الكنيسة الأرثوذكسية في الأردن تحتفل بمئوية الدولة الأردنية
مدار الساعة - على وقع أجراس الكنائس في كافة محافظات المملكة المبتهجة بمئوية تأسيس الدولة الأردنية أقامت الكنيسة الأرثوذكسية اليوم ١١ نيسان ٢٠٢١ خدمة صلاة المجدلة الكبرى إحتفالاً بالمناسبة الوطنية التاريخية. حيث ترأس صاحب السيادة المطران خريستوفوروس عطالله مطران الأردن للروم الأرثوذكس خدمة الصلاة في كنيسة الصعود الإلهي - خلدا.
وتُقام هذه الخدمة بحسب تقليد البطريركية المقدسية في الأعياد الوطنية وذلك شُكرًا لله على نعمة الأمن والإستقرار الذي يحظى به وطننا الحبيب وتضرعًا لله لكي يحفظ قيادتنا الهاشمية الحكيمة.
وفي هذه المناسبة العزيزة ألقى صاحب السيادة كلمة تاليا نصها:
إنها لبركةٌ عَظيمَة، فقد شاءت الإرادةُ الإلهية أن نجتمعَ في هذا اليوم مُحتفلين بِالذكرى المِئويَّة لتَأسيس الدَولةِ الأردنية، مستذكرينَ إنجازاتِ آبائنا وأجدادِنا الذين أسّسوا دَولتَنا الأردنيةَ قَبلَ عَشَرةِ عقود، فما هذهِ اللحظات الآن إلا لَحظاتٍ تاريخيةٌ لأبناءِ وبناتِ جِيلنا تَمرُّ أمَامَنا مَرةً واحدة في هذا العُمر، تُشعِلُ قُلوبَنا بأحاسيسِ الفخرِ والاعتزاز ، كأبناء وأحفاد الأردنيين الذين سَبقونا، لِما بَذَلُوه خلال المئة عامَ الماضية من أجل رفعة هذا البلد، من دماءٍ زَكيَّة روَّت تُرابه وأرواحٍ طاهرةٍ عطَّرت سماءه.
إن احتفالَنَا اليومَ يأتي شَاهِدًا على أُردُنِّنا الراسخِ والثابتِ في مبادِئِهِ والمُستَقرِّ في حُكمِهِ مُنذُ تأسيسهِ عامَ ألفٍ وتِسعِمائةٍ وواحدٍ وعشرين (١٩٢١) ، فَرَغمَ مُرُورهِ بتاريخٍ حافلٍ مَملُوءٍ بظروفٍ إقليميَّةٍ وسياسيةٍ صَعبة، إلا أَنَّهُ طَوَاها وتَقدَّمَ، بإصرارِ شَعبِهِ الوَفيِّ نحوَ المزيدِ من الازدهار والاستقرار.
ولا نُجاملُ أحدًا عِندما نقولُ بأنَّ الفَضلَ بعدَ الله يَعودُ لِمُلُوكِ بني هَاشم وحِكمَتِهم وحُكمِهم الرَشيد، الذي به سَطَّرُوا بصمَّاتٍ خالدةٍ في التاريخ، فنتذكَّرُ اليومَ المَغفورَ له المَلك المؤسِّس عبدالله الأول، رحمه الله، إبنُ ملكِ العَرب الشريفِ الحُسين بن علي، طيب الله ثراه، حين كان أميرًا آنذاك، وأعلنَ ولادةَ إمارةَ شرقِ الأردن مُشبَعًا (ومَن إلتفَ حَولهُ من زَعاماتِ الوطن وأحرارِ العرب) بِروحِ الثَورةِ العَربية الكُبرى، روحِ النهضة، مُترجِمًا إياها من ثَورةٍ الى دَولةٍ، قَامَت بالمَشورةِ والتوافقِ مُعلنَةً بِدء العمل بأولِ حكومةٍ عربية، ترأَّسَهَا دولة ُالمرحوم رشيد طليع يومَ الحادي عشر من شهر نيسان لعام ألفٍ وتِسعِمائةٍ وواحدٍ وعشرين (١١٤١٩٢١) تمامًا في مثلِ هذا اليوم. ولا ننسى المَغفورَ لهُ المَلكُ طلال بن عبدالله، رحمه الله، مطور الدُستورِ وباني قَواعدَ التَعليمِ والحُرياتِ والاعتِدال، والمَلك البَانيّ المَغفورَ لهُ الحُسين بن طلال، رحمه الله، الذي في عَهدهِ قامت مُعظمُ مؤسساتِ الدولةِ الأردنية وقِطاعاتُها، والمَلكَ المُعَزّز عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم، أطالَ اللهُ في عمرهِ وأعزَّ مُلكَهُ والذي نعيشُ في ظلِّ قيادتهِ بأَمنٍ وسَلام.
