نهب الموارد أسوأ من نهب المال
مدار الساعة ـ نشر في 2021/04/26 الساعة 02:12
عمليات سرقة المياه والكهرباء في الاردن، تتعدى مسألة مد سلك أو ماسورة خارج العدادات الرسمية من قبل فقراء عجزوا عن دفع فواتير قيمتها بضعة دنانير، الى سرقات كبرى ينفذها اثرياء أو متنفذون، فقد كشف وزير المياه والري أن خمسة أشخاص سرقوا ثمانية ملايين متر مكعب من المياه سنوياً منذ عام 2011.
وفي عام 2017 تم الكشف عن اكبر عملية سرقة كهرباء قام بها صاحب مزرعة ومصنع، حيث ركب اعمدة ومولدات ضخمة قدرت قيمتها بـ300 ألف دينار وربطها بالشبكة الرئيسية، لتزويد المزرعة والمصنع بالطاقة الكهربائية «مجاناً»، هذا العمل لم يكن ليتم دون الاستعانة بفنيين مختصين، ودون غض نظر وتغطية ممن هم على صلة بقطاع الكهرباء، وحسب ما أعلن آنذاك، لا يمكن ان ينجز العمل بيوم وليلة، مما يؤكد مشاركة وتواطؤ عدد كبير من الاشخاص الذين لا بد من ضمان موافقتهم على عملية السرقة تخطيطاً وتنفيذاً، وكما هي العادة بعد اكتشاف كل حادث سرقة تبدأ القصة كبيرة، ثم تصغر وتتلاشى مع الايام، الى ان تنقطع اخبارها ثم تنتهي بتسويات بعد تدخل الوسطاء، ويا دار ما دخلك شر.
السرقات في وطني المحبوب المنهوب، لا تقتصر على الماء والكهرباء بل على المال العام المنقول المحمول، وغير المنقول الذي لا يحمل كالاراضي والعقارات واللعب بحقوق المساهمين في الشركات والبنوك عن طريق تقاضي رواتب خيالية وفوقها امتيازات ومكافآت.
ظاهرة الفساد استفحلت وفتكت ببنية الدولة، وبالمقابل لا نرى فتكاً بالفاسدين من قبل مؤسسات مكافحة الفساد، ربما لانها بحاجة لمزيد من التمكين التشريعي والدعم السياسي، وتأمين غطاء وحماية كاملة للعاملين في هذه المؤسسات، لتتفوق قوتهم على قوة الفاسدين، مهما علت مناصبهم او مكانتهم الاجتماعية، وهذا يأخذنا الى السؤال عن نهايات قصص الفساد التي يتم الاعلان عنها، فما لم يقدم الفاسدون للقضاء، بشكل علني وتستعاد المسروقات، مع انزال العقاب اللازم بالمدانين، تظل الثقة بجدية المكافحة ناقصة او حتى معدومة، اذ ان مجرد اعلان وزير المياه عن قيام خمسة اشخاص بسرقة ثمانية ملايين متر مكعب من المياه سنويا، منذ العام 2011، دون ان يوضح عن الاجراء الذي اتخذته الحكومة بحق هؤلاء، والمبالغ التي تم تحصيلها منهم بدل كمية المياه المسروقة والتي تعرف الوزارة قيمتها المادية، ودون ان يحولوا للقضاء، يظل هذا الاعلان مفتقرا للنصف الاهم من الرواية والمتمثل بمصير الجناة، هل ما زالوا طلقاء؟ وهل توقفوا عن السرقة؟ هذا ما ينتظر المواطن ان يراه ويسمعه بعد كل قضية فساد ليقتنع بان لا احد فوق القانون وانه يطبق على الصغار والكبار ولا استثناء لأحد.
ان اللجوء الى اجراء تسويات بين الفاسدين والدولة، بغرف مغلقة، او بوضعية الصامت، يؤشر على ضعف الحكومة وقوة الفاسدين، لان التفاوض مع الفاسد، يعني بالضرورة تخلي صاحب الحق وهو بهذه الحالة الحكومة طوعا او كرها عن ادوات القوة التي تمتلكها، فيما لم يتخل الفاسدون عن ادواتهم ووظفوها لفرض شروطهم.
لقد تم اجراء تسويات ومصالحات في قضايا فساد كثيرة كانت معظمها بالنهاية لصالح الفاسدين الذين يستطيعون الافلات دائماً من العقاب بفضل فزعاتهم التي تهب لنجدتهم بمقابل او دون، وهو مشهد متكرر تكون نتيجته بالضرورة غير نجاة الفاسدين خسارة الدولة واضعافها في نظر الشعب وعدم تصديق اي كلام عن الحفاظ على المال العام.
ان تكريس نهج التسويات كقاعدة وليس استثناءً مقنناً بحدود ضيقة جداً، حوّله الى ما يشبه الحق المكتسب الذي يلجأ اليه الفاسدون كطوق نجاة مضمون.
