من بينها لحوم البشر.. تعرّف على الأطعمة التي تناولتها الشعوب الأصلية لأمريكا قبل وصول الأوروبيين
مدار الساعة - في أوائل الفترة الاستعمارية، لم يكن الأمريكيون الأصليون والأوروبيون يتشاركون نفس نمط الطعام، مثل البطاطس المهروسة والفطائر، بل كانت مائدة طعام الأمريكيين الأصليين تميل أكثر إلى لحم الغزلان والعصيدة وأنواع مختلفة من الطيور البرية والطيور المائية.
أطعمة الأمريكيين الأصليين قبل وصول الأوروبيين
ثمة الكثير ممّا لا نعرفه عن هذا العالم، بما في ذلك كيف جاء الناس لأول مرة إلى القارة الأمريكية، فقد تكون سمعت الرأي القائل إن المستوطنين الأوائل وصلوا إلى أمريكا عبر جسر بري يربط بين روسيا وألاسكا، لكن هذه ليست النظرية الوحيدة في هذا الصدد.
ثمة نظرية أخرى مفادها أنهم لم يسيروا على الإطلاق، بل أبحروا على طول ساحل المحيط الهادئ في كندا الآن ووصلوا إلى طرف أمريكا الجنوبية، معتمدين طوال فترة إبحارهم على مصدر غذائي لا ينضب من الأعشاب البحرية الصالحة للأكل، ربما لهذا السبب أُطلقت شبكة "ناشيونال جيوغرافيك" على هذا المسار اسم "طريق عشب البحر السريع".
ووفقاً لموقع ThoughtCo، فقد اكتُشفت مواقع إرساء السفن تعود إلى عصور ما قبل التاريخ -وهي الآن مغمورة بالمياه- الأمر الذي يشير إلى أنهم كانوا يتوقفوا في مكانٍ ما ليستمتعوا بتناول الأعشاب البحرية، جنباً إلى جنب مع أي كائنات بحرية أخرى يجدونها في تلك الأراضي المجهولة (مثل ثعالب الماء والحيتان والدلافين والأسماك والمحار والقشريات).
شعب كلوفيس
يُطلق على هذه المجموعة السكانية هذا الاسم لأن وجودهم تأكد لأول مرة بالعثور على رؤوس الحربة الخاصة بهم في مدينة كلوفيس بولاية نيومكسيكو الأمريكية.
لكن وفقاً لـ National Geographic اكتُشفت مواقع شعب كلوفيس في مختلف أنحاء الأراضي التي باتت حالياً الولايات المتحدة والمكسيك وأمريكا الوسطى.
كان سكان "كلوفيس" مسؤولين عن إنشاء بعض أقدم المستوطنات على الرغم من أنَّهم على الأرجح ليسوا أول مَن سكن الأراضي الأمريكية.
ووفقاً لدراسة بحثية أجرتها جامعة تكساس الزراعية والميكانيكية، كان مواطنو "كلوفيس" صيّادين جيّدين ويبدو أن الحيوانات الضخمة كانت الخيار المفضل الكاسح لديهم لدرجة أن الباحثين اعتبروهم مسؤولين عن انقراض حيوانات الماموث، التي كانت إحدى وجباتهم المفضلة.
ويتزامن ظهور شعب كلوفيس مع تراجع أعداد الماموث، جنباً إلى جنب مع الحيوانات الضخمة الأخرى في عصر البليستوسين.
كما تشير أيضاً عظام الماموث التي عُثر عليها في 19 موقعاً من مواقع شعب كلوفيس إلى استهلاكهم الكبير لهذا الحيوان.
وفي الوقت نفسه، تغذّى مواطنو كلوفيس أيضاً على البيسون والماستودون والإبل والغزلان والأرانب والوعل.
في حين تشير الأدلة أيضاً إلى أنَّ قائمة طعام شعب "كلوفيس" لم تقتصر على الحيوانات فحسب، بل تضمنت في بعض الأحيان أشياء أخرى مثل ثمار التوت الأسود.
شعب فولسوم
وفقاً لموسوعة Britannica البريطانية، عاش شعب فولسوم في منطقة السهول الكبرى في الولايات المتحدة الأمريكية الحالية في الفترة ما بين 9 آلاف إلى 8 آلاف قبل الميلاد.
كان مواطنو فولسوم يعيشون على الصيد أكثر من جمع الثمار نظراً للعدد الهائل من السكاكين والشفرات والقذائف المميزة على شكل أوراق الشجر التي خلفوها وراءهم.
