هكذا نحمي الاستقلال

مدار الساعة ـ نشر في 2017/05/23 الساعة 23:53
مرة أخرى نحتفل بعيد استقلال الأردن ونيران الفتن ومخاطرها تحيط بنا من كل جانب، وتعصف بأجزاء غالية من وطننا العربي، وهي أجزاء شكلت على مدار التاريخ عمقنا الحضاري بكل مكونات هذا العمق الحضاري الجغرافية والتاريخية والثقافية والاقتصادية والبشرية، مما يعني أننا لسنا بمنجاة من هذه الفتن وآثارها التي صرنا نعاني فعلياً منها، أزمة اقتصادية خانقة، وقيود على حرية الحركة، وقلق دائم من الغد يرافقنا بصورة دائمة و.. و... إلى آخر ما نعانيه من آثار الواقعين السوري والعراقي على وجه التحديد. ومرة أخرى نحتفل بعيد استقلال الأردن والخطر يهدد وجود الكثير من الدول الوطنية في بلادنا، ليس بالفتن الداخلية فحسب، بل بالتقسيم الذي يفضي إلى الزوال. وهما أمران أعني بهما الفتن التي تعصف بالمنطقة، وخطر التقسيم والزوال، يفرضان علينا في الأردن ضرورة أن نكون في أعلى درجات الحيطة والحذر، وفي أعلى درجات الوعي على سبل حماية وتعزيز استقلالنا، حتى لا يضيع كما ضاع استقلال دول أخرى في منطقتنا وفي غيرها. بعد أن لم تمتلك شروط المحافظة على الاستقلال فأضاعته عندما لم تدرك أن ما هو أهم من تحقيق الاستقلال هو المحافظة عليه. فما هي شروط المحافظة على الاستقلال إذن؟ إن الإجابة على هذا السؤال تقودنا إلى استحضار الروح المحركة لبناة الاستقلال أولاً، وهي روح التحرر ورفض التبعية للآخر، والتحرر لم يكن يعني عند بناة الاستقلال مجرد طرد القوات العسكرية وإزالة قواعدها التي كانت جاثمة على أرضنا، بل كانت تعني ما هو أهم وأعظم، أعني استقلالية القرار السياسي والثقافي والاقتصادي والعسكري، وتعني بناء دولة المواطنة التي تكفل لأبنائها حقهم في المشاركة بصنع قرارات بلادهم، وإدارتها على أساس المساواة والعدالة. لذلك واصل أحرار العرب نضالهم لإلغاء كل الاتفاقيات التي كانت تربط بلادهم بالدول المستعمرة، وكان هذا الإلغاء هو الاستقلال الحقيقي لهذه البلاد وليس مجرد خروج الجيوش المستعمرة منها، أما بالنسبة لنا في الأردن فقد كان تعريب الجيش هو ذروة استقلالنا، لأنه عنى حرية قرارنا الذي يصنعه أبناء الوطن. فهذا هو المعنى الحقيقي للاستقلال الذي لم يشأ المستعمر أن نتمتع به، فظل يسعى إلى ثلمه بطرق شتى، حتى نجح في ذلك في أكثر من بلد عربي، كما نلمس في أيامنا هذه، وهي حالة يجب أن لا نسمح بنجاحها في بلدنا الذي نحتفل هذه الأيام بعيد استقلاله، وهذا يعني أن نستنهض وعينا القومي فندرك أننا جزء من كُل، وأنه لا شفاء لنا إلا بشفاء هذا الكل، وحتى نستنهض وعينا القومي فإنه لابد من أن نستنهض وعينا الوطني كحارس لجبهتنا الداخلية، و لتكون عصية على الاختراق الذي تعددت أساليبه، وكثرت عناوينه وتنوعت مساربه، وهي أساليب على نعومتها أكثر ضرراً من الاحتلال العسكري المباشر، لأن بعضها يعني احتلالاً للعقول يسلب الإرادة. كما أنها عناوين بريق بعضها يخطف الأبصار فيجعل أصحابها يزلون الطريق فينحازون إلى أعداء أمتهم، ويدافعون عن مصالح هؤلاء الأعداء، وقد صرنا نرى هؤلاء بيننا رأيا العين، وهي مسارب بعضها محفوف بالمغريات التي توقع أصحابها بالمهالك، فلايستطيعون النجاة منها فيدمرون أنفسهم بعد أن شاركوا في تدمير أوطانهم، كما رأينا في أكثر من بلد عربي، لذلك كله فإن علينا في الأردن أن نأخذ أقصى درجات الحيطة والحذر لنحفظ استقلال بلدنا، ولنظل كل عام نحتفل به، مؤمنين بأن الدولة هي السفينة التي تقلنا جميعاً، وأنه من غير الجائز أن يُحدث فيه أحد ركابها ثقباً، كما أنه ليس من الجائز أن يسمح سائر الركاب لاحدهم أن يحدث هذا الثقب، فيها وهذا يعني أنه لكي نحمي استقلالنا يجب أن يكون كل واحد منا غفيراً يحرس هذا الوطن، وأن لا يتنازل أحد منا عن حقه في المشاركة بحماية استقلالنا الوطني. الرأي
  • الأردن
  • عرب
  • اقتصاد
  • يعني
  • صورة
  • عناوين
  • لب
مدار الساعة ـ نشر في 2017/05/23 الساعة 23:53