ان الله خلق لكل الشعوب موارد رزقها، واعطانا في وطننا ما يكفينا، لكن اصحاب الضمائر الميتة والقلوب المتحجرة، وضعوا الأغلبية العظمى من الشعب في مكابدة قاسية للبقاء على سجلات الأحياء، وما لم تصحو الدولة وتنبذ اعداء الشعب، لن يردعهم الدعاء عليهم لانه حيلة العاجز.
الرأي
وفي عام 2017 تم الكشف عن اكبر عملية سرقة كهرباء قام بها صاحب مزرعة ومصنع، حيث ركب اعمدة ومولدات ضخمة قدرت قيمتها بـ300 ألف دينار وربطها بالشبكة الرئيسية، لتزويد المزرعة والمصنع بالطاقة الكهربائية «مجاناً»، هذا العمل لم يكن ليتم دون الاستعانة بفنيين مختصين، ودون غض نظر وتغطية ممن هم على صلة بقطاع الكهرباء، وحسب ما أعلن آنذاك، لا يمكن ان ينجز العمل بيوم وليلة، مما يؤكد مشاركة وتواطؤ عدد كبير من الاشخاص الذين لا بد من ضمان موافقتهم على عملية السرقة تخطيطاً وتنفيذاً، وكما هي العادة بعد اكتشاف كل حادث سرقة تبدأ القصة كبيرة، ثم تصغر وتتلاشى مع الايام، الى ان تنقطع اخبارها ثم تنتهي بتسويات بعد تدخل الوسطاء، ويا دار ما دخلك شر.
السرقات في وطني المحبوب المنهوب، لا تقتصر على الماء والكهرباء بل على المال العام المنقول المحمول، وغير المنقول الذي لا يحمل كالاراضي والعقارات واللعب بحقوق المساهمين في الشركات والبنوك عن طريق تقاضي رواتب خيالية وفوقها امتيازات ومكافآت.
ظاهرة الفساد استفحلت وفتكت ببنية الدولة، وبالمقابل لا نرى فتكاً بالفاسدين من قبل مؤسسات مكافحة الفساد، ربما لانها بحاجة لمزيد من التمكين التشريعي والدعم السياسي، وتأمين غطاء وحماية كاملة للعاملين في هذه المؤسسات، لتتفوق قوتهم على قوة الفاسدين، مهما علت مناصبهم او مكانتهم الاجتماعية، وهذا يأخذنا الى السؤال عن نهايات قصص الفساد التي يتم الاعلان عنها، فما لم يقدم الفاسدون للقضاء، بشكل علني وتستعاد المسروقات، مع انزال العقاب اللازم بالمدانين، تظل الثقة بجدية المكافحة ناقصة او حتى معدومة، اذ ان مجرد اعلان وزير المياه عن قيام خمسة اشخاص بسرقة ثمانية ملايين متر مكعب من المياه سنويا، منذ العام 2011، دون ان يوضح عن الاجراء الذي اتخذته الحكومة بحق هؤلاء، والمبالغ التي تم تحصيلها منهم بدل كمية المياه المسروقة والتي تعرف الوزارة قيمتها المادية، ودون ان يحولوا للقضاء، يظل هذا الاعلان مفتقرا للنصف الاهم من الرواية والمتمثل بمصير الجناة، هل ما زالوا طلقاء؟ وهل توقفوا عن السرقة؟ هذا ما ينتظر المواطن ان يراه ويسمعه بعد كل قضية فساد ليقتنع بان لا احد فوق القانون وانه يطبق على الصغار والكبار ولا استثناء لأحد.
ان اللجوء الى اجراء تسويات بين الفاسدين والدولة، بغرف مغلقة، او بوضعية الصامت، يؤشر على ضعف الحكومة وقوة الفاسدين، لان التفاوض مع الفاسد، يعني بالضرورة تخلي صاحب الحق وهو بهذه الحالة الحكومة طوعا او كرها عن ادوات القوة التي تمتلكها، فيما لم يتخل الفاسدون عن ادواتهم ووظفوها لفرض شروطهم.
لقد تم اجراء تسويات ومصالحات في قضايا فساد كثيرة كانت معظمها بالنهاية لصالح الفاسدين الذين يستطيعون الافلات دائماً من العقاب بفضل فزعاتهم التي تهب لنجدتهم بمقابل او دون، وهو مشهد متكرر تكون نتيجته بالضرورة غير نجاة الفاسدين خسارة الدولة واضعافها في نظر الشعب وعدم تصديق اي كلام عن الحفاظ على المال العام.
ان تكريس نهج التسويات كقاعدة وليس استثناءً مقنناً بحدود ضيقة جداً، حوّله الى ما يشبه الحق المكتسب الذي يلجأ اليه الفاسدون كطوق نجاة مضمون.
ان الله خلق لكل الشعوب موارد رزقها، واعطانا في وطننا ما يكفينا، لكن اصحاب الضمائر الميتة والقلوب المتحجرة، وضعوا الأغلبية العظمى من الشعب في مكابدة قاسية للبقاء على سجلات الأحياء، وما لم تصحو الدولة وتنبذ اعداء الشعب، لن يردعهم الدعاء عليهم لانه حيلة العاجز.
الرأي
مدار الساعة ـ نشر في 2021/04/26 الساعة 02:12