مستقبل الاقتصاد السياسي وقناة السويس
بقلم: د. مها الشيخ - أستاذ مساعد، النقل اللوجستي وسلاسل توريد
السؤال الذي يدور في ذهن المواطن العربي، هل نحقق مفهوم الاقتصاد السياسي؟ وما أهمية عدم دعم الشحن البحري للحفاظ على الاقتصاد بعيدا عن الأزمات الاقتصادية المالية من الجوانب الاستراتيجية والتشغيلية لسلاسل التوريد وشحن الحاويات والموانئ البحرية لخطوط الشحن ؟
إن أحد أهم الدراسات أشارت أن مفهوم النمو الشامل لاقتصاد الدول المعياري، يطبق من خلال سياسات تشاركية تركز على البنية التحتية للدول والبنية الخدماتية في الحياة اليومية، وأهمها إدارات النقل الدولية والمحلية، وإدارة المدن الإقليمية. ويصنف الاقتصاد السياسي على أساس العدالة للأجيال القادمة لتوحيد الخطط السياسية الاقتصادية. حيث أن معظم الدراسات تثبت وجودة فجوة ما بين النقل اللوجستي والتوقعات السياسية الاجتماعية والاقتصاد السياسي. خصوصا بعدما أثارت جائحة كورونا الدول في كيفية معالجة وإعادة تشكيل النظام الاقتصادي والسياسي، والمحاولات في تغير أنماط الاستراتيجيات القديمة في معالجة حالات الطوارئ، خصوصا في فرض علاقات استثنائية بين الدول التي سعت للتعاون والتفاوض في علاقاتها في الظروف الاستثنائية التي أوجدتها الجائحة.
فعليا في عالم التجارة حاليا وسابقا لم تعتبر التجارة ذات أهمية لنقل البضائع فقط بل ارتبطت بالسيادة الجغرافية للدول والإمكانيات في نقل البضائع بدون كلف، ووقت أقل، وتعتبر أيضا تكوينات مكانية وزمانية ، بعيدا عن أخلاقيات الأعمال بين الدول بل تعتبر سياسات معيارية ترتبط بالإنتاجية وسهولة العبور.
وأعتبر أورنيلاس مارتن وهو بروفيسور تاريخ الاقتصاد الفرنسي ، أن الاقتصاد السياسي في تطبيقه تطبيقا نظريا يساعد على تنمية الدول والأفراد، أما تطبيق المفهوم العملي فانه يساعد على تحول فكر الدول المؤسسي إلى الإنتاجية الاقتصادية .
ومع بدء مشكلة السفينة العالقة في قناة السويس ينبغي علينا كشعوب عربية طرح أفكار تساعد على فهم العلاقات التجارية الاقتصادية السياسية لتنمية الثقافة وتحقيق التنمية الإنتاجية الإنسانية للعقول وللدخل العمالي، المتأثر بشكل عام بجغرافيا الحدود والمعابر والقنوات المائية والموانئ كاقتصاد سياسي أمني للدول لتحديد أمن واستقرار الدول .حيث يعتبر الاقتصاد السياسي مفهوم تقليدي كلاسيكي دستوري للدول.
ومع بدأ انتشار جائحة كورونا في دول العالم النامية والفقيرة، بدأت سلسلة الإغلاقات ولم تستطع هذه الدول تقديم الدعم المالي والاقتصادي، لذلك فان المحافظة على الإغلاقات الذي تعتبر ضرورة لاحتواء الوباء في ظل الاعتراف بأن الاحتياجات المعيشية لأفراد المجتمع تتجاوز فكرة مخاوف الصحة العامة . خصوصا مع فشل بعض الدول في تقديم و ضمان التوزيع العادل وفي الوقت المناسب للقاحات والمساعدات . لذلك إذا ما وصلنا لمقارنة الدول العظمى التي تسعها لتحقيق الرفاهية من خلال مفهوم الاقتصاد السياسي إلا أننا نصل إلى مفهوم الاقتصاد الأخلاقي داخل هذه التي تعتمد على قدرات الدول التي لا تعتبر من المجتمعات القوية في تحديات إدارة الأزمات و المخاطر الجديدة من داخل النظام العالمي.
في الحقيقة أن الأكاديميين والتجار مع نهاية جائحة كورونا سوف يكون لديهم اعتقاد كامل أن جائحة كورونا قد غيرت سوق الشحن التجاري العالمي تماما ،خصوصا في أوروبا و اسيا ، لذلك بالأصل ينبغي على الدول مثل مصر أن تدعم مفهوم الاقتصاد السياسي من خلال تقليل تكلفة رسوم العبور خصوصا مع وجود بدائل والتي يعتبر رأس الرجاء الصالح الخيار الأكثر تفضيلا، خصوصا بعد جائحة كورونا في التحكم الأسهل بسرعة الإبحار ومسار الإبحار وانخفاض معدل رسوم العبور عبر القناة وقلة استهلاك السفن للوقود، رغم أن شركات الشحن تعتمد على استراتيجيات ومنها انخفاض أسعار النفط عالميا واستئجار السفن لتحديد مسار الشحن البحري.
وتعتبر حادثة السفينة في قناة السويس حادثة اقتصادية سياسية قد تنبه العالم على أهميتها من حيث أنها تقلل من عمليات القرصنة التابعة لأمن الدول دستوريا، وتقليل الرسوم ،حيث أن أحد الدراسات الحديثة أشارت إلى أن معظم شركات الشحن لديها مشكلة مع ارتفاع تكلفة رسوم العبور وكانت أهم التوصيات حتى لا يتغير مسار السفن لرأس الرجاء الصالح أن تقلل مصر من نسبة العبور بنسبة كبيرة وهي 56.32٪ على رسوم القناة. حيث أن استدامة عبور السفن البحرية تحقق المنظور المصري في تحقيق استراتيجية المصلحة الوطنية العليا السياسية. حيث أن مشكلة السفينة تعتبر أحد الصدمات الاقتصادية لمرونة صناعة الشحن، وموانئ الحاويات، بعد جائحة كورونا والتي تأثر بشكل كامل على سلاسل التوريد العالمية المعقدة المتعلقة بمرونة الموانئ، وملائمتها، وصناعة الشحن البحري، الذي سيؤثر على التعاون الاقتصادي والتنمية و التدفقات التجارية المستقبلية والاتفاقيات التجارية.