قناة بِنْ غُوريُون اَلاصْطِنَاعِية.. وهذا ما حدث في قناة السويس

مدار الساعة ـ نشر في 2021/03/30 الساعة 22:45
بقــلم: أ. د. بــلال أنس أبوالهــدى خماش، كلية تكنولوجيا المعلومات وعلوم الحاسوب، جامعة اليرموك. قناة السويس هي ممر مائي اصطناعي ازدواجي المرور (بمعنى سفن تمر من البحر الأحمر إلى الأبيض وبعد ذلك يسمح للسفن أن تمر من البحر الأبيض للأحمر) في مصر، يبلغ طولها 193 كم وتصل بين البحرين الأبيض المتوسط والأحمر، وتنقسم طولياً إلى قسمين شمال وجنوب البحيرات المرّة، وعرضياً إلى ممرين في أغلب أجزائها لتسمح بعبور السفن في اتجاهين في نفس الوقت بين كل من أوروبا وآسيا. وتعتبر أسرع ممر بحري بين القارتين وتوفر نحو 15 يوماً في المتوسط من وقت الرحلة عبر طريق رأس الرجاء الصالح. بدأت فكرة إنشاء القناة عام 1798 مع قدوم الحملة الفرنسية على مصر، ففكر نابليون في شق القناة إلا أن تلك الخطوة لم تكلل بالنجاح، وفي عام 1854 استطاع دي لسبس إقناع محمد سعيد باشا بالمشروع وحصل على موافقة الباب العالي، فقام بموجبه بمنح الشركة الفرنسية برئاسة دي لسبس امتياز حفر وتشغيل القناة لمدة 99 عاماً. استغرق بناء القناة 10 سنوات (1859 – 1869)، وساهم في عملية الحفر ما يقرب من مليون عامل مصري، مات منهم أكثر من 120 ألفاً أثناء عملية الحفر نتيجة الجوع والعطش والأوبئة والمعاملة السيئة، وتم افتتاح القناة عام 1869 في حفل مهيب وبميزانية ضخمة. وفي عام 1905 حاولت الشركة الفرنسية تمديد حق الامتياز 50 عاماً إضافياً إلا أن تلك المحاولة لم تنجح مساعيها. وفي يوليو عام 1956 قام الرئيس جمال عبد الناصر بتأميم قناة السويس، والذي تسبب في إعلان بريطانيا وفرنسا بمشاركة إسرائيل الحرب على مصر ضمن العدوان الثلاثي والذي انتهى بانسحابهم تحت ضغوط دولية من رئيس الإتحاد السوفياتي آنذاك نيكيتا خروشوف والذي هدد بإستخدام الصواريخ النووية (وقد أرعب قادة بريطانيا وفرنسا وإسرائيل لأنه سابقاً خلع حذاؤه أثناء الدورة العادية للجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 902 التي عُقدت في نيويورك يوم 12 أكتوبرعام 1960 عندما ضرب طاولة الوفد السوفيتي بحذائه اعتراضاً على خطاب رئيس الوفد الفلبيني لورينزو سومولونغ) وطلب وقف الإعتداء والإنسحاب من مصر، إضافة للمقاومة الشعبية المصرية. وقد تسببت حرب 1967 في إغلاق قناة السويس لأكثر من 8 سنوات، حتى قام الرئيس السادات بإعادة افتتاحها في يونيو 1975، بعد فض الإشتباك بين مصر وإسرائيل ووقف إطلاق النار ضمن أحداث حرب أكتوبر. شهدت القناة بعد ذلك عدة مشاريع لتوسيع مجراها وتقليل وقت عبورها بدأت عام 1980 وكان آخرها في 6 أغسطس 2015 مع افتتاح مشروع قناة السويس الجديد. تعد قناة السويس أحد أهم المجاري البحرية في العالم، حيث بلغت إيرادات القناة في العام المالي (2014 – 2015)نحو 39 مليار جنيه مصري. ويمر عبر القناة ما بين 8% إلي 12% من حجم التجارة العالمية. أنشئت