ما بين سطور الرسالة الملكية للمخابرات الأردنية
مدار الساعة ـ نشر في 2021/02/20 الساعة 12:55
مدار الساعة - يفهم الأردنيون، نخبهم ومجتمعهم، ميكانيزما الأمن الوطني، الذي اعتادوا على تموضع المؤسسة الأمنية فيه ركناً أساساً، وواسطاً يربط أضلع معادلة الدولة الناعمة، التي رسمت صورة الأردن داخلياً وخارجياً.
وتزخر ذاكرة الموروث السياسي الأردني بصور "حرّاس مسيرة الدولة وحماة منجزاتها" شكّلتها المؤسستان الأمنية والعسكرية، على مدار مسيرة الدولة، التي تدخل مئويتها الثانية بإنجازٍ متراكم من الإصلاحات والنجاحات التي لا ينكرها جاحد. ويخطئ من يقرأ الرسالة الملكية لدائرة المخابرات العامة في سياق غير السياق الموضوعي الذي بُنيت عليه، ويصبح مجحفاً من يحرفها عن مسار الصورة الشاملة، والحالة الفسيفسائية التي جمعت على مدار عقود تكامل أدوار مؤسسات الدولة. من يقرأ الرسالة الملكية لدائرة المخابرات بتجرّد وموضوعية وإنصاف وطني سيقرأ ما بين السطور إشارات وتكليفات حملتها الرسالة، ليست للجهاز لوحده بل لمؤسسات هي من تركت مهامها وتخلت عن دورها ومسؤولياتها طواعية، فأحدثت فراغاً لا يمكن للجهاز الأمني، من منطلق مسؤوليته الوطنية، أن يتركه أمام اجتهادات وأجندات وأهواء قد لا تصب في البوتقة الوطنية. منذ مطلع الألفية تغيّرت طبيعة وحدّة التهديدات التي أحاطت بالمملكة وأفرزتها حروب الجوار، وصعود شوكة الإرهاب، وحراك الشعوب العربية، وتهديدات العامل الجيو استراتيجي والجيو سياسي وأزمات اللجوء، حيث لم يكن بمقدور المؤسسات السياسية التعامل معها أو حتى التكيّف ليس ضعفاً فيها، بل لكون ارتدادات هذه التحديات ذات الأساس السياسي والإفراز الأمني تحتاج ديناميكية عالية وقدرات وخبرات اكتنزتها المؤسسة الأمنية. تقرأ في الرسالة الملكية جوانب الإشادة بأداء دائرة المخابرات العامة ومنتسبيها، واعتزازا بأدوار أدوها عبر محطات احتاجت أن تكون الدائرة حاضرة حتى في مفاصل بيروقراطية وحكومية وسياسية، ولعل الرهان الملكي اليوم على نضوج المؤسسات وأخذها مساحةً ومساراً جديداً، في وقت تزامن فيه تشكيل حكومة جديدة ومجلس أمة جديدة، ترتب على مؤسسات الدولة الانطلاق في مراكمة الإصلاح والإنجاز، والقيام بدورها دون اتكالية ولا تقاعس، فلا عودة بعد اليوم لمرحلة سابقة. ولعل قول جلالة الملك في الرسالة "لم تكن بعض مؤسساتنا صاحبة الاختصاص الأصيل تمتلك الوسائل ولا الأدوات، ولا الإمكانيات في بعض الأحيان، التي تمكّنها من التعامل مع مثل تلك المخاطر والتحديات الاستثنائية" مؤشراً على أن دور المخابرات الأردنية لم يكن تغولاً بقدر ما كان مطلوباً واستكمالاً للعمل الوطني وسداً لثغرات كانت قد تفاقم التحديات. المتمعن في توقيت الرسالة الملكية ومضامينها، قد يبني عدة آراء وتحليلات يسعى بعض منظري ومدعي المعرفة لترويجها، لكن الثابت والظاهر والفهم المجرّد والسياق الوطني لقراءة المقصود الملكي لا يخرج عن الإنصاف والاعتراف بدور وإسهامات الجهاز الأمني في منظومة الأمن الوطني الشامل بما فيها الإصلاح. فعلياً تحتاج المخابرات أن توقف نزف الاستهلاك لقدراتها نتيجة غياب الأداء في بعض المؤسسات، لتتفرغ لمهام ليس أقلها اليوم شراكاتها المؤسيسة في التعامل مع تحديات الأمن العربي، التي أعلن عنها في المنتدى الاستخباري العربي الذي التأم فيه مدراء أجهزة المخابرات العربية في القاهرة قبل أيام. المخابرات الأردنية كانت مضرباً للمثل ومرجعا استخبارياً لمنظومة الأمن العربي الشامل، وطرفاً شريكاً وأساسياً في منظومة الأمن العالمية، باعتراف دول ومرجعيات سياسية وأمنية دولية، فكم من عملية ومخطط خارج إطار الحدود الأردني أسهمت قدرات ومعلومات المخابرات الأردنية في التنبيه إليه وإبطاله، وهو ليس سراً أن نقول إن المخابرات الأردنية، وفق تقرير لصحيفة الواشنطن بوست (الثامن من شباط 2018)، أحبطت (45) مخططاً إرهابياً
