نوفان العجارمة يكتب: الاصلاح السياسي : من أين نبدأ؟ (1/2)

مدار الساعة ـ نشر في 2021/04/29 الساعة 00:21

مدار الساعة - تحت عنوان "الاصلاح السياسي : من أين نبدأ؟ (1/2)(تعزيز مفهوم المواطنة وأثره في عمليةالإصلاح السياسي)" كتب الوزير الأسبق نوفان العجارمة:

سوف نخصص أكثر من مقال للإجابة على هذا السؤال نظرالتعدد وتداخل مجموعة من العوامل والتي لها كبير في عملية الإصلاح السياسي، ويأتيعلى رأسها تعزيز مفهوم المواطنة لما له من أثر بالغ في عملية الإصلاح السياسي،ولقد كانت سبباً مهماً في التفاعلاتالسياسية والاجتماعية على الساحة الأردنية. واسمحوا لي أن أقدم سببين من أسباب التفاعلات السياسية والاجتماعية والتيأثرت في مفهوم المواطنة وحالت دون تحقيق الإصلاح السياسي المنشود وهما: أولا:تمترس الدولة – في الأردن وفي كافة الأقطار العربية-خلف المفهوم التقليدي للمواطنة دون الالتفات إلى التحديات الجسام التي تواجه هذا المفهوم(المواطنة) لاسيما منالناحية العملية. فقدعرف مفهوم المواطنة بظهور الدولة الحديثة: وهو مفهوممتحرك وليس ثابت. ويعني منظومة من القيم و المشاعر و الانتماءات، يحترم مفهومالتعددية، و يسقط الفواق المتصلة بالدين أو الجنس أو الأصل بين البشر بلا استثناء،فالمواطنة تشكل فكرة جامعة تضم أبناء الشعب الواحد رغم تنوع مكوناته الدينية والعرقية، وهي الرباط الذي يربط المواطن بوطنه، ويكسبه الولاء ويفرض عليهالواجبات ويمنحه الحقوق، فهي الشعور بالانتماء والولاء لهذا الوطن أرضا وشعبا . لذا فانرابطة الجنسية تتخذ معيارا أساسيا في تحديد من هو المواطن، وعليه،فان مفهوم المواطنة إلى ثلاثة جوانب في العلاقة بين المواطن والدولة:
 1. الأول قانوني: وهيعلاقة الجنسية، و الجنسية رابطة سياسية قانونية تسبغ فيه الدولة على الفردحمايتها، مقابل ولاء ذلك الفرد للدولة التي يحمل جنسيتها ، و الجنسية تكتسب أوتمنح وفق قوانين الدولة.
2. الثاني سياسي: تشكل المواطنةبموجبها رابطا سياسيا بين المواطن والدولة ، فحواه تمتع المواطنين بمجموعة منالحقوق و تحملهم مجموعة من الالتزامات ، فالمواطنون هم فقط من يحق لهم ممارسةالحقوق السياسية ، بما فيها الترشيح والانتخاب و تكوين الأحزاب ، والمواطنون وحدهم الذين يملكون الحق في مراقبة سلوكالحكام من خلال ما يعرف برقابة الرأي العام
3. الثالث عاطفي: تجاه الوطن وقيادته ملؤها الحب و الشعور بالولاء والانتماءتجاه الوطن وكافة مكوناته ، التاريخية و الثقافية. لقدواجهت المواطنة جملة من التحديات نتيجة لتنامي ظاهرة العولمة، ومرور المجتمعات البشرية بتحولات جذرية. ولم تبذل الدولة ما يكفي لمواجهة هذه التحديات، ومن أهم هذه التحديات:
1. اهتزاز دعائم الدولة القومية: نتيجة لهزيمة العرب في حرب 1967 ، إضافة إلى بروز ظاهرة التعددية الثقافية الناجمة عن تزايد الهجرة العالمية، و أدىذلك إلى تنامي النزاعات العرقية ، وظهور التكتلات السياسية الكبيرة كالاتحادالأوروبي، و النمو المتسارع للمجتمع المدني العالمي، والاهتمامبحقوق الإنسان و تدخل الدول الكبرى والمهيمنة لحماية تلك الحقوق ، وهذا لا شك أثر على فكرة المواطنة ، وظهر أشبه ما يكون بالمواطنة العالمية . 2. ظهور الشركاتالعالمية الكبيرة العابرة للقارات : و اعتمادها على المنافسةواقتصاد السوق، و اعتماد الخصخصة كأسلوب اقتصادي، والمطالبة بتطبيق اتفاقياتالتجارة الحرة ، والمحافظة على حقوق الملكية الفكرية، أدى هذا إلى التساؤل حول مدى قدرة الدولة على الوفاء بمسؤوليتهاالاجتماعية والاقتصادية تجاه مواطنيها لاسيما الطبقات الوسطى والفقيرة ؟؟ وهو عنصرأساسي في المواطنة.3. اهتمام الحكومات بالفردية (كفكرة مثالية لتحقيق حرية وكرامة الفرد): أدى التطرف باستخدامها إلى الاهتمامبالمصالح الفردية الضيقة ، وتركز الثروة بيد عدد محدود من الأفراد ، ونجم عن ذلك تراجع الاهتمام- أفراد المجتمع كأكل- بالشأن العام(وأهم صورها عدم الإقبال على الانتخابات )) ، وهذا أدى إلى تهديد التضامن الاجتماعي ،وتزايدالبطالة والفقر نتيجة زيادة تكاليف المعيشة ، وتلاشي الطبقة الوسطى ، وأصبح اهتمام الناس منصبعلى تأمين قوت يومهم ، و أضحت المشاركة السياسة ترفا ، مقتصرة على النخب و الأغنياء ؟؟ ثانياً:تغول الحكومات على الحقوق والحريات المنصوص عليها في الدساتير وخلطها المتعمد مابين الحق و الواجب في العلاقة القانونية ما بين الفرد بالسلطة، حيث نلاحظ: 1. معظم الدساتير صيغتبشكل جيد ونصت على أهم الحقوق والحريات الموجودة في العالم . ولكن نلاحظ وجود فجوةكبيرة ما بين النظرية والتطبيق، حيث تم الالتفاف على نصوص الدساتير و تم تعطيلالعديد من النصوص المتعلقة بالحقوق والحريات تحت جملة من الذرائع .2. نظرة السلطة إلىالفرد لم تتغير حيث بقيت محكومة بنفس العقلية العربية منذ العصر الجاهلي كما قالالشاعر عمر بن كلثوم :ألا لا يجهلنا أحد علينا ... فنجهل فوق جهل ألجاهليناونحن الحاكمون إذا اطعنا .... ونحن العازمون إذاعصيناحيث بقيتعلاقة السيد بالعبد . ولم تمارس الحكومات دور مقدم الخدمة و الحامي للمواطن .3. إن الهدف الواجبالأساسي للحكومة- أي حكومة- هو حمايةالمواطن وتمكينه من التمتع بالحقوق المنصوص عليها في الدستور، ومن حقها أن تنظمهذه الحقوق، لا أن تعطلها ، وما هو منصوص عليه في الدستور هو حق للمواطن ، ومع ذلك فان بعض الحكومات كانت تنظر البعضالحقوق نظرة شك وريبة وان منحهاللمواطن عبارة عن منّه من تلك الحكومة؟؟

مدار الساعة ـ نشر في 2021/04/29 الساعة 00:21