قذائف القصف الفارغة مصدر رزق لعائلات في سوريا

مدار الساعة ـ نشر في 2021/03/23 الساعة 10:50
مدار الساعة - ينهمك مالك، الطفل ذو السنوات التسع، في ساحة خردة أشبه بمستودع ذخيرة في شمال غرب سوريا، في ترتيب قذائف هاون وجدت عائلته في تفكيكها وبيع حديدها مصدراً للرزق. ويقول حسن جنيد (37 عاماً)، الذي يدير وأشقاؤه ساحة خردوات في بلدة معرة مصرين جنوب إدلب، لـ "يورونيوز": "تحولت أدوات القتل والإجرام التي كان يُقصف بها الناس إلى باب للرزق". في ساحة الخردة، يستريح ثلاثة أطفال على ظهر شاحنة صدئة، بينما يلهون بقذائف هاون فارغة. على مسافة أمتار منهم، يحاول طفل آخر أن يحمل بصعوبة قذيفة، يكاد وزنها يتجاوز وزنه. وما أن يبلغ وجهته في الساحة لاهثاً، حتى يرميها بين كومة من الذخيرة والحديد. في العام 2016، وعلى وقع المعارك والغارات، فرّ جنيد من بلدة اللطامنة في شمال حماة وانتقل مع عائلته وأشقائه وعائلاتهم إلى معرة مصرين. وبعدما طال النزوح، قرر الرجل، وهو أب لأربعة أطفال، بينهم مالك، استئناف عمله في بيع الخردوات من بقايا سيارات وألواح حديدية وخزانات مياه، وكل ما تقع يداه عليه من حديد، وهي تجارة اعتاد عليها. لكنّه أضاف في معرة مصرين نوعاً جديداً على لائحة البضائع: قذائف وذخائر استخدمتها قوات النظام والفصائل المقاتلة خلال المعارك من دون أن تنفجر. ويقول جُنيد "حين جئت هنا وجدنا إضافة جديدة إلى المهنة هي القذائف التي قصفها النظام لكنها لم تنفجر". ويعمل جنيد اليوم مع 15 شخصاً من أفراد عائلته، بينهم أطفال، في ساحة الخردة الضخمة. وقد اكتسبت العائلة مع الوقت التجربة الكافية لتفكيك تلك القذائف، وفق قوله. في بعض الأحيان، يتلقى جنيد والعاملين معه اتصالات من مدنيين وجدوا قذائف غير منفجرة قرب منازلهم يريدون بيعها. وفي أحيان أخرى، يتوجهون بأنفسهم إلى مناطق شهدت قصفاً أو اشتباكات للبحث بين الركام عن ذخيرة أو الرصاصات التي يستخدمها مقاتلو الفصائل لأسلحتهم الرشاشة. ويعمل الفريق على تفكيك القذائف والذخائر واستخراج المواد المتفجرة منها في مكان سقوطها، قبل نقلها بشكل آمن إلى ساحة الخردة لبيعها، وفق جنيد. أشكال وألوان
ويوضح "نزيل الخطر منها ثم نبيع حديدها للصناعيين، فتكون مصدر عيش لنا". ويضيف "منهم من يأخذها ليصنع منها المدافئ، ومنهم من يحملها إلى معامل صهر الحديد لتحويلها إلى حديد بناء". ولا تذهب المواد المتفجرة سدى، إذ يشتريها العاملون في المقالع لاستخدامها في تفجير الصخر، وفق جنيد. وغالباً ما تمتلىء ساحة الخردة بالقذائف بشكل خاص بعد الهجمات العسكرية المتبادلة ويقول أبو أحمد، العامل في الساحة، "يكثر العمل أثناء الحملات العسكرية، ويقلّ في أيام الهدوء"، ويؤكد أن "الخوف يكمن في أن تبقى القذيفة بين الأهالي". بحسب دائرة الأمم المتحدة للإجراءات المتعلقة بالألغام، لا تزال الألغام ومخلفات الحرب القابلة للانفجار والعبوات الناسفة، وجميعها يصعب رصدها، تُشكل خطراً على حياة ملايين السكان في سوريا. يقول عبد الكريم (عشر سنوات)، وهو ابن شقيق جنيد، "نلعب بين السيارات ونعمل أيضاً في فرز القذائف". وألقى النزاع، الذي دخل منتصف الشهر الحالي عامه الحادي عشر، بظلاله على أطفال سوريا. وبات أكثر من نصفهم يفتقرون للتعليم، بحسب الأمم المتحدة. لا يخفي عبد الكريم خوفه من أن تنفجر إحدى القذائف، التي يقول عنها "بتنا نعرف صاروخ الغراد وقذائف الهاون والرشاش والقنابل العنقودية"، ويضيف مبتسماً "تأتينا أشكال وألوان منها".
مدار الساعة ـ نشر في 2021/03/23 الساعة 10:50