بداية رجل شجاع (موفق البدارين)
بقلم: د. مفلح الجراح
لم أكن أستطيع ان اكتب عن هذا الرجل بحكم موقعه الأمني، حتى لا يقال أن في ذلك مجاملة أو نفاق - معاذ الله- أو حتى لا نكون قد تجاوزنا حدودنا في الكتابة عن رجل في دائرة المخابرات العامة - وهو على رأس عمله - قد تضر به وبدائرته كتابتنا؛ فآثرنا الصمت لإيمان راسخ في وجداننا أن هذا الرجل ليس بحاجة الى كلام من أحد؛ فعمله واخلاصه وتفانيه تكفي للتحدث عنه.
اما وأن ترجل هذا الرجل وبشكل فاجأ الجميع!!!، فيحق لنا ان نتناول هذه الشخصية الوطنية الأمنية بتجرد وموضوعيه بعيدا عن التهويل والتفخيم؛ لأننا نشعر أن في ذلك واجباً وطنياً تحتمه علينا الظروف الراهنة والصعبة التي يمر به وطننا العزيز الأردن والممتدة للعالم بأسره.
موفق البدارين ابن الشهيد الذي روى بدمائه الزكية تراب الوطن الغالي منافحا عن كرامته وصموده وبقائه تربى طفلا صغيرا شامخ الهامة - كابن شهيد- دون ان يدرك معنى هذه الكلمة العميقة في وجدان الوطن وأهله، والتي حضنته بمعانيها وحروفها طيلة طفولته وتوجتهُ شابا الى عالم العمل والابداع وخدمة الوطن وسيده؛ شاهدت ذلك في تفاصيل شخصيته التي بهرت كل من عرفه؛ شاهدت ذلك في انتمائه الكبير، شاهدت ذلك في رقي خُلِقه ورْفعته، شاهدت ذلك في كرمه الأصيل، شاهدت ذلك في تفانيه واخلاصه في عمله، شاهدت ذلك في أثر تعامله مع من كانوا خارج خارطة الحوار؛ فاصبحوا في قلب الوطن حبا وانتماء، شاهدت ذلك في تعامله الجميل مع الغني والفقير والكبير والصغير؛ وشاهدت اكثر من ذلك واكثر واكثر.
في اليوم الأول له مديرا في محافظة اربد العز والاباء وكعادة الأردنيين في التعارف الحميد وحبهم للأجهزة الأمنية التي لا يخلوا بيت من بيوت الأردنيين الا وفيه من ينتمي لها بمختلف قطاعاتها؛ قمنا مع بعض الأصدقاء بزيارته الى مكتبه مهنئين بتسلمه مهامه الجديدة وقد شدنا ما رأيناه من رحابة صدر واستقبال حافل -لا يغيب عن الأردنيين الشرفاء- من قبل هذا الرجل الذي يتمتع بمهارة عالية في فن احترام الاخر، والدخول الى قلب كل من يلتقي به دون جهد يذكر، فقلبه الطيب، واسلوبه الرشيق، واردنيته الجميلة، وارثه العظيم الذي طُرز بدماء والده الزكية، واخلاصه للوطن وقائده ولمديره ودائرته جعلته انموذجا يحتذى في رجل الامن الذي يتعلق به المواطن امانا، وانتماءً، ورؤيةً، ورساله.
كيف لهذا الرجل ان يحظى بحب وثقة أهالي اربد بشكل غير مسبوق، بل كان تأثيره منقطع النظير بأسلوب راقي يثير الاعجاب بحيث كان نقطة الارتكاز التي تشع منها خيوط محافظة اربد – شعبيا - لتنسج بخيوط من ذهب لوحة فسيفسائية جميله جدا، متماسكة، متراصة؛ وهذه الحالة التي كنا بأحوج الناس اليها في هذه الأوضاع الراهنة التي تُمتحن بها الأوطان بأشد الظروف واقساها – نُفاجأ اليوم بغياب راسم تلك الخيوط الانيقة – الذي ما كان هدفه ابدا إلا سلامة الوطن وأهله، فكيف يكون ذلك !؟.
اما إنجازه العظيم الذي شاهدته مليا – ويكفيه ويكفينا ما دام قلبه ينبض بالحياة – هو ذاك الإنجاز الذي يتعلق بحب الأردنيين له من شتى اصولهم ومشاربهم ومنابتهم والذي كان يتوجُه دوما بحب الهاشميين بدرجة انني لم أر أحداً يسبقه اليه أو حتى يوازيه في ذلك.