العموش يكتب: ما... بعد التعديل
بقلم د.سامي علي العموش
ملفات عديدة تأخذ اولويتها على طاولة الرئيس: الملف الصحي والملف الاقتصادي والملف السياسي بأبعاده الداخلية والاقليمية والدولية، والملف الاجتماعي المرتبط ارتباط كلياً بالملفات السابقة، هذه بعض ملامح المرحلة القادمة وما يستجد من أحداث.
الملف الصحي شائك ويتأثر بما يستجد في العالم من أحداث ولا يستطيع كائن من كان التنبؤ بما يحدث بشكل دقيق وإنما هي اجتهادات قد تصدق أو تخطئ، فهناك مسألة المطاعيم وتوافرها والقناعة لدى المواطنين والتنافس بين الشركات العالمية المصدرة للقاح، والحديث عن هذه اللقاحات وطرق الوقاية وتعزيز المنظومة الصحية على مستوى المستشفيات والمعدات والموارد البشرية المؤهلة للقيام بالأعمال المطلوبة، والحاجة إلى دراسات علمية معمقة بهذا الاتجاه وهنا أشير إلى أننا ينقصنا الخطاب الإعلامي الصحي الموجه بطريقة تستطيع أن تؤثر على الشرائح المختلفة وتحدث تطويراً ايجابياً في القناعات لدى الشارع، وهذا يتطلب ضخ دماء جديدة قادرة على التأثير وتخدم المرحلة.
أما الملف الاقتصادي وهو الشغل الشاغل للحكومة والشارع الأردني الذي في كثير من الأحيان يتعارض مع الملف الصحي الذي يقضي بتوقف النشاط والعزلة خوفاً من انتشار المرض، فكيف للحكومة أن توازن بين هذين الملفين المتعارضين وأن ندمج ما بينهما لخلق واقع جديد؟ يلبي الحاجة الصحية ويحافظ على ديمومة الوضع الاقتصادي وهنا أجزم أن على الحكومة إحداث تغير في الوجه الاقتصادي للمرحلة القادمة كون أن هذا الملف لم يتم تفعيله بطريقة ترتقي لما هو مطلوب، فالأصل أن يكون لدى الفريق الاقتصادي رؤية واضحة يمكن التعامل معها على أرض الواقع بطريقة يلمس آثارها المواطن والوطن، من خلال تشاركية تعزز دور القطاع الخاص وتلبي احتياجاته بالإضافة لتعزيز المنظومة التشريعية الخاصة بهذا القطاع والتي تجعل من التنافسية والاستقطاب للكفاءات ورؤوس الأموال بما يعطي دوراً كبيراً ويسارع في تنمية العجلة الاقتصادية والتعامل مع ملف الضرائب في شقيه ضريبة الدخل والمبيعات، وأن نوازن بين ضريبة المبيعات والتي تشمل كافة القطاعات بينما ضريبة الدخل تخص الشرائح بطريقة متفاوته، ولتعزيز ذلك وللحفاظ على شرائح المجتمع ومنها المتوسطة والفقيرة؛ لابد من دعم المؤسستين المدنية والعسكرية، واعطاء بطاقات تساعد هاتين الشريحتين للحفاظ عليهما، بالإضافة إلى إعادة النظر بالتشريعات الضريبية، وإن هذه التحديات لابد أن تعزز دور الحكومة في ايجاد مشاريع رأسمالية تعزز الإيراد وتفتح فرص العمل.
كما لابد من اعادة النظر في دور ديوان الخدمة المدنية في التوظيف من خلال الربط مع المشاريع بحيث أن يكون دوره وسيطاً لا متلقياً فقط بل يعمل في حركة مستمرة على ايجاد فرص العمل خارج نطاق المكاتب وهذا يتطلب اعادة هيكلته والدور المناط به خارج نطاق الطريقة التقليدية، وبما أن للقطاع الخاص دور مهم في التشغيل فيجب تعزيزه بايجاد قواعد وتسهيلات مع وزارة العمل وبما يعزز دور مؤسسة الضمان الاجتماعي بما يخدم طبيعة المرحلة.
أما الملف السياسي فهو لا يقل أهمية عن الملفات الأخرى كونه يتعلق بالدولة الأردنية والدور المناط بها حالياً ومستقبلاً على المستوى المحلي والإقليمي والدولي وخصوصاً مع تغير المعطيات مع الإدارة الأمريكية الجديدة المتمثلة بسياسة بايدن والتوجهات الجديدة نحو العالم والشرق الأوسط تحديداً ونحن نتأثر بما حولنا على المستوى الإقليمي والتطورات التي نراها من حولنا وما هو مطلوب منا كي نبقى متحصنين ومنفتحين على العالم وأن نبين مدى الضرر الذي لحق بالأردن نتيجة تواجد اللاجئين والحاجة للدعم العالمي للاستمرار في تقديم الخدمة لهذه الفئة، وهذا يتطلب العمل باتجاهين: السياسي والإعلامي فمن خلال سياسة إعلامية محددة مرسومة الأبعاد تحقق الهدف وبإعادة النظر في دور المؤسسات الإعلامية ودورها وتعزيزها لتواكب ما هو مستجد، أما على الشق الثاني الخارجي فلابد من اعادة الدور وترتيب الأولويات من خلال منظومة أشخاص لهم علاقة بالدور الأمريكي الجديد وبما لهم من خبرة تفتح آفاق جديدة في العلاقات أحوج ما نكون إليها الآن، ونحن نعلم بأن هناك في الأردن من لهم مفاتيح يمكن الاستفادة منهم في هذه المرحلة وبحكم خصوصية علاقتهم مع الأطراف الأخرى وأن نعمل على البناء لنساعد الحكومة ورئيسها للمضي قدماً نحو آفاق جديدة للمحافظة على النسيج الاجتماعي وأن نرمم ما قد أصابه من تلف ونطوره بما يخدم الشرائح الاجتماعية المختلفة.