وبعد انقراض حيوانات الماموث على يد مواطنو كلوفيس السابقين، اضطرت الشعوب اللاحقة إلى البحث عن مصدر غذاء آخر، إذ وجد شعب فولسوم ضالتهم في صيد البيسون العتيق.
لم يستخدم سكان فولسوم الرماح مثل صيّادي كلوفيس لأنَّ البيسون العتيق أسرع وأخف من الماموث، لذا طوّر هؤلاء السكان تقنية جديدة للصيد باستخدام السهام والنبال لتعزيز كفاءة الصيد.
اعتمد شعب فولسوم بشكل كبير في غذائهم على تناول البيسون العتيق لدرجة أنهم كانوا رحّالة يتبعون القطعان الكبيرة عبر السهول أثناء تنقلها.
شعب البلانو
ظهرت ثقافة شعب "البلانو" في الفترة ما بين عامي 7000 و4500 قبل الميلاد. اعتمد هؤلاء السكان نظاماً غذائياً يتمحور بدرجة كبيرة حول تناول لحم البيسون الضخم الذي يجوب السهول.
وفقاً لكتاب Indian Terms of the Americas (يمكنك تحميله من هنا) يُعتقد أنَّ هذه المجموعة السكانية هي أول استخدمت أسلوب "قفزة الجاموس" (buffalo jump) لقتل البيسون بأعداد كبيرة دفعة واحدة، حيث تقود مجموعات كبيرة من الأشخاص قطيع البيسون وتدفعه للسقوط من جرفٍ عالٍ.
على الرغم من أنَّ فكرة القتل الجماعي للبيسون قد تبدو مدمرة للغاية، طوّر شعب البلانو طريقة جيدة لحفظ اللحوم بتجفيفها أولاً في الشمس، ثم خلطها بمجموعة من البذور والتوت والدهون.
لجأ شعب البلانو أيضاً إلى تعبئة خليط اللحوم في أمعاء الحيوان لعمل نوع من السجق يعود إلى عصور ما قبل التاريخ -وهو ما نسميه الآن لحم البيميكان.
عندما تغيرت أنماط الطقس وتراجعت أعداد قطعان البيسون، اختفى شعب البلانو في نهاية المطاف.
شعب اليوروك
تعد هذه المجموعة السكانية مميزة إلى حدٍّ ما، حيث تتبّع تاريخها إلى ما قبل الوصول الأوروبي ولا تزال موجودة في القرن الـ21 ومُتمسّكة بالعادات القديمة في كثير من النواحي، وهذا يشمل مواصلة الاعتماد على بعض الأطعمة نفسها.
اعتاد شعب اليورو العيش تقليدياً على طول نهر كلاماث وعلى طول ساحل كاليفورنيا، واعتمد نظامهم الغذائي على أطعمة مثل الأعشاب البحرية وبلح البحر وأسماك السلمون والحفش والشمعدان.
تغذت هذه المجموعة السكانية على الغزلان وحيوانات الإلكة لفترة طويلة، لكنهم أكلوا أيضاً ثمار البلوط والتوت وأنواع مختلفة من الشاي.
ظل سكان اليوروك يأكلون على مدى أجيال ممّا تنتجه الأرض مع مراعاة الاستدامة.
وأكَّد عدد من الأفراد المنتمين لشعب اليوروك في الوقت الحالي أنَّ عالم اليوم يختلف عن العالم الذي اعتنى به أسلافهم، قائلين إنَّ "الأرض كائن حي، ونحن السبب في إصابته بالمرض".
لا يزال مواطنو شعب اليوروك في القرن الـ21 يعيشون على حصاد التجمعات الطبيعية لبلح البحر وشجيرات توت السلمون البرية التي كانت موجودة منذ أجيال، ويأملون في تعليم الأجيال القادمة فعل الشيء نفسه.
بناة تلال بوفرتي بوينت الأثرية
تقع تلال بوفرتي بوينت الترابية الأثرية، التي تعود إلى عصر ما قبل التاريخ، في ولاية لويزيانا الأمريكية.
ويقول باحثون إنها بنيت في نفس وقت بناء موقع ستونهنج الأثري الذي يرجع أيضاً إلى عصر ما قبل التاريخ.
فقد كان الأمريكيون الأصليون يتحركون ويبنون تلالاً ضخمة وسواتر ترابية.
هُجر موقع "بوفرتي بوينت" لأسباب غامضة حوالي عام 1100 قبل الميلاد، لكن آثار الحياة اليومية للبناة ظلّت قائمة.
