المسار السياحي المفقود بجرش في قبضة المحافظ العدوان
مدار الساعة ـ نشر في 2017/05/26 الساعة 17:03
مدار الساعة – حسني العتوم طرح محافظ جرش الدكتور رائد العدوان مجموعة من الافكار التي تتعلق بالشان السياحي في المحافظة والتي يمكن لها ان تكون نواة حقيقية لمشاريع سياحية تنموية من شانها ان تخلق فرص عمل واسعة النطاق.
واكد العدوان في حديث صحفي "للدستور" ان الامكانات الطبيعية والتاريخية المتوفرة في محافظة جرش يجب ان تسخر لخدمة المواطن لافتا الى ان مدينة جرش تتميز بارث تاريخي هائل في شق المدينة الغربي ويمثل مهوى افئدة الحركة السياحية والنشاط السياحي من مختلف انحاء المعمورة .
واضاف العدوان ان هناك حزمة من المسارات السياحية التي وفرتها وزارة السياحة والاثار لتنطلق من قلب مدينة الاثار بكافة الاتجاهات الى حيث الطبيعة المكتسية ببساطها الاخضر الذي يمتد على ربع مساحة المحافظة بدءا من غابات دبين الشهيرة الى غابات العميدات غربا في سوف وجبل المنارة ووصولا الى غابات الشهيد وصفي التل شمالا وشرقا مؤكدا ان هناك مسارا اخر يجب العمل عليه ويتمثل باحداث تغييرات بصفة استعمال بعض المواقع في قلب المدينة الحضرية ومنها سوق الشامية القديم بعراقته وبنائه اضافة الى تغييرات هامة في نقل الدوائر الى خارج صحن المدينة وتنظيم الاسواق والارصفة فيها .
واشار المحافظ الى ان هذا المسار يحتاج الى بعض الاجراءات الخاصة بدخول السياح وخروجهم من والى المدينة الحضرية بحيث يكون هناك خط سير واضح للحركة اضافة الى امكانية تنظيم عمل الخيول وعمل عربات خاصة لنقل القادمين الى المدينة وصولا الى موقع البركتين الشهير والمتفرد بجماليات موقعه التاريخي .
واوضح المحافظ بانه لا بد من تشكيل لجنة محلية من ذوي الخبرة والجهات ذات العلاقة يناط بها مهام اعداد خطة حصيفة لاحداث التغيير المنشود وايجاد شكل تفاعلي بين ابناء المدينة وقطاع السياحة مؤكدا عزمه على تنفيذ كافة التوصيات التي تخرج بها هذه اللجنة .
ولفت الى اهمية خلق حالة من التواصل المستمر مع جمهور المواطنين من جهة ومع الاعلام الناضج الهادف لايصال الفكرة واضحة وجلية الى المجتمعات المحلية والتي نعتقد بانها ستكون فاتحة خير على المدينة وابنائها وستعمل على تغيير الثقافة العامة تجاه القطاع السياحي الذي نقر بان هناك فجوة واسعة بينه وبين السكان المحليين ، وفي حال شعر المواطن بانه يجني الثمر من هذا القطاع فانه سيكون هو المدافع الاول عنه والحامي له ، باعتباره ركيزة حقيقية في احداث التنمية التي طالما اكد عليها جلالة الملك عبدالله الثاني في خطاباته الموجهة للحكومة ، وهو هدف نسعى الى تحقيقه بكل جدية وانفتاح على مجتمعنا المحلي .
وأشار الدكتور العدوان إلى أن المحافظة وبالتعاون مع دار البلدية والسياحة والاثار وكافة المؤسسات المعنية والدوائر الخدمية تعمل ضمن خطة هادفة الى معالجة الاختلالات في صحن المدينة وضواحيها بحيث يتوفر المناخ الملائم لدخول القطاع السياحي الى قلب المدينة ، مشيرا الى ان الخطة تتضمن تفريغ وسط المدينة من الدوائر ونقلها الى الاطراف حيث بدا هذا التوجه بالفعل بنقل البلدية الى موقعها الجديد قرب دوار متنزه البلدية وهناك دوائر اخرى على الطريق بهدف الحد من الضغط المروري وسط المدينة وصولا الى ايجاد ارصفة خاصة بالمشاة واماكن اصطفاف امنة للمركبات وغير مخالفة .
