاصة بكيمياء المخ تساهم في الإصابة بهذا الاضطراب. 
 
أكد أن على المريض ان يتعالج بالادوية بإستشارة طبيب نفسي، مشيرا الى أنه اذا لم يتم التعامل مع المريض بالطريقة الصحيحة، فمن الممكن أن يصدر عن المريض سلوك عدواني اما ضد نفسه او ضد الاشخاص المحيطين به. 
 
ونوه الى ان لمرض الفصام مضاعفات قد  تؤدي الى النزوع للانتحار. 
 
 ونوه الى ان المريض النفسي ليس شخصا سيئا أو  خطيرا. لكن لا بد من أساليب مناسبة للتعامل معه.
 
أهالي المرضى.
 
أهالي مرضى الفُصام، عرضوا مشكلة عدم وجود أماكن تأهيلية تناسبهم. فكثير من المرضى بعد أن يخرجوا من المستشفى لا يعرف الأهل ماذا يفعلون معهم.
 
فبقاؤهم في المنزل، يدفعهم الى تناول المنبهات بكثرة مثل القهوة والشاي، والتدخين بشراهة.  
 
ولعدم وجود أي نشاط يمارسونه، فكل ما يمكن للأهل القيام به الترويح قدر الامكان عن المصاب،  بجولات في الأماكن العامة والمتنزهات اذا أمكن. وفي بعض الأوقات يكون المريض
مضطرباً وقد يسُبب بعض المشاكل للعائلة، مما يضطر ذويه الى عدم إخراجه من  المنزل. 
 
والدة المريض (غ ) قالت انه أصبح عدوانيا ولا تعرف كيف تتعامل معه. 
 
وقالت والدة المريض ان أبنها يخرج من المنزل ولا يعرفون إلى أين يذهب. وفي أحيان كثيرة يذهب ويستلقي عند البقالة القريبة من منزلة ويفترش الارض في ذروة حرارة الصيف أو صقيع الشتاء. ويظن الأشخاص الذين يترددون على البقالة بأنه متسول، ومنهم من يسأله عما يُريد، فيطلب منهم شراء مشروبات غازية أو حلويات من محل البقالة ما جعل وزنه يزداد بشكلٍ غير مقبول. المشكلة أن هذا المريض يرفض الذهاب إلى المستشفى ويرفض أخذ العلاج وليس لدى والدته من وسيلة لإجباره على تناول العلاج أو إجباره على الذهاب إلى المستشفى. لحسن الحظ أن هذا المريض ليس له سلوكيات عدوانية تجاه أفراد عائلته أو الآخرين. 
 
أهالي مرضى الفُصام قد يعُانون هم أيضا من اضطرابات نفسية نتيجة المعاناة التي يتعرضون لها من خلال معايشتهم لظروف أبنائهم المصابين. أهم الاضطرابات التي يمكن أن يعُاني منها أهالي المرضى الاكتئاب والقلق. لذلك فإن أهالي مرضى الفُصام  يستحقون الدعم والمساعدة. وربما يكون من أهم أهداف الجمعية السعودية لمرضى الفصُام هو دعم عائلات المرضى ونشر التوعية بخصوص مرض الفصُام، ونأمل أن يتم ذلك في المستقبل بدعم من الجهات المسؤولة عن الخدمات النفسية والاجتماعية والجمعيات الخيرية. 
 

مدار الساعة ـ نشر في 2021/04/29 الساعة 16:35