نحنُ اليومَ ومن الكنيسةِ الرُوميَّةِ الأرثوذكسيةِ في الأردن إكليروسًا وشعبًا نَستَذكِرُ الأجدادَ والآباء قَبلَ مِئة عَام وفي مُقدِّمَتِهم المُثلَّثِ الرحمات بَطريرك القُدس ذِميانوس، الذي بايعَ الأمير الهَاشمي أمينًا على نفوسِ العِباد وعلى مُقدساتِ وأوقافِ المَسيحيينَ والمُسلمين، ومن قَبلهِ المَغفورِ له الشريفُ الحُسين بن علي مَلك العرب، وهو الذي أَنشأَ العَلاقة الهَاشمية التاريخيَّة الوطيدَةَ بالكنيسةِ الأمّ صَاحبةِ الأرض، بَطريركيَّة الرُوم الأرثوذكس المَقدسيَّة والتي هي أقدم مُؤسسة في بلادِنَا المُقدّسَة، حيث كان أَوَّل أُسقفٍ عليها القديس يعقوب أخو الرب سنةَ ثلاثةً وثلاثون ميلادي (٣٣ م)، وتوالى على كُرسيِّها المَقدسيّ مِئَةً وواحدَ واربعون ( ١٤١) بَطريركًا حتى يومنا هذا.
إننا نَقِفُ اليَوم على مَشارِفِ المِئويةِ الثانية مِن عُمرِ دَولتنا مُفتخرينَ بِما قدَّمَ المَسيحيُّونَ في هذا البلد مع إخوَتِهم المُسلمين في مُعظمِ مُؤسساتِ الدَولةِ العَسكريةِ مِنها والمَدنيَّة وفي القطاعاتِ كُلِّها بِلا إستثناء، مُعمِّرينَ يَدًا بيد بناءَ دَولةِ الدِيمقراطية والتَعدّديّة والمُساواة، مُحافظينَ على وحدةِ مُجتمعِنا الأردنيّ بِقيَّمِهِ ومَبَادِئهِ التي قَامَ عليها وتَسَلَّمنَاهَا مِنَ الآباءِ والأجداد، مُستَبشِرينَ الخيرَ ونَاظرينَ مُستَقبَلًا مُشرِقًا لدوَّلَتنَا بمعونةِ الله، الذي نَضرعُ إليهِ أن يُظلِّلَ بِعِنَايتِهِ الإلهيَّة بِلادَنَا المُقدَّسَة ويَحمِيها مِن جَميعِ الاعداء المنظورين وغير المنظورين.
وهُنا ندعو جميعَ أبناءِ الوطن ومُؤسساتِهِ الرَّسميةِ والشَّعبيَّة في القِطاعَين العام والخاص لمُراجعة وتقييم الآداء بمخافة الله، والعمل على تَصويبِ الأخطاءِ لتفاديها في المستقبل برُوح ِالفريقِ الواحدِ لرِفعَةِ شأنِهِ مُلتَفين حول قيادَتِنا الهاشميَّة المُباركة.
نُصلي اليومَ لأجلِ أُردُنِنَا الحبيب ولأجلِ حِفظِ جَلالةِ مَليكِنا المُفدى وتأييدهِ ونُصرَةِ جَيشهِ وحِفظِ شَعبِه، ولأجلِ ما يَمرُّ بهِ من صُعوباتٍ مُختلفة. ونَحنُ في مُطرانيةِ الرومِ الأرثوذكس في الاردن مع بطريركيَّتِنا في القُدس نُقدِّرُ حَجمَ الضغوطات التي تُمارسُ عَلى الأردن لأجلِ مَواقِفهِ الثابِتة والصَلبةِ تِجاه القُدس الشريف، ونَقِفُ خلفَ غِبطةِ بَطريركِنا ثيوفيلوس الثالث بَطريرك المَدينة المُقدسة مُؤيّدينَ مَعهُ وِصايةَ ورِعاية آل هاشم للأوقافِ والمُقدسات المَسيحية والاسلامية في القدس مُمَثلَةً بِحضرَةِ صَاحب الجَلالة الهاشمية المَلك عبدالله الثاني ابن الحُسين المعظم حفظه الله ورعاه. وبِكُلِّ فَخرٍ واعتزازٍ ننتهزُ هذه المُناسبةِ لتجديدِ مُبايَعَتِنا وولائنا والتِفَافِنا حول قِيادَتِه الحكيمةِ ليستمر الأردن أُنمُوذجًا يُحتذى في وحدتِهِ وأَمنِه وإنجازاتِه الحضارية ومواقِفِه الإنسانيَّةِ الكبيرة.
ولا يَسَعُنَا في الختامِ إلا أَنّ نَرفع الى مقام حَضرةِ صاحبِ الجلالةِ الهاشميَّةِ الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم ووليَّ عهدِهِ الأمين صاحِبَ السُّمُوِّ الملكيِّ الأمير الحسين بن عبدالله الثاني المُعظم والعائِلة الهاشمية الكريمة والأسرة الأردنيَّة الواحدة أسمى آياتِ التهنئةِ والتبريك بهذه المناسبة التاريخية الوطنية الكبيرة والتي تأتي متزامنة مع صوم عيد الفصح المجيد وبدء شهر رمضان الكريم ، مَقرُونَةً بالدعاءِ والتضرُّعِ إلى الله عزَّ وجل أن يبقى الأردنُ دائِمًا وأبدا آمنًا، قويًا، ومُزدَهِرًا، وكلَّ عامٍ وأردنُنا الحبيبُ بألفِ خيرٍ وسلامٍ وبركة.
شارك في الصلاة عدد من الآباء الكهنة والشمامسة دون حضور المؤمنين وذلك التزاماً بقرارت الحكومة وتنفيذاً لأمر الدفاع حفاظاً منهم على سلامة الجميع.