أنهار اللبن والعسل قادمة!
مدار الساعة ـ نشر في 2021/04/27 الساعة 01:04
بمثل هذا الحلم كنا ننتظر أن يخرج علينا فلاسفة الاقتصاد الأردني ليشرحوا لنا متى وكيف سيعود التعافي للقطاعات الاقتصادية التي أصابها شلل مؤقت منذ العام الماضي، فيما قطاع الشركات والأعمال الصغيرة قد ودعت الحياة بزفرات حارقة، وهذا للأسف لم يكن مجرد صدفة، بل أن النازلة الوبائية التي هبطت علينا ضمن العالم قد كشفت هشاشة الوضع العام الذي بدأت ملامح خطورته منذ خمس سنوات على الأقل في ظل قيود طاردة لبيئة الاستثمار، ولكن ليس بالأمل وحده نعالج رئة الاقتصاد المثقوبة، بل بإجراءات عاجلة ومغريات تثبت أننا دولة وتسنطيع القيام بإعادة تموضع لجلب المستثمرين المتشككين.
من الطبيعي أن يحتفي المسؤولون الماليون بأرقام الإيرادات عبر كافة أجهزة الحكومة التي تفرض الضرائب والرسوم ومختلف الفواتير الأخرى، ولكن في النهاية علينا أن نفهم أن كل ذلك ليس سوى إعادة تدوير مالي ما بين مختلف جيوب المكلفين لتدخل إلى خزينة الدولة ثم يعاد تدويرها مرة أخرى في صناديق النفقات العامة التي تدفع منها تكاليف البقاء على الحياة للقطاع العام، وهكذا دواليك، دون أن ننظر الى أهمية أن يأتينا مستثمر واحد ليشغل مئة متعطل عن العمل مثلا، أو بناء شراكة ما بين طرف أردني مع شريك من الوزن الثقيل لإعادة الثقة بالبيئة الاستثمارية.
هنا ورغم عدم الاختصاص ولكن بثقافة اقتصادية متواضعة، نجد أن الاقتصاد هو الركيزة الأساس للاستقرار السياسي والأمني، ولو أحصينا أعداد الأردنيين الذين نقلوا استثماراتهم لدول الجوار أو الذين استوطنوا في بلدان عربية أو إقليمية معتمدين على شركاتهم وشراكاتهم الناجحة، لعرفنا كم خسرنا طيلة السنين الماضية، وكم فرطنا بأولئك الذين نجحوا في ارتقاء سلم الأعمال ومنهم من نافس كبريات الشركات، ولعل أسوأ ما في خارطة السلّم والحّية أنها مثال مزعج لتعامل البيروقراطية الحكومية في غير محلها، ما دفعت بهروب المستثمرين رغم إصرارهم على امتلاك لأردن لكافة الميزات التي تجعله بيئة جاذبة، فالمناخ المعتدل والسلوك الطبيعي والأيدي العاملة والمساحة المتوفرة والأمن العام، تشكل عوامل إغراء لتوطين الإستثمار.
أنهار اللبن والعسل حلم يرافقنا بعد تصريحات بعض المسؤولين التي ترسم تلك الصورة الجميلة مرارة الواقع، ونحن لا يشغلنا إلا مراقبة الساعة ومتى تفتح الأسواق ومتى تغلق، ومن يمشي على الأرض مخالفا التعليمات وكم عدد الإصابات والوفيات، وهذه ملهاة ستزيدنا رهقا، وعلى المسؤولين أن يسلكوا طريقا جديدا كي ننتهي من قصة الخوف من الضبع، فالضبع فتك بالآلاف حتى الآن، والفقر فتك بمئات الآلاف.
من هنا يجب أن نطلق سراح الاستثمار الخارجي، ودعم الاستثمار المحلي وتخصيص سنوات ليأكل الناس من حصادها، دون مطاردة للقطاعات المتأرجحة أو المتعثرة أصلا لتحصيل الضرائب التي لن نجدها السنة القادمة إذا انهارت سلسلة الأعمال، فالبقرة الحلوب لا يمكن أن تحلبها في اليوم عشر مرات حتى يجف ضرعها ولا تجد ما تأكله،وهذا يلزم السلطات جميعها للتفكير بآليات لتخفيف الشروط وهدم الاعتقادات السياسية وتفعيل الملحقيات الاقتصادية في سفاراتنا للوصول الى أبناء الوطن المغتربين بأموالهم أولا ثم الشركات القابلة للعمل في الأردن، وهذا لن يفيد إلا إذا أزحنا كل المعيقات أمامهم وحماية استثماراتهم.