وقال المحافظ العدوان اننا ندرك تماما اهمية التشبيك بين القطاعات الرسمية السياحية سواء تلك المتواجدة داخل المحافظة او من خلال الوزارات المعنية بهدف التنسيق المباشر معها لاسيما وزارات السياحة والبلديات والمياه لاقامة مشاريع من شانها ان تخدم القطاع السياحي ومنها مشروع الربط بين المدينتين الاثرية والحضرية والصرف الصحي وهو ما سيفضي الى استقطاب المستثمرين لاقامة مشاريع سياحية ومنها الفنادق بهدف اطالة مدة اقامة السائح في المدينة .
وقال المحافظ العدوان ان الحديث عن السياحة في جرش كثر وتعددت اشكاله ولكن لابد من العمل المنظم وتوحيد الجهود للوصول الى الغاية والهدف الذي نطمح اليه ويراه كل مواطن يعيش على ارض هذه المحافظة الزاخرة بتنوعها التاريخي والاثري والثقافي والزراعي اضافة الى تعدد منتجاتها الزراعية بشقيها النباتي والحيواني لتكون فعلا حاضرة المدن الاردنية بهذا التنوع الذي يحتاج الى وقفة جادة معه .
الى ذلك يرى متابعون للشأن السياحي بان المشاريع التي تم تنفيذها في مدينة جرش من اعمال المشاريع السياحة الاول والثاني والثالث بانها نفذت في مدينتين مغلقتين فمن جهة المدينة الاثرية فان اسوارها التي تعلوها الاسلاك الشائكة تمنع ذلك التواصل بين المدينتين وبالمقابل فان سكان جرش يرون الزوار والسياح عن بعد في شارع الاعمدة ، وهذا يقتضي بالضرورة ان يفكر المصممون للمشاريع بجدوى فك الحصار بين المدينتين اولا ومن ثم التفكير بالحسابات الاخرى .
ويتساءلون ايضا : ما الذي يمنع من ان تكون محطة حافلات الزوار والسياح في الموقف الذي اقيم في موقع الحسبة القديم والذي يلامس صحن المدينة التجاري المحطة الاولى للزوار ومنه ينطلقون الى مدينة الاثار .
والسؤال الاخر هو: أليس موقع الحمامات الشرقية باقواسه الجميلة وموقعه الفريد جزء ا اصيلا من مدينة الاثار ، ولماذا يستثنى هذا الموقع بالتحديد من اعمال الصيانة والترميم مثلما يستثنى من وضعه على قائمة مواقع المدينة الاثرية لزيارته .
ويؤكدون بان الناظر لموقع مكاتب دائرة الاثار العامة في جرش المتهالكة والايل بعضها للسقوط مقابل البذخ في اعمال الصيانة والترميم لمركز الزوار والذي كلف الخزينة في مراته الاربع اكثر من مليوني دينار يجد الغرابة في ذلك ، ومن حيث المبدأ لماذا يكون هناك مديريتان في نفس الموقع واحد للسياحة والاخر للاثار ما دام الموقع واحدا .
اسئلة كثيرة وكلها برسم الاجابة ، ومع ذلك فان الامال بالتغيير نحو الافضل ما زال قائما ، وما زالت احلام المتسائلين عن القضاء على البطالة في جرش امام كل هذا الارث التاريخي قائم ايضا .
