العرب ينتظرون وبايدن مشغول..
مدار الساعة ـ نشر في 2021/02/14 الساعة 06:48
ما زال العالم يعيش فترة الانتظار والترقب لما ستكون عليه سياسة الولايات المتحدة الأميركية خلال الأربع سنوات القادمة، بعد التغيير الجذري الذي أطاح برئيس كثر شاكوه وقل شاكروه، وقدوم رئيس أول ادائه يشير الى انه حتى «الآن» قريب من الاتزان الذي افتقده سلفه بعيد عن الجنون الذي كان الصفة الأبرز لذلك السلف، الذي لا اظن ان احدا في هذا الكون يتمنى ان يذكر او يعاد الا من كان على شاكلته.
في العادة لا تهتم الدول والشعوب بالمواصفات الشخصية للناس، لكن اذا كان احد هؤلاء قائدا لأكبر دولة وأكثرها تأثيراً في العالم لدرجة وصول هذا التأثير الى داخل غرف القرار في العديد من الدول، فإن صفات قائد هذه الدولة القائدة، تصبح محط اهتمام عام، وتنتقل من خانة الشأن الخاص الى خانة الشأن العام.
الرئيس جو بايدن بات الشخص الذي ترنو اليه الاعين والافئدة من اربع جهات الارض فالكل ينتظر هاتفا منه او دعوة او تغريدة يشير فيها اليه باستحسان ليطمئن قلبه.
نحن العرب لسنا بعيدين عن هذه الحال ننتظر ونتوقع مثل غيرنا وربما باهتمام اكبر، فلدينا مظلومية أزلية من عدو احتل أرضنا ومن بعض حكامنا الذين أوغلوا في القمع وكبت الحريات والفساد.
بالطبع ليس من حسن التفكير ان نتوقع ان يحل لنا رئيس اميركا كل مشاكلنا فلسنا همّه الأول ولا أولويته، لكن علو كرسيه يجعله يرى بشمولية تتسع كل العالم ونحن ممن لن يخطئهم بصره وممن نأمل بأن لا تخطئهم بصيرته أيضاً.
أولى الإشارات الإيجابية تدحرجت بمجرد ان تحدث الرجل لمدة لا تزيد على دقيقتين عن الحروب والحريات في منطقتنا فكانتا كافيتين لأن ينطلق إلى النور بعض من كانوا في العتمة ويفرح بقرب الفرج من يعيشون قلق الموت تحت الأنقاض جراء قصف الطائرات والمدافع لبيوتهم ومدنهم دون ذنب سوى انهم رفضوا ان يكونوا اذناباً لغيرهم.
أما عن الباقي فيعتمد علينا دولاً وشعوبا، علينا ان نُحضِّر دروسنا بشكل جيد، نعرف حجمنا وحجم عدونا، ونعرف الممكن من المستحيل، فلا نطيش على الوهم ونسبح بالأحلام لأن الدنيا يقظة لا نوم وعمل لا أمل وفعل لا قول.
لقد اضعنا من الوقت ازماناً ونحن نراوح ما بين الرفض والقبول نقبل ما نرفض ثم نرفض ما نقبل وهكذا مضى بنا العمر ونحن في وضعية الى الخلف دُر بينما عدونا يتقدم ويتقدم.
قضيتنا كعرب تكمن في كلمتين او ثلاث: فلسطين والديمقراطية والعدالة.
الطريق إلى فلسطين واضح وشاق في آنٍ، فقد تكالبت عليها وعلى شعبها أُمم ودول كبيرة، إلا أن الكفاح من أجل استعادتها وكنس العدو الصهيوني من على ترابها الطاهر لم يغب يوماً عن مخيلته طفل أو كهل، فالمسيرة طويلة والشهادة راية تنتقل من الدم إلى الدم.
اما الديمقراطية والعدالة فهما المقدمة الأولى والحتمية لأي مجتمع يريد أن ينهض ويعيش بكرامة ومنعة تكسبه احترام العالم وتقديره، وتحقق أهدافه التي يضعها لنفسه ولا يضعها له غيره، وفق ما يعرف بالسيادة وعدم السماح للآخر بالتدخل في الشؤون الداخلية.
بحجة الحروب والظروف الاستثنائية، فرضت علينا الاحكام والقوانين الاستثنائية، وهي مثل الأسعار ترتفع ولا تنخفض حتى وان زالت الأسباب ومالت الأحوال نحو الهدوء وانعدام الصخب.
بحجة الحروب والظروف الاستثنائية سلبت الحقوق واغتنى لصوص وافتقر شرفاء، وصار الوطن حقيبة سفر لتجار الويلات ومستقراً فوق الأرض وتحتها للقابضين على الثرى ابناً عن أب وجداً عن جد.
لقد شاهدنا بأعيننا كيف استطاعت دول صغيرة وشعوب فقيرة استعادة حريتها ونهضت من قيعان العوز والتبعية الى ذرى المجد والحياة الكريمة، عبر الكفاح والاستعداد للتضحية، ونحن لسنا بأقل من هذه الدول وهذه الشعوب، كل ما يلزمنا ارادة وقيادة ونظرة الى تاريخنا وحضارتنا لنعاود السير على الطريق الصحيح.
الرئيس بايدن لن ينصف مظلوماً ظلمه أخ له، ولن يقسم الأرزاق بين الناس بعدالة ومساواة، فالأصل ان يصلح الناس نفوسهم وموازينهم ليأخذ كل ذي حق حقه.
إن رصّ الصفوف وتمتين الجبهة الداخلية لأية دولة هو ما يجعل الآخر يستمع إليها باحترام مهما كانت هذه الدولة صغيرة او فقيرة ومهما كان الآخر كبيراً وغنياً.
علينا أولاً أن نصلح داخلنا وننتهي من الجدل المعطل لمسائل لا تنتهي ولن تنتهي، لا أن نذهب لأميركا او غيرها نتحدث عن فلسطين وشعبها، في الوقت الذي تعاني فيه بعض الشعوب العربية أوضاعاً لا تقل في صعوبتها عمَّا يعانيه شعب فلسطين، في هذه الحالة لن يستمع العالم لقادة هذه الدول باهتمام او جدية لعدم اقتناعهم بمنطق وصدقية هؤلاء القادة، فيبقى الحال على ما هو عليه، لغو وكلام وحركة دون بركة.
الرأي
مدار الساعة ـ نشر في 2021/02/14 الساعة 06:48