ولننظر إلى دول شقيقة وعيشها رغيد كيف قدمت تسهيلات لم نتوقعها بالأحلام، إقامة دائمة وجنسيات وجوازات سفر وإعفاءات وحماية ذهبية، لكل مستثمر يستوفي شروط ملاءته المالية أو ينشىء استثمارات مميزة، حتى أن قيود انتقال الأموال لا يجاريها تعسف، فهل نتعلم؟
Royal430@hotmail.com
الرأي
من الطبيعي أن يحتفي المسؤولون الماليون بأرقام الإيرادات عبر كافة أجهزة الحكومة التي تفرض الضرائب والرسوم ومختلف الفواتير الأخرى، ولكن في النهاية علينا أن نفهم أن كل ذلك ليس سوى إعادة تدوير مالي ما بين مختلف جيوب المكلفين لتدخل إلى خزينة الدولة ثم يعاد تدويرها مرة أخرى في صناديق النفقات العامة التي تدفع منها تكاليف البقاء على الحياة للقطاع العام، وهكذا دواليك، دون أن ننظر الى أهمية أن يأتينا مستثمر واحد ليشغل مئة متعطل عن العمل مثلا، أو بناء شراكة ما بين طرف أردني مع شريك من الوزن الثقيل لإعادة الثقة بالبيئة الاستثمارية.
هنا ورغم عدم الاختصاص ولكن بثقافة اقتصادية متواضعة، نجد أن الاقتصاد هو الركيزة الأساس للاستقرار السياسي والأمني، ولو أحصينا أعداد الأردنيين الذين نقلوا استثماراتهم لدول الجوار أو الذين استوطنوا في بلدان عربية أو إقليمية معتمدين على شركاتهم وشراكاتهم الناجحة، لعرفنا كم خسرنا طيلة السنين الماضية، وكم فرطنا بأولئك الذين نجحوا في ارتقاء سلم الأعمال ومنهم من نافس كبريات الشركات، ولعل أسوأ ما في خارطة السلّم والحّية أنها مثال مزعج لتعامل البيروقراطية الحكومية في غير محلها، ما دفعت بهروب المستثمرين رغم إصرارهم على امتلاك لأردن لكافة الميزات التي تجعله بيئة جاذبة، فالمناخ المعتدل والسلوك الطبيعي والأيدي العاملة والمساحة المتوفرة والأمن العام، تشكل عوامل إغراء لتوطين الإستثمار.
أنهار اللبن والعسل حلم يرافقنا بعد تصريحات بعض المسؤولين التي ترسم تلك الصورة الجميلة مرارة الواقع، ونحن لا يشغلنا إلا مراقبة الساعة ومتى تفتح الأسواق ومتى تغلق، ومن يمشي على الأرض مخالفا التعليمات وكم عدد الإصابات والوفيات، وهذه ملهاة ستزيدنا رهقا، وعلى المسؤولين أن يسلكوا طريقا جديدا كي ننتهي من قصة الخوف من الضبع، فالضبع فتك بالآلاف حتى الآن، والفقر فتك بمئات الآلاف.
من هنا يجب أن نطلق سراح الاستثمار الخارجي، ودعم الاستثمار المحلي وتخصيص سنوات ليأكل الناس من حصادها، دون مطاردة للقطاعات المتأرجحة أو المتعثرة أصلا لتحصيل الضرائب التي لن نجدها السنة القادمة إذا انهارت سلسلة الأعمال، فالبقرة الحلوب لا يمكن أن تحلبها في اليوم عشر مرات حتى يجف ضرعها ولا تجد ما تأكله،وهذا يلزم السلطات جميعها للتفكير بآليات لتخفيف الشروط وهدم الاعتقادات السياسية وتفعيل الملحقيات الاقتصادية في سفاراتنا للوصول الى أبناء الوطن المغتربين بأموالهم أولا ثم الشركات القابلة للعمل في الأردن، وهذا لن يفيد إلا إذا أزحنا كل المعيقات أمامهم وحماية استثماراتهم.
ولننظر إلى دول شقيقة وعيشها رغيد كيف قدمت تسهيلات لم نتوقعها بالأحلام، إقامة دائمة وجنسيات وجوازات سفر وإعفاءات وحماية ذهبية، لكل مستثمر يستوفي شروط ملاءته المالية أو ينشىء استثمارات مميزة، حتى أن قيود انتقال الأموال لا يجاريها تعسف، فهل نتعلم؟
Royal430@hotmail.com
الرأي
مدار الساعة ـ نشر في 2021/04/27 الساعة 01:04