القضاة يكتب: كورونا.. كيف نخرج من الأزمة
مدار الساعة - كتب: أستاذ دكتور مهند أحمد القضاة *
كـلية الطب - جامعـة العـلوم والتـكنولوجيـا الأردنيــة
يمر الاْردن هذه الأيام بأزمة وبائية خطيرة، حيث سُجلَت أرقاماً قياسية في كل معايير الإصابات بفيروس كورونا، وهي أرقام مرشحة للتصاعد لمدة أسبوع على الأقل، قد تبدأ بعدها بتحسن محدود، لكن الأزمة سوف تبقى مًقلقة لعدة أشهر مقبلة.
ولن يخرجنا من هذا النفق المظلم، كثرة تبادل الاتهامات، وتعدد التحليلات، أو التلاعب بالأرقام والإشاعات المجتمعية، ولا وضع اللوم على عدم التزام المواطن، أو التراخي الحكومي بتنفيذ الإجراءات والبروتوكولات الطبية الضرورية؛ بل سيكون هذا سبباً في تأخر التعافي الصحي، والاقتصادي، في بلدنا الطيب، وعليه فإننا يجب أن نفكر ونعمل اليوم معاً، حكومة وشعباً؛ للخروج من هذه الأزمة ونخطط لمنع حدوثها في المستقبل.
ولا يشك منا أحد أن هذه الأزمة قد مزقت الاقتصاد الوطني، ودمرت كل خطط التعافي، وأنها شلّت القطاع الصحي كذلك، مع أنه قاوم بشجاعة تحديات هذه الأزمة، رافضاً الانهيار التام، حيث أغلقت المستشفيات العامة الكبرى، وبقي تقديم الخدمات الصحية محصوراً ومتاحاً في القطاع الخاص، وفي المستشفيات الطرفية، وبعض المراكز الصحية الأولية، والتي هي بالأصل كانت تعاني الكثير من الإهمال، والتهميش والضغط الكبير.
ليس لهذه الأزمة من حل نهائي سوى الإسراع في توفير المطاعيم، والتركيز على أن الهدف الرئيس للقاح الحماية المجتمعية، نشر الوعي بأن المقصود ليس فقط الحماية الشخصية، وهي خطوة ضرورية لتلافي الخطأ الذي وقعت به الحكومة ووقع به المواطن على حدً سواء، إذ لم يُبدِ المواطن رغبة في التسجيل على المنصة الرسمية للمطاعيم، بل انساق خلف الإشاعات، والأكاذيب المتعلقة بخطورة اللقاح، وفي الوقت نفسه لم تعمل الحكومة على تشجيع المواطن بأساليب مختلفة، لحثه على الإقدام على أخذ المطعوم حرصا على سلامته والسلامة المجتمعية، بل بادرت الحكومة بفتح قطاعات كثيرة، وغير أساسية، قبل أن يأخذ أصحاب ورواد هذه القطاعات المطاعيم اللزمة، للمحافظة على السلامة العامة.
إن الإسراع في أخذ اللقاح، وتطعيم ٧٠٪ على الأقل من المواطنين والمقيمين، يجب أن يكون الهدف السريع والوحيد للخروج من هذه الأزمة، حرصاً على عدم تكرارها مستقبلاً، ومنع دخول الأردن بموجات جديدة، مما يتطلب شراكة حقيقية بين الحكومة والقطاع الخاص، حيث يتحمل القطاع الحكومي تطعيم المواطنين، كبار السن والمنتفعين بالتأمين الصحي العام، ويتحمل كل تأمين صحي خاص بتوفير المطعوم لمنتسبيه، كما يجب أن يتحمل أصحاب المحلات الخاصة توفيره لعمالهم ، على أن يُصاحب ذلك حملات إعلامية توعوية مكثفة وواسعة، على كافة الأصعدة من النخب الدينية والثقافية والسياسية لشرح فوائد اللقاح، وبيان أهمية أخذه وقاية للمجتمع من ضرر كبير.