نصير تكتب: منظومة التعليم الإلكتروني بين الوزارة وأوامر الدفاع
بقلم د أمل نصير
اتخذ مجلس التعليم العالي مجموعة من القرارات في جلسته الأخيرة منها: الموافقة على اعتماد الأسس التنظيمية للتعلم عن بعد تحدد دور ومسؤولية كل من أعضاء هيئة التدريس والطلبة والجامعات.
فأما ما هو مطلوب من أعضاء الهيئة التدريسية، فجزء منه مطلوب أيضا في التعليم الوجاهي، وأي أستاذ يعرف أصول مهنته يقوم بجلّها منذ زمن بعيد لاسيما أنه يُسأل عن كثير منه في تقييم الطلبة له… وتبقى العبرة في التطبيق، أما تسليم نسخة ورقية من الخطة أو غيرها إلى القسم، فالأفضل أن تكون إلكترونية؛ لأننا تجاوزنا هذا منذ بدء الجائحة، وتحوّلنا إلى التسليم الإلكتروني خوفا من انتقال عدوى الفيروس، ولتوفير القرطاسية والحبر، وكذلك لسهولة حفظها في ملف واحد للرجوع إليها عند الحاجة، بل كنا نطمح في اليرموك قبل سنوات إلى التحوّل إلى جامعة غير ورقية.
اما ما هو مطلوب من الطلبة،فسأتوقف عند عدد من الأدوار والمسؤوليات المناطة بهم؛ لأن بعضها قد يتعارض مع بنود أوامر الدفاع، ومن أهمها أولا:الالتزام بتعليماتِ المواظبةِ والحُضورِ والغيابِ المُعتمدَةِ في المؤسسة، والحرص على حُضور اللقاءاتِ كُلِّها من بدايتها إلى نهايتها، ومن بداية الفصل إلى نهايته؛ لأهميته في ضبط العملية التعليمية... وهذا إجراء مهم جدا لضبط التعليم عن بعد، لكنه صعب مع الأعداد الحالية في الشعب، وأيضا علينا التأكد إن كانت قوانين الدفاع المعمول بها حاليا تسعفنا في تطبيق ذلك، فلقد قام عدد من الأساتذة بفصل الطلبة الذي تجاوزوا الحد المسموح به في الغياب حسب تعليمات الجامعة في الفصل الماضي، وأَبلغوا الطلبة بقرارهم؛ إلا أن القرار أُلغي؛ لأنه يتعارض مع أمر الدفاع رقم (7) الصادر بتاريخ 2020/4/15 وأقتبس منه: "لا يعمل بالأحكام المنصوص عليها في التعليمات المطبقة في مؤسسات التعليم العالي والمتعلقة بالمواظبة بما فيها الغياب والحرمان أو تلك المتعلقة بإنذار الطالب وفصله ...وذلك خلال الفترة من تاريخ قرار مجلس الوزراء وبلاغ رئيس الوزراء بتعطيل الوزارات والدوائر الرسمية والمؤسسات والهيئات العامة أعمالها ولغاية مباشرتها للدوام وعودة الدراسة فيها كالمعتاد....لغايات تنفيذ أحكام أمر الدفاع هذا، ولحين عودة الدراسة كالمعتاد تغلـّــــب مصلحة الطالب، وتفسّر نصوص التعليمات المعمول بها في مؤسســـــــات التعليم العام العالي لصالحه".
من خلال رصد تعليقات الطلبة على مجموعاتهم المختلفة على منصات التواصل الاجتماعي، فإنهم يعرفون هذا، وبالتالي هم يركنون إلى أن الأستاذ لا يستطيع فصلهم، وحتى لا يتكرر ما حدث في الفصل السابق، ويوضع أعضاء هيئة التدريس في موقف محرج لا بد من التأكد من إمكانية تطبيق هذا القرار الذي يصب بالتأكيد في مصلحة التعليم عن بعد.
الأمر الثاني:الحرص على المحافظة على الظُّهور في اللقاءات وكأنّ اللقاء يُعقدُ في الحَرم الجامعيّ؛ أي ضرورة فتح الطلبة للكاميرات، فيرى الأستاذ طلبته، ويتعرّف على وجوههم؛ مما يضفي قدرا من الواقعية على المحاضرة، ويزيد التفاعل والتواصل، والجميل في الأمر خلع الكمامات، الأمر الذي سيذكرنا بوجود الوجوه من جديد، وكان هذا مطلب عدد من الأساتذة عند بدء الجائحة، ونوقش الأمر غير مرة في مجلس العمداء، ولكني كنت أقف إلى جانب الطلبة مستندة إلى ما كنت أسمعه من عدد من الطالبات اللواتي كنا يبررن رفضهن لفتح الكاميرات لسببين رئيسيين الأول: الأول أنهن لا يملكن المكان المناسب في البيت، ولا يرغبن بكشف خصوصية الأسرة...يتساوين في هذا مع كثير من زملائهن الذكور.
والسبب الثاني: خوف بعضهن من التصوير _ حسب قول عدد منهن_ ولكن الأمور تتغير، فقد كان دخول الجامعة في زمن دخولي إليها عيبا كبيرا، واليوم بات الناس يتسابقون إلى ذلك، ويفتخرون بتخرج بناتهم من الجامعة.
أعترف أني كنت أقف إلى جانب الطلبة في بداية الجائحة في هذا الأمر، فقد كنت عميدتهم التي تحمل همومهم، إضافة أنني أتفهم أحوال الأسر الأردنية لاسيما الفقيرة، وكنت أظن أن الأمر سيكون لفترة محدودة، فلم أشا زيادة معاناة الطلبة في تلك المرحلة.
لكن اليوم، وقد طال أمد الجائحة، وأصبح كثير من الطلبة يستثمرون عدم فتح الكاميرا للتغيّب عن المحاضرة، ومن ثم تراجع التعليم، فالأمر بات مختلفا لا سيما أن وزارة التعليم العالي تؤسس للانتقال بالتعليم عن بعد من خيار الأزمة إلى الاستراتيجي والمستدام حسبما يظهر من تصريحاتها وقراراتها الأخيرة، ويبقى معرفة إن كانت أوامر الدفاع تسمح بإلزام الطلبة بفتح الكاميرات وغيرها من هذه الأسس قبل الشروع بتطبيقها.