جاء معظم طعام هؤلاء البناة من الماء، إذ كانت الأسماك المصدر الرئيسي للبروتين بالنسبة لهم، لكن علماء الآثار اكتشفوا أيضاً آثاراً للمكسرات والنباتات المائية.
ويُرجح علماء الآثار أيضاً إلى أنَّ هؤلاء الأمريكيون الأصليون كانوا صيّادين وجامعي ثمار، وليسوا مزارعين نظراً لعدم العثور على أي أدلة تشير إلى الزراعة في حين عُثر في الموقع على عظام حيوانية من بقايا طعامهم.
في الوقت نفسه، بينما كانت أسماك المياه العذبة بالتأكيد على قمة تفضيلاتهم الغذائية، فقد أكلوا أيضاً السلاحف والثعابين والتماسيح والضفادع، وكذلك الثدييات الصغيرة (مثل الأرانب والسناجب) والطيور المائية (مثل البط والإوز).
شعوب بويبلو القديمة
لعل الشيء الذي تشتهر به شعوب بويبلو القديمة هي مساكنهم العظيمة في الكهوف، المحفورة في الصخور في جنوب غرب أمريكا.
لكنهم جديرون بالذكر لأسباب أخرى كذلك: بحسب متحف كليف دويلينجزر، جسدت هذه الشعوب تحولاً بين نمط الصيادين والمجتمع الزراعي.
في نحو عام 1200 قبل الميلاد، بدأت الشعوب، التي صارت لاحقاً شعوب بويبلو القديمة، في الاستقرار بمنطقة واحدة ممتدة بما يكفي لزراعة المحاصيل.
في البداية، كانوا يزرعون الذرة، ولم يقتصر الأمر على زراعتها وحسب، بل انتقوا زراعة محاصيل هجينة من أجل استزراع أصناف جديدة وأقوى من المحاصيل.
وبحلول عام 500، كانوا يزرعون الفاصوليا، وأضافوا لاحقاً القرع إلى حميتهم الغذائية، التي كانت مدعومة كذلك بلحوم حيوانات على شاكلة الأرانب والغزلان.
وتجدر الإشارة إلى أنهم كانوا من كبار عشاق شيء لا يزال رائجاً في أيامنا هذه: التجفيف بالشمس.
إذ إن غالبية خضراواتهم كانت تُجفف بالشمس، وفي السنوات الأولى لبزوغ شمس شعوب بويبلو القديمة، كانوا يُخزنونها في سلال. ولاحقاً، استُبدلت بهذه السلال حاويات التخزين الفخارية.
وبحسب مجلة Smithsonian، فثمة إشارات تدل على أن مجتمعهم بدأ في الانحدار ودخل في حالة من الفوضى السياسية، إذ أرسلت القيادة "فرقاً حمقاء" لحفظ السلام، وانقلبت القرى بعضها على بعض.
وفي نهاية المطاف، تحولت الخصومات بين القرى إلى مجازر وانتهى بها الحال إلى مذابح جماعية وأكل لحوم البشر، وفظائع استمرت لقرون، حتى بعد وصول الإسبان.
ثقافة هوبويل: شبكات تجارية قديمة
بين عامي 100 قبل الميلاد و500 ميلادياً، هيمنت ثقافة واحدة على المنطقة التي صارت لاحقاً أمريكا وهي ثقافة هوبويل.
بحسب موقع ThoughtCo، لم يكن لدى هؤلاء فقط مستوطنات امتدت من فلوريدا إلى فرجينيا الغربية، وعبر نهر المسيسيبي، بل كانوا متصلين كذلك بشبكة تجارية هائلة قطعت كل الطرق وصولاً إلى يلوستون.
كانت النتيجة أنه مع أن عديداً من المناطق كان لديها حميتها الغذائية الثابتة -التي تتضمن غالباً مزيجاً من الحيوانات المحلية لا سيما الغزلان والأسماك والنباتات مثل المكسرات والبذور والتوت- وصل هؤلاء كذلك إلى بضائع من مناطق أخرى.
الأونيوتا: آخر شعوب ما قبل التاريخ
ليس واضحاً المكان الذي ينحدر منه الأونيوتا، لكنه من المعروف أنهم استقروا المناطق المحيطة شمال نهر المسيسبي وروافده.
ونظراً إلى أن مكاشط الحجر التي تستخدم لتنظيف جلود الجاموس كانت أحد أشهر الأدوات المرتبطة بهم، فإن الفرضية التي تقول إنهم كانوا يصطادون الجاموس بغزارة تبدو فرضيةً صحيحةً.