أكاديمي أردني يطالب بحُكُوْمَةً أُرْدِنِيَةً كَحُكُومَة كُوْرِيَا اَلْجنُوبِيَة خِلاَل 1997-2000
بقــــــــــــــــلم: أ. د. بـــلال أنس أبوالهــدى خماش، كلية تكنولوجيا المعلومات وعلوم الحاسوب، جامعة اليرموك.
بدأت الأزمة الإقتصادية والمالية الآسيوية في معظم قارة آسيا من بداية شهر تموز عام 1997، وتَسبَّبَت بمخاوف من تحوُّلها إلى أزمة عالمية. بدأت الأزمة أول الأمر في تايلند في أعقاب انهيار عملة "البات" التايلندي، إذ أُجْبِرَت الحكومة على تعويم عملتها بعد أن اختفت العملات الأجنبية من السوق التي كانت توازن معدَّلات تحويل العملة، لتنقطع الرابطة بين البات التايلندي والدولار الأمريكي، وذلك أدى إلى إفلاس دولة تايلند وسقوط عملتها. وبدأت عملات كامل جنوب شرق آسيا وكوريا الجنوبية واليابان بالسقوط، وكانت أكثر البلدان تأثُّراً بالأزمة الإقتصادية المالية الآسيوية هي إندونيسيا وكوريا الجنوبية وتايلند، تليها بدرجةٍ أقل ماليزيا والفلبين ولاوس وهونغ كونغ، وكذلك الصين وتايوان وسنغافورة وبروناي وفيتنام، وقد عانت جميعها من انخفاض الطلب والثقة في السوق على مستوى المنطقة بأسرها. حيث إرتفعت نسبة الديون الأجنبية بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي من 100% إلى 167% في اقتصادات اتحاد دول جنوب شرق آسيا (آسيان) الكبرى بين عامي 1993 و 1996، لتجتاز 180% خلال أسوأ مراحل الأزمة. كما ارتفعت النسبة في كوريا الجنوبية من 13% إلى 21%، ووصلت فيما بعد حتى 40%، وقد أدت الأزمة إلى فقدان قرابة مليون كوري جنوبي لوظائفهم، وباتت الدولة على حفة الإفلاس بسبب قروض وديون صندوق النقد الدولي. ومع ذلك سعت الحكومة للخروج من الأزمة بكل الوسائل مما إضطرها إبلاغ الشعب الكوري في تشرين ثاني 1997 عن طريق وسائل الإعلام المختلفة بأن بلادهم تواجه أزمة حقيقية وأنها بحاجة للإقتراض لسداد ديونها. مما أدى إلى إنطلاق حملات شعبية ضخمة لمساعدة الدولة عن طريق التبرع بمقتنياتهم من الذهب لخزينة الدولة لإنقاذ الوطن.
تحدث البروفيسور كيم كيف تجاوزت حكومة كوريا الجنوبية الأزمة الإقتصادية والمالية الخانقة خلال فترة 1997 – 2000 بأقل الخسائر وذلك عن طريق إصلاح النظام الضريبي ومحاربة الرشوة في كل مؤسسات الدولة وعلى كل المستويات. وعن طريق إطلاق حملة تبرع من الشعب الكوري بمقتنياتهم الذهبية لخزينة الدولة، حيث إصطفت ربَّات البيوت في طوابير طويلة ولساعات طويلة ليتبرعن بمجوهرات زفافهن ومقتنياتهن من الذهب، وتبرع الرياضيون بالميداليات والجوائز والكؤوس وحتى الأطفال قدموا مجوهراتهم البسيطة. وفي غضون يومين تم جمع عشرة أطنان من الذهب وخلال أشهر تم جمع حوالي مائتين وسبعة وعشرين طناً من الذهب وبذلك تجاوزت الحملة توقعات المنظمين لها وذلك لأن الشعب الكوري كانت له الرغبة الشديدة في تقديم التضحيات الشخصية للوطن. وقد تمكنت الدولة عن طريق هذه الحملة من جمع 20 مليار دولار وبفضل ذلك تم سداد قروض وديون البنك الدولي. وفي غضون ثلاثة سنوات فقط أي حتى عام 2000 أصبحت كوريا ضمن مجموعة العشرين لأكبر إقتصادات العالم، وقد شارك في تلك الحملة الوطنية 3.5 مليون نسمة أي حوالي ربع التعداد السكاني لكوريا الجنوبية. كما أسهمت أيضاً شركات كورية مثل "سامسونج" و"هيونداي" و"دايو" في التسويق للحملة وجلب التبرعات كما شارك فنانون ورياضيون في الترويج لها، وبلغ متوسط التبرع 65 جراماً من الذهب لكل شخص من سكان كوريا الجنوبية، وهو ما قُدِّرَ بـ 640 دولارًا في ذلك الوقت، وأصبحت كوريا الجنوبية من دولة مديونة إلى قوة إقتصادية رقم 15 في دول العشرين من أقوى إقتصادات العالم لعام 2021. فهل من الممكن أن تنجح حكوماتنا في إعادة الثقة بها ويفعل جميع افراد الشعب الأردني وأصحاب الملايين كما فعل الشعب الكوري وينقذوا الوطن مما هو فيه أو قادم عليه؟
اللـــه ورســـوله أعــلم.