لأول مرة سيلعبون على أرضهم.. حماسة وأمل لدى العراقيين قبيل مباراة منتخبهم مع الأردن
مدار الساعة - بحماسة وأمل، يتحدث علي عن حضوره لمشاهدة أول مباراة كرة قدم رسمية تقام في العراق منذ أعوام، والتي جمعت الاثنين فريقي القوة الجوية والزوراء ضمن الدور الثاني لكأس الاتحاد الآسيوي، على ملعب فرانسو حريري في مدينة أربيل بشمال البلاد.
ويقول علي (٢٤ عاما) الذي ارتدى قميصا أزرق ولف عنقه براية تحمل شعار "نسر" القوة الجوية بطل كأس الاتحاد الموسم الماضي، لوكالة فرانس برس "قبل كنا نشاهد عبر التلفزيون، لا لعبة في بغداد او أربيل لنحضرها. هذه اللعبة في أربيل، يجب ان نحضرها".
أضاف "عندما نراها في الملعب أحلى من ان نراها على التلفزيون. اللاعبون أمامك، الجمهور من حولك، الكثير من الأمور تختلف".
وفرض الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) حظرا على إقامة المباريات الرسمية في العراق مرارا منذ ٢٠٠٣ في أعقاب الاجتياح الأميركي ودخول البلاد في دورات عنف متتالية، آخرها في ٢٠١٤ مع سيطرة عصابة داعش على مساحات من البلاد.
وكانت الاوضاع الأمنية السبب الرئيسي للحظر، علما ان أسباب أخرى شملت أوضاع الملاعب والقدرة التنظيمية.
والمباراة بين الناديين العراقيين هي الأولى الدولية أو القارية تقام في العراق منذ ٢٠١٣، علما ان الحظر لم يشمل مباريات الدوري المحلي.
وفي وقت سابق من أيار/مايو، خفف فيفا الحظر وسمح باستضافة المباريات الودية. وفي وقت متزامن، تجاوب الاتحاد الآسيوي مع طلب نظيره العراقي استضافة المباراة بين القوة الجوية والزوراء، وحدد مدينة أربيل، والتي بقيت في منأى عن أعمال العنف التي تعصف بالبلاد منذ أعوام، مكانا لاقامتها.
الا ان علي وغيره من آلاف المشجعين الذين حضروا في الملعب، كان يأمل في ان تقام المباراة في بغداد بدلا من أربيل، وهو ما لم يوافق عليه الاتحاد الآسيوي.
وقدم علي الى ملعب المباراة على متن حافلة برفقة مشجعين آخرين للنادي الذي دفع جزءا من تكاليف الانتقال، وأعاد للمشجعين مبلغ ٣٥ ألف دينار عراقي (نحو ٢٥ يورو).
وامتدت الرحلة من العاصمة الى أربيل ثماني ساعات، بحسب المشجعين، نظرا للأوضاع الأمنية والاجراءات المشددة التي تفرضها سلطات كردستان على الراغبين بدخول الاقليم ذي الحكم الذاتي.
الا ان مشقة الانتقال لم تثن علي عن رغبته في متابعة المباراة من أرض الملعب "هذه مباراة مميزة (...) نريد ان نظهر للعالم ان كرة القدم هي الأوكسيجين الذي نتنفسه. نحن نتنفس كرة القدم".
وقبل انطلاق المباراة، تجمع المشجعون خارج الملعب، وسط انتشار دوريات راجلة للقوات الأمنية التي اتخذت إجراءات مشددة لحماية المشجعين. وشكل الأمن أحد الهواجس الاساسية لاقامة مباريات كرة القدم في العراق، علما ان الفيفا قرن تخفيف الحظر بفترة اختبارية لمدة ثلاثة أشهر لتبيان قدرة العراق على استضافة المباريات.
وامتلأت مدرجات الملعب بالأجواء الحماسية والتصفيق والتشجيع للناديين اللذين يعدان من الأبرز على الساحة العراقية. وحمل مشجعو القوة الجوية الذين طغى عليهم لونه الأزرق، أبواق "فوفوزيلا" التي اشتهرت خلال كأس العالم ٢٠١٠ في جنوب افريقيا، بينما رفع مشجعو الزوراء رايات كتب فيها "القلب قلبي والنبض زوراء".
وشدد أنور (٢٥ عاما) أحد مشجعي الزوراء، على رغبة المشجعين في إظهار "صورة جميلة" عن كرة القدم العراقية.
ووصل مشجعو الزوراء على متن ١٥ حافلة أقلتهم من بغداد، الا ان العديد منهم بقيت فرحتهم منقوصة لأن المباراة تقام خارج العاصمة.
وقال أحمد عبدالله (٢٤ عاما) "أهم شيء رفع الحظر عن بغداد لان المكان بعيد ولا نقدر ان نذهب الى أماكن بعيدة مثل الشمال أو البصرة"، المدينة الجنوبية التي ستستضيف في ١ حزيران/يونيو مباراة ودية بين العراق والأردن، هي الأولى منذ تخفيف الحظر.
أضاف عبدالله "أهم شيء (إقامة المباريات في) العاصمة"، مقرا بأن الظروف الأمنية فيها ليست في حالتها المثلى لكن "شيئا فشيئا ستصبح الأوضاع أحسن".
وعلى رغم ان القوات العراقية استعادت العديد من المناطق التي سيطر عليها داعش عام ٢٠١٤، الا ان الجهاديين لا يزالون ينفذون هجمات انتحارية وتفجيرات في مناطق عدة من العراق.
ولم يخف المشجعون رغبتهم في متابعة المزيد من المباريات على أرضهم، ومنهم علي فاضل سائق سيارة الأجرة البالغ ٥٠ عاما.
ويقول "الجمهور متعطش لمباريات كهذه (...) هذا كلاسيكو عراقي!"، في إشارة الى المنافسة والندية بين الفريقين، والتي تقارن محليا بالمنافسة بين الغريمين الاسبانيين ريال مدريد وبرشلونة.
وتأسس نادي القوة الجوية عام ١٩٣١ وهو الأقدم في العراق. أما الزوراء فهو الأكثر تتويجا محليا، مع ١٢ لقب دوري و١٤ كأس.
ويشير فاضل المشجع للجوية، والذي يتنقل بين بغداد والقاهرة، انه قدم خصيصا من مصر لمتابعة المباراة، ودفع ١٤٥ دولارا أميركيا ثمنا لتذكرة السفر وكلفة الاقامة في الفندق وبطاقة المباراة".
ويعتبر فاضل ان الحظر الذي فرض على العراق كان "ظالما".
ويقول "تشجيع نظيف عندنا، ملاعب حلوة وراقية عندنا (...) لا داعي للحظر. ظلمونا به كثيرا".
ا ف ب