دين الشعب ودين الحكومة
مدار الساعة ـ نشر في 2021/03/02 الساعة 00:17
الأردنيون تاريخيا لم يكونوا من ذوي الثراء الفاحش، قليل من الطبقة المحظية كانت تحوز ثروات لا يمكن تصنيفها في خانة الملايين، بل كانت أعمالهم التجارية هي التي تدر عليهم أرباحا وأموالا سجلتهم في خانة التجار الكبار ممن احتكروا الأصناف، يقابلهم شعب مستهلك يعتاش على الرواتب البسيطة ويسعفهم انخفاض أسعار المواد التي كانت في متناول اليد، ومع ذلك كان الفقر والكفاف هو السمة الغالبة على شعب يعيش في الأرياف والبوادي ومدن الأطراف الجنوبية، وحدها عمان التي كانت تعج بالتجار والصناعيين وقليل من المرابين، فيما كان الأثرياء ا?حقيقيون مختبئين خلف جدرانهم خشية الحسد..
كان ذلك إرث قديم منذ بداية عهد الإدارة الحكومية الأولى حتى مطلع الستينيات من القرن الماضي، حيث أطلت الشركات العائلية الكبرى برأسها لتشق طريق الثراء، ورغم وجود طبقة الأثرياء فإن الفجوة العامة ليست واسعة، إذ يحدثنا التاريخ بأن غالبية البيوت الأردنية تتعاطى نفس المعيشة، وذات الأصناف المعقولة، وبعد التحول الجذري لعقلية المجتمع الأردني عقب العام 1970 وانكفاء الأغلبية على الوظائف الحكومية، استوعب القطاع العام الذي رعته الحكومات والسلك العسكري سلالات متعاقبة من الموظفين الذين لم تتغير أحوالهم المادية، فقد كان اعت?ادهم على الرواتب والخدمات الطبية والتدريس العام كافيا لهم ليعيشوا.
في المقابل كانت الحكومات الأردنية مدينّة دوما، حتى أنها كانت تستدين من كبار التجار، مع اعتمادها على المساعدات والمنح، حتى استدلت متأخرة على الاستدانة من الصناديق العالمية، وكان الرؤساء في أغلبهم تشرئب رقابهم نحو القروض السهلة التي تسببت بانهيارات كارثية في العديد من محطات التاريخ، وكان هناك القليل من الوزراء والمسؤولين الذين آمنوا بأهمية الحفاظ ودعم المؤسسات الإقتصادية الوطنية كرافعة لدعم قطاع الإنتاج وتشغيل الآلاف ورفد الخزينة، ولكنهم خسروا الرهان مع عصر السوق الحر والتحرر من الاقتصاد الوطني واتباع النظري?ت الرأسمالية الغربية.
من هنا وصلنا جميعا، شعباً وحكومات، إلى مرحلة الانسداد أمام النفق الضيق الذي كنا نراه منذ سنوات بعيدا وبات قريبا، وإذا كانت الحكومة تعاني الفقر وارتفاع المديونية المتضخمة والخشية من عدم اليقين في إمكانية السداد حسب الالتزامات الدولية، فإن الأغلبية العظمى من المواطنين قد اجتازوا حدود الدين المتعسرّ، حتى من يظنهم الناس أثرياء لم يعودوا يملكون المال.
وحتى اليوم رغم ما قررته الحكومة من إعفاءات وتقسيط الضرائب والرسوم على الأراضي والأبنية والمعارف والصرف الصحي وغيرها، ليس بكاف لإخراج البلد من قفص الشلل الاقتصادي، لهذا يجب أن تعتمد آلية جديدة لإعفاءات أكبر على الديون والضرائب المترتبة على المواطنين في ظل إعسار عام بات واضحا..
Royal430@hotmail.com
الرأي
الرأي
مدار الساعة ـ نشر في 2021/03/02 الساعة 00:17