قبل ان يغرق الجميع

مدار الساعة ـ نشر في 2021/02/26 الساعة 15:48

الكاتب: كمال زكارنة

الوضع لا يسر، وكل شيء تقريبا في تراجع، وهذه ليست صورة سوداوية لكنها الواقع الحقيقي، فقد اظهر خطاب وزير المالية امام مجلس النواب ازمة اقتصادية صعبة، والخيارات التي طرحها لتخفيف تلك الازمة لا تقل صعوبة عنها، من حيث وقعها على المواطن وتقبله لها، والمواطن لا يريد ان يرى الشراسة الحكومية تصوب سهامها نحوه، بل يرغب بأن يرى تلك الشراسة تتجه نحو الفاسدين، وتنزل بهم اغلظ واشدّ العقوبات، وتسترجع او تنتزع من بين انيابهم منهوبات الوطن، وان تعالج الحكومة الرواتب الفلكية لبعض المتنفذين والمدللين، قبل ان تطرق جيوب المواطنين المسحوقين، وان تلغي الهيئات المستقلة، وتلحقها بالوزارات المعنية، وتساوي رواتب العاملين فيها برواتب العاملين في تلك الوزارات، والحديث عن تخفيض عددها من مئة واربع مؤسسات الى خمس وتسعين فهذه نكتة يجب وقف تداولها.

ربما يكون التعديل الوزاري قد وجب قطعا، ولم يعد يحتمل التأجيل، فمن الواضح ان هناك وزراء في الحكومة يحملون حقائبهم على مضض، ولم تظهر لهم اية بصمة في وزاراتهم، على العكس ازدادت اوضاعها سوءا، وكأنهم اجبروا على تولي حقائبها، او انهم غير قادرين على ادارتها والتحرك في اطارها، الى جانب التخبط والارتباك وتقلب وتغير القرارات احيانا، وعدم صحتها وصوابيتها احيانا اخرى، ونتائجها المدمرة، اصبحت سمة واضحة في بعض الوزارات، اضافة الى اختفاء العديد من الوزراء حتى الان، واختباء العدد الاخر خلف جائحة كورونا.

هذا الحال، ادى الى فلتان العنان لبعض المؤسسات، وخاصة التعليم الخاص على مستوى المدارس والجامعات، التي نأت بنفسها بعيدا عن رقابة وزارة التربية والتعليم من جهة ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي من جهة اخرى، اذ كيف يمكن لجامعة خاصة ان تضيف على رسوم واقساط الطلبة للفصل الثاني خمسة وستين دينارا تحت بندين مختلقين لا وجود لهما قبل ذلك، بدل نشاط وبدل التعليم عن بعد، في الوقت الذي يتوجب على تلك الجامعة الخاصة وغيرها من الجامعات الخاصة ان تخفض الرسوم والاقساط الجامعية، كما ان غياب او ضعف الرقابة والمتابعة على المؤسسات المختلفة في القطاعين العام والخاص، والتراخي في العقوبات وتطبيقها بشدة وبقوة كما تقتضي القوانين، جعل من المواطنين فرائس سهلة لتلك المؤسسات التي لا يعنيها شيئا غير الربح المادي، وبات من الضروري حماية حقوق المواطن في جميع المجالات وهذه مسؤولية الدولة والحكومة.
طرح موضوع المتعثرين والمعسرين، فتح الابواب على مصراعيها، امام المحتالين وبعض المدينين، للاعتداء على اموال المواطنين وحقوقهم، وعلى اموال البنوك والمؤسسات المالية والتجارية الدائنة، علما بأن المطلوب التأكيد في كل مناسبة على ضرورة حفظ وضمان حقوق واموال الدائنين،حتى لا تنتشر الفوضى والجريمة.

المؤسسات التي يديرها اشخاص يثبت تورطهم بالفساد، يجب اقتلاعهم منها ومعاقبتهم، والمؤسسات التي يديرها فاشلون لم ينجحوا في انقاذها بعد ان استنفدوا فرصهم في ذلك، يجب ازاحتهم منها، وهي معروفة ومكشوفة.
الاصلاح والتنظيف والمحاسبة والتغيير عملية ليست سهلة، لكن المهم البدء بالعمل في هذا الاتجاه واتخاذ القرارات العملية الجريئة والشجاعة وتطبيقها على الارض دون تردد او النظر الى الخلف.

مدار الساعة ـ نشر في 2021/02/26 الساعة 15:48