ويرى متاملون للواقع السياحي في جرش ايضا ان الامر يسير جدا وليس هو من الصعوبة بمكان وكل ما في الامر ان نطرد الوساوس والهواجس والتشكيك من عقلية المفكر بالشان السياحي في هذه المدينة الفريدة من نوعها في العالم لما تحتفظ به من كنوز اثرية متكاملة بهذا الحجم يندر وجودها في اي بقعة اخرى ولناخذ العبرة من مدينة البتراء ووادي موسى وغيرها لنسال كيف صنعت السياحة من السكان المحليين نماذج سياحية متقدمة ؟ .
ففتح ممر بين المدينتين ليس امرا عسيرا ، واقامة متحف في الشطر الشرقي يجمع الكثير من القطع الاثرية التي مضى عليها عشرات السنين في المستودعات سهل كذلك ، والالتفات الى موقع الحمامات الشرقية واجراء الصيانة واعمال الترميم له امر مقدور عليه والاهم من ذلك كله بناء جسور الثقة والتواصل بين السياحة والسكان المحليين ، فحين يشعر المواطن ان السياحة مصدر اساسي لرزقه سيكون هو نفسه الخفير والحارس الامين عليها ، عندها سنجد الشباب العاطلين عن العمل يعملون كخلية نحل في هذا القطاع الحيوي والهام .
صحيح لابل هناك اعترافات كبيرة هنا بان العقلية ليست سياحية ، ولو بحثنا عن السبب لوجدنا انه محصور في الفجوة الهائلة بين القطاعين ، لعدم وجود حلقة وصل بينهما ، فليست السياحة محصورة في ارتياد عدد من المطاعم او الاستراحات فحسب او سوق سياحي جل بضاعته مستوردة ، انما هو عمل انتاجي يتناغم وحاجة القادمين للموقع من جهة ويعبر عن طابع المكان وتطور الانسان فيه من جهة اخرى .
وبناء الثقة تلك لن تاتي بين عشية وضحاها ، او فكرة من وراء الادراج لا يصل ربعها ، انما استراتيجية واضحة وعمل من شانه ان يفضي الى تلك النتائج المامولة من الحركة السياحية ، لننطلق بعدها الى فكرة المسارات السياحية والمخيمات وما يتطلب ذلك من جهود كبيرة الاعتقاد فيه بالجزم بانه يوفر الالاف من فرص العمل على امتداد المسار وعند قيام السكان المحليين في القرى والارياف بتقديم منتجاتهم وعاداتهم والوان طعامهم وسبل حياتهم في مشاهد طبيعية ترقى الى نفسية الزائر وما يرغب به ان يشاهده .
ولا بد ايضا من ان تبنى الثقة بهذا القطاع من خلال بناء شراكة حقيقية مع المجتمعات المحلية ومنها على سبيل المثال لا الحصر اعادة الحياة لاصدقاء الاثار والسياحة ضمن منظومة " الاندية المدرسية " التي شهدت رواجا وتواصلا واسعا بين شطري المدينة في بداية اعوام هذا القرن ، وفتح المجال اكثر امام الفنانين والنحاتين والرسامين لمحاكاة ذلك الارث الهائل في المدينة الاثرية .
خلاصة القول : ان السياحة عندنا ما زالت تتكئ على افكار لم تبلغ النضج بعد ، ولم ترتق الى مستوى الحلم والطموح ، ما دامت ملتزمة بخمارها وما دمنا نحوم حول الهدف ولا ندخل الى تفاصيله مباشرة .
" فان وجدت الافكار التي طرحها محافظ جرش الدكتور رائد العدوان والخاصة بقطاع السياحة طريقها الى ارض الواقع فانها ستعكس مسار عمل قطاعات واسعة في المحافظة وستحقق نقلة نوعية لفرص العمل وتحقيق تنمية شاملة فيها والاهم التاكيد على فكرة ان مدينة السياحة هي مدينة كل مواطن يعيش على ارضها ومهمة المحافظة عليها شان يعني المواطن مباشرة".
وباختصار اكثر نقول نعم لافكار محافظ جرش الدكتور رائد العدوان في هذا القطاع .
مدار الساعة ـ نشر في 2017/05/26 الساعة 17:03