خارجياً بالاشتراك مع أجهزة عربية وعالمية، ما يدلل على دورها ومكانتها التي يجب أن تتعزز اليوم في منظومة الأمن الإقليمي لا تنكفأ محلياً بقضايا يفترض أن تؤديها المؤسسات الوطنية كل حسب اختصاصه ومسؤولياته. علينا أن نلتقط أن جلالة الملك في الرسالة، وكعادته مستشرف للقادم وحكيم في التعامل معه، يتنبه اليوم لضرورة توفير مساحة راحة وتركيز القدرات في دور ومكانة المخابرات في مواجهة التحديات الأمنية الوطنية والعربية والدولية، ولعل إدراك جلالته لطبيعة المرحلة المقبلة هو ما دفع لذلك، لتبقى المخابرات كما أراد لها أن تكون صماماً أمنياً وحصناً استخبارياً لا يشغله سوى مهامه التي تحمي السياسي والاقتصادي والاجتماعي، في منطقة وعالم يعتبر الاستقرار الأمني فيه ركيز نجاح للقطاعات الأخرى. وفي منطوق القول وخلاصته، فإن الرسالة الملكية أوضحت الدور الذي قامت به المؤسسة الأمنية متطلباً منها لا اتهاما بالتدخل والتغول، واثنت الرسالة على إنجاز منتسبيها مقابل اصوات اختبأت وراء عباءة فصل الأمني عن السياسي ضمن اتهامية معلبة، فجلالة الملك حينما اختار أن يخاطب منتسبي الجهاز علناً هو ترسيخ للإشادة التي يستحقونها وتوجيه لرسائل لمؤسسات أخرى أن تعمل فليس هناك من يسد خلفها، فالقادم يتطلب مسؤوليات على الجميع لا اتكالاً ولا تباطؤاً فيها.
وتزخر ذاكرة الموروث السياسي الأردني بصور "حرّاس مسيرة الدولة وحماة منجزاتها" شكّلتها المؤسستان الأمنية والعسكرية، على مدار مسيرة الدولة، التي تدخل مئويتها الثانية بإنجازٍ متراكم من الإصلاحات والنجاحات التي لا ينكرها جاحد. ويخطئ من يقرأ الرسالة الملكية لدائرة المخابرات العامة في سياق غير السياق الموضوعي الذي بُنيت عليه، ويصبح مجحفاً من يحرفها عن مسار الصورة الشاملة، والحالة الفسيفسائية التي جمعت على مدار عقود تكامل أدوار مؤسسات الدولة. من يقرأ الرسالة الملكية لدائرة المخابرات بتجرّد وموضوعية وإنصاف وطني سيقرأ ما بين السطور إشارات وتكليفات حملتها الرسالة، ليست للجهاز لوحده بل لمؤسسات هي من تركت مهامها وتخلت عن دورها ومسؤولياتها طواعية، فأحدثت فراغاً لا يمكن للجهاز الأمني، من منطلق مسؤوليته الوطنية، أن يتركه أمام اجتهادات وأجندات وأهواء قد لا تصب في البوتقة الوطنية. منذ مطلع الألفية تغيّرت طبيعة وحدّة التهديدات التي أحاطت بالمملكة وأفرزتها حروب الجوار، وصعود شوكة الإرهاب، وحراك الشعوب العربية، وتهديدات العامل الجيو استراتيجي والجيو سياسي وأزمات اللجوء، حيث لم يكن بمقدور المؤسسات السياسية التعامل معها أو حتى التكيّف ليس ضعفاً فيها، بل لكون ارتدادات هذه التحديات ذات الأساس السياسي والإفراز الأمني تحتاج ديناميكية عالية وقدرات وخبرات اكتنزتها المؤسسة الأمنية. تقرأ في الرسالة الملكية جوانب الإشادة بأداء دائرة المخابرات العامة ومنتسبيها، واعتزازا بأدوار أدوها