مجتمع النخبة

مدار الساعة ـ نشر في 2021/02/27 الساعة 23:55
هل يوجد في الأردن نخبة حقيقية؟... مفهوم النخبة مختلف تماما عما في تصورنا أو أذهاننا، النخبة هي عكس الانتهازية تماما, وهي مثقفة ثقافة موسوعية، وهي تشكل مرجعية للسياسي.. ولا تسعى للدخول في عالم السياسة, والنخبة في أي بلد يحددها العقل ولا تحددها المصالح والتحالفات والسفارات, ومراكز التمويل.. الرئيس الحالي الدكتور بشر الخصاونة، لم يكن من مجتمع النخبة المزيفة, والتي تدعي بأنها نخبة.. هو جاء من مجتمع البيروقراط، هو لم يحمل أفكارا غربية في قضايا المرأة والديمقراطية.. لم يرتبط بمراكز البحث, لم يكتب يوما مقالا عن مستقبل الديمقراطية في الأردن, وهو قليل الحضور في جلسات المزارع.. وجلسات الفلل الفاخرة في أطراف عمان.. وهو أيضا ليس لديه دعم خارجي ممثل بانتمائه إلى أحد المؤسسات الأميركية مثلا.. أو صداقاته، مع المجتمع الأوروبي. في الأردن لا يوجد نخبة, بل يوجد مجتمع المصالح.. لأن النخبة تمثل طليعة الفكر في أي مجتمع, في مصر مثلا كان نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم, ومحمد حسنين هيكل.. ومحمد عبدالوهاب.. يمثلون مجتمع نخبة حقيقياً, لأنهم بزغوا في سماء مصر بما أنتجوا من فكر وأدب ورواية وموسيقى, والسلطة هي من سعت للتحالف معهم.. ولم يدخلوها, لم يصبح نجيب محفوظ مثلا وزيرا للثقافة، وتوفيق الحكيم لم يسع لكي يكون مستشارا في رئاسة الجمهورية.. وهؤلاء جميعهم كان لديهم موقف مبدئي وواضح من التعاطي مع السفارات، أو استيراد النموذج الغربي في السياسة وقضايا المرأة والموروث, لهذا كل نتاجهم كان مرتبطا بترسيخ الهوية المصرية وليس الإنقلاب عليها. نعود إلى السؤال هل يوجد مجتمع نخبة في الأردن؟.. يوجد مجتمع مصالح وهذا المجتمع الذي تغلغل في مفاصل الدولة في مرحلة ما, كان يحاول أن يقدم نفسه في إطار النخبة.. لكنه لم يكن كذلك, لأن مشروعه في المعرفة والتنوير كان ضئيلا لابل معدوما, بالمقابل مشروعه في التمويل والتحالف مع السفارات كان واضحا.. قد أقول إن روائيا مثل هاشم غرايبة يمثل النخبة، باحثا في التراث مثل الدكتور محمد غوانمة يمثل النخبة، الدكتور هشام غصيب، محمود الزيودي, هند ابو الشعر, محمد عدنان البخيت.. هؤلاء يمثلون مجتمع النخبة الحقيقي, لأنهم أطلوا على المجتمع عبر قناة الفكر والتنوير.. الرئيس الحالي, ربما تنبه لهذه القصة, وأجزم أن مجتمع المصالح يفجر حوله بعض الأزمات, في محاولة لجره كي يتحالف معهم, لكني أثق به.. وأدرك أنه يعي حقيقة المشهد تماما، بما يمتلك من تجربة وعمق.. والمرحلة القادمة لا ترتبط بمحاربة الفساد المالي, أظن إن إفساد العقل كان خطيرا جدا.. وما زال له خطوطه وتحالفاته ومجتمعاته، وربما.. أن الإصلاح السياسي والاقتصادي من الضروري أن يترافق مع مشروع إصلاح معرفي وعقلي، لمن بثوا سمومهم في المجتمع وما زالوا للأسف يفعلون ذلك. abdelhadi18@yahoo.com الرأي
مدار الساعة ـ نشر في 2021/02/27 الساعة 23:55