الخصاونة وحكومة الحرب
مدار الساعة ـ نشر في 2021/03/10 الساعة 01:47
بقلم: محمد حسن التل
جاء التكليف الملكي للدكتور بشر الخصاونة بتشكيل الحكومة وسط ظروف ضاغطة على واقع البلاد والعباد، شملت الجانب الصحي والجانب الاقتصادي إضافة إلى عدم الاستقرار السياسي والأمني في كثير من دول الجوار، وتضارب المصالح في المنطقة مع حدة المواجهات وانفتاحها على المجهول، ومنذ اليوم الأول لتشكيلها وجدت حكومة الخصاونة نفسها في خضم كل هذه التحديات واشتبكت مع الظرف الصحي الخطير الذي تواجهه البلاد، وتكاد أن تكون الحكومة الوحيدة في تاريخ المملكة في المئوية الأولى التي تواجه مثل هذه الظروف الصعبة عند تشكيلها، ولم يتوفر لها ت?ف الوقت لترتيب أوراقها والبدء بالملفات المفتوحة الموجودة على طاولتها باسترخاء، وكان عليها أن تشتبك مع كل هذه الملفات بوتيرة عالية وبنفس اللحظة، مما ألزمها أن تكون في مواجهة كما قلنا الظرف الصحي الضاغط على عصبها وعصب المواطنين والذي كان له تأثير كبير على الجانب الاقتصادي الذي يعاني اصلا من صعوبات غاية في التعقيد لظروف داخلية وخارجية.
وللحق كان أداؤها على هذا الصعيد متقدما رغم ضيق اليد حيث دعمت البنية التحتية للقطاع الصحي إضافة إلى القوى البشرية بكل ما يحتاجه في المواجهة مع جائحة تتطور كل يوم وتغير أساليبها في الهجوم باستمرار وسط صراع عالمي على اللقاحات، وبالإشارة إلى محاولة البعض الغمز في موضوع نقص اللقاحات أو تأخر وصولها فهذا ليس للحكومة ذنب فيه، إذ أن كثيرا من الدول تعاني في الحصول على هذا اللقاح الذي أصبح وكأنه ترياق الحياة للبشر، وما زالت حكومة الخصاونة تقاتل على هذا الجانب على مدار الساعة لتأمين هذا اللقاح، وهي الحكومة الوحيدة في ?لعالم التي بدأت بتأمين المطعوم للاجئين على أرض المملكة وهذا أمر يسجل للأردن على مستوى العالم، ولو حسبنا نسبيا إمكانيات الأردن الاقتصادية والمادية قياسا بدول ذات اقتصاد جيد لوجدنا أن أداءه كان متميزا في هذه المواجهة مع الوباء، أضف إلى ذلك أن الأردن لديه قدرة كبيرة على توفير مستلزمات الحماية لمواطنيه تتفوق على بلدان متعددة في العالم، وما يميز الأردن الآن أن حكومته تتشارك في المسؤولية مع كل القطاعات الرسمية وعلى رأسها القوات المسلحة والأجهزة الأمنية كذلك القطاع الخاص وتعزف على وتر واحد، وهذا يعود إلى شخصية الرئيس الحازمة في قيادة الأمور حيث لا يرضى بالفشل على أي مستوى في المواجهة وهو يدرك تماما حجم المسؤولية الوطنية الملقاة على عاتقه وفريقه الوزاري الذي اختاره بدقة كبيرة في هذه المرحلة الصعبة التي يعبرها الأردن.
مع كل هذا الجهد الضخم الذي تقوم به الحكومة على الجبهة الصحية فقد أنجزت استحقاقات دستورية كبيرة، كإجراء الانتخابات النيابية وتقديم الموازنة إلى مجلس النواب، ودعمها المطلق للقطاع الخاص ولم تتأخر في تحويل القوانين المستحقة لمجلس النواب لإنجازها، كذلك انفتاحها الكبير على الإعلام وشفافيتها في إعطاء المعلومة الحقيقية دون أي تكلف أو مواربة، الأمر الذي أكسبها ثقة الشارع الأردني.
نعود في النهاية ونؤكد أنه ليس من العدل أن يتم الحكم على أداء حكومة الدكتور بشر الخصاونة كما كان يتم الحكم على الحكومات السابقة فهي جاءت كما ذكرنا في ظروف عاصفة وعلى رأسها المواجهة مع وباء خبيث يخوض معركته بشراسة، عجزت كل مراكز أبحاث الأرض عن محاصرته والتعرف عليه ناهيك عن الظروف الاقتصادية الطاحنة التي تواجه البلاد، الأمر الذي يجعلنا نعتبر هذه الحكومة وكأنها حكومة حرب، لذلك على الجميع أن ينسى ملاحظاته الشخصية وطموحه الذاتي والتوقف عن مناكفة الحكومة والتصيد لها لأن الظرف لا يسمح بالتشكيك ومحاولة وضع العصا با?دواليب، وعلينا جميعا الوقوف مع هذه الحكومة حتى تستطيع البلاد أن تتجاوز هذا المنعطف الخطير الذي تمر به..
الرأي
مدار الساعة ـ نشر في 2021/03/10 الساعة 01:47