عبر محطات احتاجت أن تكون الدائرة حاضرة حتى في مفاصل بيروقراطية وحكومية وسياسية، ولعل الرهان الملكي اليوم على نضوج المؤسسات وأخذها مساحةً ومساراً جديداً، في وقت تزامن فيه تشكيل حكومة جديدة ومجلس أمة جديدة، ترتب على مؤسسات الدولة الانطلاق في مراكمة الإصلاح والإنجاز، والقيام بدورها دون اتكالية ولا تقاعس، فلا عودة بعد اليوم لمرحلة سابقة. ولعل قول جلالة الملك في الرسالة "لم تكن بعض مؤسساتنا صاحبة الاختصاص الأصيل تمتلك الوسائل ولا الأدوات، ولا الإمكانيات في بعض الأحيان، التي تمكّنها من التعامل مع مثل تلك المخاطر والتحديات الاستثنائية" مؤشراً على أن دور المخابرات الأردنية لم يكن تغولاً بقدر ما كان مطلوباً واستكمالاً للعمل الوطني وسداً لثغرات كانت قد تفاقم التحديات. المتمعن في توقيت الرسالة الملكية ومضامينها، قد يبني عدة آراء وتحليلات يسعى بعض منظري ومدعي المعرفة لترويجها، لكن الثابت والظاهر والفهم المجرّد والسياق الوطني لقراءة المقصود الملكي لا يخرج عن الإنصاف والاعتراف بدور وإسهامات الجهاز الأمني في منظومة الأمن الوطني الشامل بما فيها الإصلاح. فعلياً تحتاج المخابرات أن توقف نزف الاستهلاك لقدراتها نتيجة غياب الأداء في بعض المؤسسات، لتتفرغ لمهام ليس أقلها اليوم شراكاتها المؤسيسة في التعامل مع تحديات الأمن العربي، التي أعلن عنها في المنتدى الاستخباري العربي الذي التأم فيه مدراء أجهزة المخابرات العربية في القاهرة قبل أيام. المخابرات الأردنية كانت مضرباً للمثل ومرجعا استخبارياً لمنظومة الأمن العربي الشامل، وطرفاً شريكاً وأساسياً في منظومة الأمن العالمية، باعتراف دول ومرجعيات سياسية وأمنية دولية، فكم من عملية ومخطط خارج إطار الحدود الأردني أسهمت قدرات ومعلومات المخابرات الأردنية في التنبيه إليه وإبطاله، وهو ليس سراً أن نقول إن المخابرات الأردنية، وفق تقرير لصحيفة الواشنطن بوست (الثامن من شباط 2018)، أحبطت (45) مخططاً إرهابياً
خارجياً بالاشتراك مع أجهزة عربية وعالمية، ما يدلل على دورها ومكانتها التي يجب أن تتعزز اليوم في منظومة الأمن الإقليمي لا تنكفأ محلياً بقضايا يفترض أن تؤديها المؤسسات الوطنية كل حسب اختصاصه ومسؤولياته. علينا أن نلتقط أن جلالة الملك في الرسالة، وكعادته مستشرف للقادم وحكيم في التعامل معه، يتنبه اليوم لضرورة توفير مساحة راحة وتركيز القدرات في دور ومكانة المخابرات في مواجهة التحديات الأمنية الوطنية والعربية والدولية، ولعل إدراك جلالته لطبيعة المرحلة المقبلة هو ما دفع لذلك، لتبقى المخابرات كما أراد لها أن تكون صماماً أمنياً وحصناً استخبارياً لا يشغله سوى مهامه التي تحمي السياسي والاقتصادي والاجتماعي، في منطقة وعالم يعتبر الاستقرار الأمني فيه ركيز نجاح للقطاعات الأخرى. وفي منطوق القول وخلاصته، فإن الرسالة الملكية أوضحت الدور الذي قامت به المؤسسة الأمنية متطلباً منها لا اتهاما بالتدخل والتغول، واثنت الرسالة على إنجاز منتسبيها مقابل اصوات اختبأت وراء عباءة فصل الأمني عن السياسي ضمن اتهامية معلبة، فجلالة الملك حينما اختار أن يخاطب منتسبي الجهاز علناً هو ترسيخ للإشادة التي يستحقونها وتوجيه لرسائل لمؤسسات أخرى أن تعمل فليس هناك من يسد خلفها، فالقادم يتطلب مسؤوليات على الجميع لا اتكالاً ولا تباطؤاً فيها.
مدار الساعة ـ نشر في 2021/02/20 الساعة 12:55