يخافون الإصلاح الإداري
ربما لن تكون هناك فرصة اثمن من هذه والأجواء مشحونة والحماس منقطع النظير لوضع ملف الإصلاح الإداري على الطاولة.
الفضل لما جرى في مستشفى السلط لكن الاقتراب من هذا الملف الشائك كان دائماً رغبة مكبوتة لدى معظم الحكومات التي ما تكاد تقترب منه بأي صيغة حتى انفتحت في وجهها أعشاش من الدبابير المناهضين لهذا المشروع.
وكالعادة يدفع كبار الموظفين غير المنتجين بصغارهم الى صدارة المعارضين بحجة أن الإصلاح الإداري سيلقي بهم إلى الشارع وهذا ليس صحيحاً، وإن كان من تهديد إنما هو لمكتسبات ظلت تابوهات محرمة تحيط بكبار المنتفعين من الأوضاع القائمة ووراء كل منهم ترسانة حماية يستقوون بها.
كل مرة تطرح حكومة هذا المشروع يملأ الفضاء ضجيج لا ينتهي قبل أن تحاول الحكومة تبديده باغلظ الإيمان بأنه لن يمس الموظفين قبل أن يذوب بلا رجعة!.
إن كان الإصلاح الإداري لن يمس الموظفين فماذا عساه أن يمس؟!.
جرس الإنذار كان أطلق مبكراً حول تراجع الإدارة العامة لكن الرد على ملاحظات سجلها مركز الملك عبدالله الثاني للتميز للقطاعين العام والخاص في التقرير الجريء آنذاك الذي قدمه الوزير الأسبق شريف الزعبي، حينما كان نائباً لرئيس مجلس أمناء مركز الملك عبدالله الثاني لتميز الاداء الحكومي في دورة الجائزة لسنة 2013.
لم يتم فقط تجاهل الملاحظات بل جرى التمسك بالخطأ والدفاع عنه لسيل من التصريحات المضادة التي بالغت في التعمية على الحقيقة.
عدا عن الإشادة بالملاحظات لم يجد تراجع الاداء التزاماً من الحكومة لمعالجة نقاط الضعف حينما كان ذلك متاحاً.
لا يمكن إخفاء الحقيقة!! هناك ترهل وهو في سياقه الطبيعي عندما يتم تعطيل المراجعة التي يفترض أن تكون دورية وعندما يتم وقف عمليات التدريب والتأهيل لعدم توفر المخصصات وهو ثمن التحول من الإدارة الاقتصادية إلى الإدارة المالية التي تلهث فقط وراء تحقيق الإيرادات، بينما لا يتوقف أحد ليسأل عن النفقات الجارية تحديداً التي زادت بفضل التعيينات العشوائية في قطاع عام متضخم.
صحيح أن الأداء الحكومي تأثر بالمزاج العام السائد, لكن التردد في اتخاذ القرار وتحمل المسؤولية الذي أصاب عموم الموظفين صغيرهم وكبيرهم كان الأسوأ في مشهد التراجع, لكن أحداً لم يتوقف ليبحث في الأسباب.
طبعاً ما سبق ألقى بظلاله على الخدمات، وأصبح رضى متلقي الخدمة وهو المواطن آخر الأولويات.
للمرة الألف.. نحتاج إلى ثورة بيضاء تختص بعمل الجهاز الحكومي، وهناك من سيدفع بالانشغال بوباء كورونا كمبرر للتأجيل، لكن على العكس هذه فرصة لأن يتحول الأردن إلى خلية نحل في كل الاتجاهات، قبل أن تداهمنا أزمة جديدة تصيبنا بالشلل..
qadmaniisam@yahoo.com
الرأي