24 آذار
مدار الساعة ـ نشر في 2021/03/24 الساعة 01:21
لو دعت المعارضة لوقفة في 28 تشرين, أجزم أننا كلنا سنخرج.. فهذا التاريخ هو الذي استشهد فيه وصفي, ومن حقنا أن نجعله تاريخا وطنيا مشرفا ومشرقا.. لو أنهم اختاروا 24 كانون أول كتاريخ لوقفة عز وشرف, وهو التاريخ الذي أسر فيه معاذ الكساسبة, ومن ثم استشهد أردنيا نقيا مطهرا.. لصفقت لهم.. وقلت في داخلي أن من سيبقى جالسا في بيته سيكون متخاذلا.
لو أنهم اختاروا 18 كانون الأول, كتاريخ لغضبة شعبية، لصفقنا جميعا لهم وقلنا في دواخلنا على الأقل هو تاريخ.. للشهداء والشهادة, وهو تاريخ تزينت به الكرك حين قدمت خيرة (عيالها) في مواجهة الإرهاب والدواعش ومن يكرهون الحياة..
لكن لماذا 24 اذار؟ الرمزية ليست في التاريخ.. ولكن الرمزية في المكان, فاختيار دوار الداخلية كان استنساخا لميدان التحرير المصري, كان المطلوب تعطيل عمان وشل الحياة.. كان المطلوب أن يستفرد تنظيم واحد في الساحة الأردنية, وأن تطبق التكتيكات (الإخوانية المصرية), في سلب السلطة.. وجر الناس للفوضى.
ولكن 24 اذار لها جانب مضيء وعظيم، هو جانب الفتية في مخيم الحسين.. والذين كان الحدث على مقربة منهم, والذين رفضوا محاولات جرهم.. لهذه الفتنة والذين أحبوا الأردن كفلسطين وقاتلوا لأجله, والذين ارتضوا الصفيح والفقر على أن لا تسفك قطرة دم واحدة, والذين حصنوا قلوبهم وعقولهم وكانوا جذوة النضال الحقيقي والحلم وروح البلد الواثقة والجامحة.. أعرف التفاصيل التي لا تعرف وأعرف زواريب المخيم وأعرف رجالاته, الذين بالرغم من محاولات الضغط والتوريط ظلوا على عهدهم لفلسطين والبلد والناس ولقمة الخبز والحياة.
قصة 24 اذار، تروى في إطار الحركة الشعبية للأسف, ولكن من يدعون لها لا يعرفون التكتيك الذي كان متبعا, لايعرفون أن الهدف من اختيار الداخلية.. كان أبعد بكثير من حركة شعبية..
أنا سأقوم بإحياء 24 اذار أيضا، سأذهب لمخيم الحسين.. سأتذكر مطعم الأوائل وأبو عمر بائع الترمس، وعوض.. والناس التي وقفت بكل بسالة ورجولة في وجه من حاولوا تحريضهم, سأتذكر الوجه الفلسطيني العربي الذي لم يعلمنا شروط التحرير فقط وإنما علمنا أيضا شروط الحفاظ على الأوطان.. سأتذكر وجهاء المخيم الذين كانوا سادة نجبا, ووقفوا لدعاة الفتنة والتحريض.. وأبعدوهم عن المخيم.. سأتذكر الشوارع والأزقة.. وسأتذكر أن مخيم الحسين يومها كان الصفيح الذي حمى المدن, وحمى الحياة.. ودافع ببسالة عن الحلم.
يدعون ل 24 اذار, وأميركا كانت وقتها تراقب.. وإسرائيل كانت تراقب.. لكنهم لم يراقبوا حركة شعبية، كانوا ينتظرون انهيار الدولة.. ولكن الله والوطن والمخيم انتصروا يومها..
اختاروا التاريخ الذي تريدونه, وسنرحل معكم للرفض والإحتجاج.. لكن لا تختاروا تاريخا كان ضد وحدتنا, وضد دولتنا.. وضد الحياة.
Abdelhadi18@yahoo.com
الرأي
مدار الساعة ـ نشر في 2021/03/24 الساعة 01:21