الحكومة.. غريق ينقذ غريقاً
مدار الساعة ـ نشر في 2021/04/01 الساعة 00:38
كشف رئيس الوزراء بشر الخصاونة ووزير المالية، عن حزمة جديدة من الإجراءات التخفيفية للأضرار الضاغطة على كاهل المجتمع، وعلى القطاعات الاقتصادية وعلى الحركة التجارية ومجابهة كابوس الديون العامة وسقوط شرفة الطبقة الوسطى على رأس الطبقة المعدمة، وفي عجالة استطاع الفريق جدولة رزنامة التموضع الزمني للمشكلة المعقدة بأقل الخسائر وهي تقسيم حزمة الإنفاق البالغ 448 مليون دينار على كافة القطاعات بطريقة مباشرة أو غير مباشرة لتعزيز وضعية استقرار الوضع الاقتصادي الشعبي وقطاعات العمل والتجارة والتشغيل بمعيار نتمنى نجاعته، خصوصا بعد دخول تجمع البنوك بمبادرته المالية على خط الأزمة.
لا شك أن الوضع المالي الصعب للحكومة المركزية فاق التوقعات منذ عام ونيف، ليس لباب الإيرادات فحسب بل وللنفقات أيضاً، ورغم التباين الواضح بين قطاعات محدودة حصدت أرباحا جيدة خلال فترة الوباء عبر سنة مضت، فإن غالبية القطاعات الاقتصادية واجهت صعوبات وصلت حد الإفلاس، خصوصاً قطاع السياحة بأذرعه المختلفة الذي كان أحد أهم مصادر الإيرادات بأكثر من أربعة مليارات سنوياً، وقطاع تجارة الألبسة وتوابعها، والفنادق والمطاعم السياحية والمقاهي وصالات الأفراح وما يدخل بها من عناصر الزينة والطعام وغيرها، والعديد من الأنشطة التجارية التي باتت كالورقة تتقاذفها الرياح، وهذا كله وأكثر قد حرم الخزينة من الإيرادات المعتادة.
الحكومة لعبت دور الغريق الذي يحاول إنقاذ غريق آخر، والآخر هو أكبر وأكثر من مجرد أرقام تحملها بيانات المالية العامة، هو مجتمع بات يضج بفقره وببطالة شبابه وبركود أسواقه وارتفاع مؤشر الجريمة العائلية وانخفاض كارثي لمالية أغلب الأسر وتسكع الشباب العاطلين عن العمل بلا أي أنشطة لملء أوقات الفراغ، وتعطل الدراسة وازدياد معدل الشكاوى والقضايا المالية على الأفراد ممن خسروا مصادر دخلهم، هذا وأكثر أنتج محركات ثورة الغضب التي تنتاب حركة الشباب الذين هم بحاجة الى منقذ ومعالج نفسي سياسي اقتصادي حقيقي وليس مجرد وعود لا يعرفون بداية لها أو نهاية.
من هذا الباب وحفاظاً على أمننا الاجتماعي واستقرارنا الوطني، فإننا نستذكر قصة الرجل الذي مرّ على نهر ورأى رجلا يكابد الغرق فأخذ يلومه لأنه خاض المخاضة وهو لا يعرف السباحة، فناداه الغريق: يا هذا أنقذني ثم لُمنيّ، فنحن نعرف عبر تجربتنا مع الحكومات السابقات منذ زمن الرخاء ثم الانحدار حتى الوباء، أن أي حكومة مهما كانت ذكية، ليبرالية أو بيروقراطية، لا يمكنها الوفاء بنصف ما يحمله خطابها في اليوم الأول، ولم تعد القصة قصة أشخاص أو فريق بحد ذاته، فحكومات سابقة فتحت خزائن المالية لإنفاق ليس له أي أثر ولا إنتاجية، ومع هذا نصبر في انتظار انفراجة قد يأتي بها الله.
هذا هو دور الحكومة، فيجب عليها أن لا تخشى البلل، بل إقدامها على فتح الأبواب والتقاط النصائح والتعاونية المشتركة مع القطاعات الفاعلة والمنتجة وفهم التحديات التي تواجه قطاع الإنتاج لا يقل أهمية عن التعاطي السياسي مع المجتمع الذي حول كل مستخدمي الوسائط الإلكترونية الى محللين وصناع محتوى لا يفيد إلا بالبكائيات والتهكم دون تقديم أي حلول على أرض الواقع. من هنا تنظر الأغلبية الصامتة لموسم الحصاد الحكومي في الصيف قبل أن تقول كلمتها، أنخرج من الأزمة أم سيزداد الواقع توحشاً.
Royal430@hotmail.com
الرأي
مدار الساعة ـ نشر في 2021/04/01 الساعة 00:38