ما وراء منع طائرة نتانياهو
مدار الساعة ـ نشر في 2021/03/15 الساعة 01:15
في التاريخ السياسي الأردني هناك من الأحداث التي وقعت في زمن حكم الملك الراحل الحسين بن طلال، يعرفها جيداً رجاله الذين خدموا وراء ظهره وما زالوا يحتفظون بأسرار المواقف التي كان الحسين يواجهها بصرامة، ليس أقلها أنه يعود بالطائرة التي يقودها قبل الوصول إلى وجهته بساعة أو أقل، إذا ترددت معلومات لا يرغب ملك أن يسمعها، وفي إحداها أقلع من مطار عاصمة بعد هبوطها مدرج المطار، بسبب تغيير في التمثيل البروتوكولي لاستقبال زعيم بحجم الحسين، كان ذلك في زمن الرخاء، ومع ذلك فإن الكرامة للقائد تعني كرامة بلده ومواطنيه، واليوم صفع الأردن القيادة الإسرائيلية المتطرفة بكف الكرامة السياسية.
يوم الخميس الماضي كان من المزمع زيارة ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله للقدس الشريف، لغايات المشاركة باحتفالية ذكرى ليلة الإسراء والمعراج والصلاة في المسجد الأقصى بمشاركة المقدسيين والفلسطينيين، وحسب البروتوكولات فقد تم الاتفاق على أدق التفاصيل مع الجانب الإسرائيلي الذي تولى من جانبه المسائل الأمنية، ولكن بعد وصول فريق المقدمة عند الساعة الرابعة عصراً لباحات المسجد، كشفت سلطات نتانياهو عن تبديل في الخطة وأهمها إغلاق الشوارع التي يصل عبرها المصلون الفلسطينيون عادة، وتقييد الحركة داخل المسجد، وفور وصول المعلومات الاستخبارية عن ذلك، عاد الأمير قبل الوصول إلى جسر الملك حسين.
في ذلك الحين كانت هناك طائرة خاصة تنتظر الإقلاع لنقل بنيامين نتانياهو من مطار «اللد» إلى مطار أبو ظبي في زيارة كان نتانياهو يتشوق لها لدعم مواقفه قبيل الانتخابات المقبلة، وكانت الطائرة في مكان قريب، ولكن لإشكالات التنسيق وحركة الغدر التي اعتاد عليها نتانياهو للتقليل من مكانة الزيارة المهمة، فقد صدع الجانب الأردني لهيبة دولته أمام صلف العناد الذي يقوده نتانياهو وفريق من الصهاينة الذين خططوا لكل ما جرى من تغيير في آلية الزيارة الأميرية، فجاء الرد الصاعق بإغلاق الأجواء الأردنية أمام أي طائرة لنتانياهو، ما استدعى عودة الطائرة الخاصة دون «بيبي».
في المعسكر الإسرائيلي هناك منافسون لنتايناهو، ليس أولهم بيني غانتس وآريه لبيد، بل حتى ايهود باراك الذي يكشف المحلل الاسرائيلي «دانييل سيربوتي» أنهم جميعاً أيدوا قرار المرجع الأردني بمنع طائرة نتانياهو، وهذا ما جعل الحكومة الإسرائيلية تنحو إلى تبريرات لم يقبلها الجانب الأردني، وفي صبيحة يوم الجمعة استسلمت حكومة تل أبيب ووافقت بالسماح لسبعمئة من العمال من الطرف الأردني للدخول للعمل في قطاع الفنادق بمدينة إيلات، وفتح المعبرين الشمالي والجنوبي لحركة الدبلوماسيين، والإعلان عن ترتيبات زيارة أميرية في أي وقت مستقبلاً.
هيبة الدولة والنظام تنعكس بلا شك على هيبة المواطن الذي يشعر بالاعتزاز عندما يجد القيادة تكيل الصاع بصاعين لمن يحاول أن يهين كرامته ووطنه ووقيادته، فكيف إذا كان الأمر متعلقاً بالقدس الشريف والوصاية عليها، وهذا ما يريده الأردنيون الذين يعضون على نواجذ الكرامة رغم ضيق حالهم وتعففهم والصبر على النوازل التي تحل بهم، ومواجهتهم بتردي الأوضاع الاقتصادية وحالة النزق السياسي الذي لم ينتج رجالات دولة يسندون صانع القرار لمواجهة أي حالة استعداء للأردن المحاصر اقتصادياً وسياسياً، ومع ذلك يبقى الأردن وفياً لكل ما فيه مصلحة الأشقاء العرب وداعماً لأهلنا في فلسطين.
Royal430@hotmail.com
الرأي
مدار الساعة ـ نشر في 2021/03/15 الساعة 01:15