نحتاج إلى صوت «الحكمة»

مدار الساعة ـ نشر في 2021/04/06 الساعة 00:22
ما أحوجنا اليوم إلى صوت العقل، هذه هي الوصفة الوحيدة التي استطيع ان أقدمها للأردنيين الطيبين في لحظة حرجة يمر بها بلدنا. لا أريد ان ادخل في تفاصيل ما حدث في يوم السبت المنصرف، فقد قدمت الدولة روايتها، وبوسعنا ان نتعلم مما جرى وان نتجاوزه، كما ان بوسعنا ان ننتظر دقة ساعة الحكمة التي جربناها مع كل أزمة تواجهنا، فلا نريد ان يخرج أحد منتصرا في اي أزمة تواجهنا الا « الوطن»، لأننا جميعا سنخسر اذا ما داهمتنا الفتنة، من هم على حق ومن هم على خطأ ايضا. الأردن اكبر منا جميعا، اكبر من اختلافاتنا ومصالحنا، والدولة الأردنية قادرة على «هضم» وتجاوز المحن التي تواجهها، كما فعلت على امتداد مئة عام مضت، لكن المهم ان نتذكر الآن بأن ثمة قيما ومبادئ راسخة قامت واستندت عليها دولتنا، أهمها التسامح والحكمة والاعتدال، وثمة مشتركات دينية ووطنية وإنسانية تجمعنا في هذا البلد، أهمها الأخوة والتكافل والعفو وعدم نسيان فيما بيننا من فضل. في هذا الوقت بالذات نحتاج فعلا الى «صوت العقل»، وفي بلادنا عقلاء كثر يمكن ان نسترشد بهم وشعب حي يمكن ان نثق به ودروس كثيرة يمكن ان نستفيد منها ومستقبل جديد يمكن ان نتفق عليه ونرسمه بعيدا عن «فزاعات» التخويف ونصائح المستثمرين في «الخراب» ودعوات الجاهزين «لضرب» تماسكنا ووحدتنا في اية لحظة. نحتاج الى «صوت العقل» لكي نجتاز هذه الأزمات التي تتناسل من رحم «الاحتقان» والخوف واليأس ومن «تربة» الفقر والبطالة والفساد لكي نتوافق على «اردن» جديد تستقيم فيه موازين العدالة وتعلو فيه مصلحة «الوطن» ويتنفس الناس هواء نقيا لا غبار فيه ولا «رطوبة» زائدة عن الحد. اذا كان البعض يريدون ان يأخذونا الى «المجهول» دفاعا عن مصالحهم وامتيازاتهم واذا كان ثمة من لا يرى في هذه المخاضات أكثر من «زوبعة في فنجان» فان «صوت العقل» وحده هو الحكم على المخاضات والمآلات، على اتجاه البوصلة ومساراتها، وهو وحده من يدلنا على الصواب. السؤال الذي يحب الا يغيب عن اذهاننا هو: بأي منطق يفترض ان نواجه هذا الواقع المزدحم بالأزمات والهواجس والتحديات..؟. لدينا -بالطبع- ثلاثة خيارات على الأقل، او إجابات إن شئت، الخيار الأول: منطق الحكمة والفهم بما يترتب عليه من قرارات هادئة وحوارات جادة وجبهة داخلية موحدة ونخب وطنية واعية وأمينة، وسياسات عادلة ومقاربات امنية وسياسية مدروسة، الخيار الثاني: منطق الانفعال والتوتر والارتباك والخوف والمبالغة في الهواجس واستخدام الفزاعات، بما يترتب عليه من اشتباك بين الناس ومشاحنات وتصفيات في أوساط النخب وخيبات لدى الجميع، يبقى المنطق الأخير وهو الاسترخاء السلبي، حيث تغيب المبادرة وتجف قنوات التنسيق ويزداد الارتجال والإهمال، وتنتشر ثقافة «انتظر ما في الغيب» او «كل يوم بيومه». لا انتظر ان يسألني احد عن الخيار الأفضل، فهو معروف للجميع، لكن بقي لدي كلمة أخيرة وهي: ان ما نراه من صور ونسمعه من أصوات وصراخ في مجالنا العام، يجب ان يقودنا الى حقيقة واحدة وهي ان ساعة «الحكمة» لا بدّ ان تدق، والاّ فإن ما ينتظرنا سيكون أصعب مما نتصور. الدستور
مدار الساعة ـ نشر في 2021/04/06 الساعة 00:22