من يحمي المواطن من السطو المادي
الكاتب:كمال زكارنة
دائما يُنظر الى المواطن على انه الحلقة الاضعف رغم انه الاقوى في كل شيء، وفي هذه الظروف الاستثنائية اصبح يتعرض للتغول المادي والسطو من كل حدب وصوب،ولم يعد جسده قادرا على التحمل من شدة وكثرة السهام التي تنطلق نحوه،وكلها تطرق جيوبه الخاوية والفارغة.
اضافة الى تكاليف الحياة والارتفاع المتسارع والمتكرر في معظم متطلبات المعيشة، يجد المواطن نفسه بصفته وليّ امر، في شباك المدارس الخاصة والجامعات الخاصة، وحيدا دون اي غطاء حكومي يحميه او يدافع عنه، ويحفظ ويصون حقوقه، ويضمن استمرار ابنائه في الدراسة والتعليم فيها، وفي كل فصل دراسي يتعرض لسطو مادي جديد، فعلى صعيد المدارس الخاصة، لم تلتزم بنسبة الخصم الاضافي الذي حددته وزارة التربية والتعليم، والبالغ خمسة عشر بالمئة من الاقساط المدرسية متذرعة بان الخصم تم عند التسجيل وقبل اتخاذ الوزارة قرارها وهي في حل من ذلك، علما بأن الخصم الذي قررته الوزارة لا علاقة له بالخصم الذي منحته المدارس للطلبة عند التسجيل، لان الهدف من هذا الخصم استقطاب الطلبة ومن اجل غايات التنافس بين المدارس نفسها، اي ان المدارس لم تلق بالا لوزارة التربية والتعليم وتم لفلفة الموضوع.
وعلى صعيد بعض الجامعات الخاصة ولا نريد ان نعمم، تفاجأ الطلبة واولياء امورهم عند التسجيل للفصل الدراسي الثاني، باختلاق رسوم جديدة تحت مسميات جديدة مثل بدل نشاط ورسومها ثلاثون دينارا وبدل تعليم الكتروني ورسومها خمسة وثلاثون دينارا اي ما مجموعه خمسة وستون دينارا، ما هو النشاط الذي تقدمه تلك الجامعة للطلبة وهم في بيوتهم ولا يداومون ولا ينتظمون بالدراسة، ولماذا تتقاضي بدلا للتعليم الالكتروني عن بعد وما هو مبرر ذلك، اليس هذا استقواء وسطو وتغول على المواطن، الذي يواجه جشع تجار التعليم وطمعهم وحيدا منفردا دون اية حماية قانونية وحكومية، وماذا يعني كل هذا السلوك في المدرسة الخاصة والجامعة الخاصة، انه ببساطة يعني ان المدرسة الغت وجود وصلاحية وزارة التربية والتعليم، وكذلك الجامعة الخاصة الغت وجود وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ولم تأبه بها وتجاهلتها تماما وافقدتها هيبتها، لانها افلتت من المسؤولية والمساءلة، الامر الذي يؤثر بشكل مباشر على هيبة الدولة والحكومة، ورغم دعوة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي المتأخرة للجامعات عموما بعدم تقاضي رسوما بدلا للتعليم الالكتروني، فقد دفع الطلبة الذين سجلوا الفصل الدراسي الثاني وانتهى الامر، وعلى وزارة التعليم العالي اجبار الجامعات التي سطت على الطلبة واولياء امورهم اعادة تلك الرسوم او ترصيدها للطلبة.
ان تتصرف المدرسة والجامعة كلاَ على طريقتها، وحسب رغبتها دون الرجوع الى مرجعيات الدولة والحكومة وهي الوزارات، فان هذا من شأنه اضعاف المؤسسات الرسمية والعمل المؤسسي بشكل عام، وتفسيخاً للروابط والتشابك بين تلك المؤسسات، مما يؤدي الى استفحال الفوضى وجعل المواطن فريسة سهلة لهؤلاء التجار المستثمرون في التعليم، ونسف هيبة الوزارات والحكومة والدولة.
لا بد من حماية المواطن بالشكل الصحيح والحفاظ على حقه في التعليم المدرسي والجامعي، وتوفير مظلة الحماية القانونية له، من خلال المتابعة والمراقبة الدائمة والمساءلة القوية لمن يتغول على المواطن، وانزال العقوبات القانونية بحقه، اذ لا يمكن ان يكون الطالب وولي الامر عرضة للطمع والجشع كلما قررت ادارة مدرسة او جامعة تنفيذ مشروع توسعة او القيام بأي مشروع من اي نوع من خلال فرض رسوم اضافية عليهم، فقد اصبحت الجامعات اشبه ما تكون بالدوائر الضريبية تبدع في خلق مسميات جديدة للرسوم الاضافية التي لا تخطر على بال بشر.
المطلوب ان تلزم وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الجامعات الحكومية والخاصة، بعدم فرض اية رسوم اضافية تحت اية مسميات قبل الرجوع للوزارة واخذ موافقتها على ذلك والتعميم على الطلبة مسبقا، وقبل كل هذا وذاك منع الجامعات من استيفاء اية رسوم اضافية غير المحددة مقابل دراسة الساعات الدراسية في كل فصل، فهي في الاصل جامعة وليست دائرة ضريبة دخل،تبتكر كل يوم ضريبة جديدة.