هيئة مستقلة لإدارة قناة السويس وصيانتها وتطويرها مرتبطة مباشرة مع رئيس الوزراء بتاريخ 29 يوليو 1956. منذ تأميم قناة السويس عام 1956 وإسرائيل والدول الغربية تحاول إيجاد بديل لقناة السويس بأي شكل من الأشكال وكان اليهود أول من فكر في البديل لأنهم هم من أهم الخبراء في التخطيط طويل المدى. بتاريخ 23/03/2021 جنحت سفينة (إيفر جرين EVERGREEN) حاملة الحاويات العملاقة اليابانية في قناة السويس وتم إغلاق القناة لمدة أسبوع (ولا ندري فيما إذا كان الأمر مدبراً أم عفوياً). وجرى تحريك السفينة الجانحة وفتح القناة للملاحة بتاريخ 30/03/2021. جنوح سفينة ايفر جرين وإغلاق الملاحة في القناة أعاد الحديث من قبل إسرائيل مرة ثانية عن البدائل لقناة السويس ومن بينها قناة بن غوريون التي روَّج ويروج لها الإسرائيليون منذ أكثر من سنتين والتي تربط بين البحر الأحمر والبحر المتوسط. بعد توقيع السيسي على اتفاقية نقل السيادة على جزيرتي تيران وصنافير، وبعد تحول ممر تيران لممر دولي، أعلنت إسرائيل الثلاثاء الموافق 30/03/2021 بدء العمل في قناة بن غوريون التي ذكرت في تقارير عبرية قبل سنتين. وستقلل قناة بن غوريون المسافة التي تجتازها السفن في قناة السويس إلى البحر الأبيض المتوسط، وستحفر إسرائيل قناتين مستقلتين، واحدة من البحر الأحمر إلى المتوسط، والثانية من المتوسط إلى البحر الأحمر عن طريق إستخدام قنابل نووية محدودة بموافقة الولايات المتحدة الأمريكية. وذلك لطبيعة الأرض الصخرية وللسرعة في حفر القناة، وبذلك لا تتأخر أية سفينة على ضفتي القناة، في حين تمضي السفن في قناة السويس أسبوعين كي تجتاز قناة السويس، وستتحمل القناة أي ضغط دون أي تأثير بعكس قناة السويس حيث طبيعة الأرض رمليه تحتاج لمتابعه دائمه. وتنوي إسرائيل إقامة مدن صغيره وفنادق ومطاعم ونوادي سهر ليلية على القناة التي ستشقُّها وتزعم أن الأردن سيستفيد منها سياحياً. وستكون القناة بعمق 50 مترًا وعرض لا يقل عن 200 متر لكل قناة (معبر) أي زيادة عن قناة السويس 10 أمتار بالعمق، وستستطيع سفينة بطول 300 متر وعرض 110 أمتار، وهي أكبر قياس للسفن في العالم من العبور من خلال قناة بن غوريون. وستتفق إسرائيل مع 3 مصارف أمريكية لإقراضها الـ 16 مليار دولار وهذا المبلغ قابل للزيادة حسب ظروف المشروع كتكاليف لإنشاء القناة بفائدة 1 في المئة، على أن تسددها على مدى 30 سنة. وهكذا تكون إسرائيل قد أنشأت القناة من قروض أمريكية بفائدة بسيطة، بينما ستعود القناة بعوائد بقيمة 6 مليارات وأكثر في السنة. أما مدة البناء فستكون 5 سنوات وسيعمل في المشروع 300 ألف مستخدم من مهندسين وفنيين في جميع المجالات، يأتون من كوريا ومن دول آسيوية، ومن دول عربية مثل مصر والأردن للعمل في هذه القناة، ليبقى منهم حوالي الـ 30 الفاً لتشغيل القناه. وستؤثر قناة بن غوريون سلباً على دخل مصر من قناة السويس كثيراً.
مدار الساعة ـ نشر في 2021/03/30 الساعة 22:45