عاد التعليم الوجاهي التدريجي ولم ينتهِ الجدل
يبدو أنَّ حالة الجدال في المجتمع الأردني حول المدارس لن تنتهي قريبًا، فالمواطن الأردني أصبح منذ اجتاح العالم وباء الفيروس اللعين كوفيد (19) منشغلًا وغارقًا حتى أُذنيه في التحليل لكل الظواهر المرتبطة بالفيروس وآثاره على التعليم والصحة والاقتصاد وكل مناحي الحياة المختلفة إلى درجة أنه غرق مرة في الوهم ونظريات المؤامرة التي ابتدأت بنظرية نشوء المرض وأسبابه وحتى حقيقته ووجوده ثم انساق إلى التنظير والتحليل للتعليم عن بعد وعن قرب, وفي فلسفة التعليم الإلكتروني وحتى طبيعة النظام التربوي وعند العودة المتدرجة إلى التعليم الوجاهي المتدرج مع مطلع الفصل الدراسي الثاني أصبح الشك في استمراريته وجدواهُ وبدا المجتمع منقسمًا تمامًا حول كل شيء والجميل في الأمر أنَّ وزارة التربية والتعليم ووزيرها النشط معالي تيسير النعيمي تتعامل مع كل الآراء والتحليلات والأفكار وحتى التناقضات وانقسام وجهات النظر بحلم ورويّة وهدوء وتجيب عن الاستفسارات وكل الأسئلة بعلم ومعرفة والأكثر من ذلك أنها تستجيب للصحيح مما يطرح وتقدم بديلًا ناجزًا في كل تجربتها الحديثة في التعامل مع كل ما نشأ عن تفشي هذا الفيروس في المجتمع وآثاره على التعليم مؤكده مرة أخرى أنَّ صحة المواطن هي أولى أولويات والتعليم هو الأولوية الثانية في وطن يُعَدُّ فيه الإنسان الثروة وأساس النهضة والمستقبل ولذلك كانَّ إيعاز وزير التربية والتعليم بتطبيق أوامر الدفاع على كل من لا يلتزم بتعليمات التباعد ولبس الكمامة في المؤسسات التعليمية من المراجعين والمعلمين وتوجيه وإرشاد وتوعية الطلبة إلى ضرورة الالتزام والحرص والمتابعة لذلك.
إنّ وزارة التربية والتعليم وبتوجيهات مباشرة من جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله ومتابعته اليومية مدركةً جيدًا حجم تأثيرات قرار التعليم عن بعد على التعليم، وكان قرار العودة إلى التعليم الوجاهي المتدرج مع بقاء منظومة التعليم الإلكتروني مساندًا لها بشكل دائم لأنها باختصار منتج عصر جديد لا يمكن إغفال الاستفادة من منجزاته، فكانت العودة مع الأخذ بجميع إجراءات الوقاية والسلامة العامة ضمن بروتوكول صحي، ومصفوفة إجراءات وعدة سيناريوهات توازن بين مطلبي التعليم والصحة؛ لأن الغياب الطويل للطلبة عن المدارس له كلفته التربوية والاجتماعية والنفسية، وهي قضية محسومة ولكن كانَّ الأكثر خطورة منها عدم الأخذ بخيار التعليم في ظل اجتياح العالم لهذا الوباء الخبيث المجهول الهوية, والذي يفقدنا يوميًا كثير من الأحبة، وهو ما قاد وزارة التربية والتعليم للتعجيل بخيارات مستقبلية لها علاقة بالمزاوجة بين التعليم الوجاهي التقليدي والإلكتروني الوجاهي والإلكتروني عن بعد في هذا العصر الجديد بطابعه التكنولوجي والمعرفي .
لقد تعلمت وزارة التربية والتعليم يومًا بيومٍ من العالم كما تعلم العالم منها كيف تُدار عمليات التعليم وكيف تطور الأنظمة التربوية وطرائق التدريس والأساليب وعمليات التدريب وصياغة بروتكولات العودة إلى المدارس؛ فقامت باتخاذ حُزمة من الإجراءات في كيفية تعامل مؤسساتها التعليمية مع البروتوكول الصحي الذي وضع بالشراكة مع مؤسسات وازنة من منظمات مانحة ومنظمات تعليم دولية عاملة في المنطقة ومع نشطاء وخبراء ومهتمين ولم تغلق مطلقًا آذانها عن الاستماع لأحد وتحملت في ذلك ما تحملت ولكنها كانت تسعى لهدف سامي وهو الاستفادة من تطبيق البروتكول وأخذ التغذية الراجعة لغايات التطوير والتحديث اليومي في تفاصيله اليومية، والأهم هو الالتزام بتطبيقه في المدارس ضمانًا لصحة الطلبة والمعلمين والعاملين.
إن وزارة التربية والتعليم تعلم أن الجائحة مستمرة رغم البدء بالتطعيم الوطني، وهي مضطرة إلى مواجهة كل المستجدات باجتماع الإرادات وتوافق التطلُّـعات لكل مكونات الدولة الرسمية والخاصة ومؤسسات المجتمع المدني وكافة أفراد المجتمع وبخاصة المعلمين والطلبة وتطلب من الجميع الالتزام التام بإجراءات الوقاية والتباعد والنظافة العامة والأخذ بكافة متطلبات هذه المرحلة الحرجة والحساسة .
أن طرائق التعلم في العالم كثيرة، وستوفر وزارة التربية والتعليم محتوى علميًّا عبر منصتها الإلكترونية إلى جانب البث التلفزيوني للمباحث الدراسية، وعلى المدارس والمعلمين بشكل خاص توجيه الطلبة إلى متابعة تفعيل جميع وسائل التعلم عن بعد مع التعليم بالمواجهة داخل الغرفة الصفية والتكيف مع المرحلة الجديدة.
لقد أصبح التعليم في عصر الثورة الرابعة أكثر مرونة وسهولة وفاعلية، لأن دور المعلم لا يتوقف على الأداء داخل الحصة الصفية بل هو دور مستمر لتوجيه الطلبة والإشراف على تعلمهم داخل الحجرة الصفية وخارجها، فالمعلم مكوّن رئيس للتعلم عن بعد وعن قرب من خلال استحداث وسائل وطرائق جديدة في مساعدة الطلبة على التعلم والبحث وهذه فرصة لظهور إبداعات الطلبة والمعلمين والمجتمع بكافة مكوناته في عمليات التعلم.
وأخيرًا، فإن المطلوب من إعلامنا وكل مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص ومؤسساتنا التعليمية الخاصة والعامة أن تؤدي أدوارًا محوريةً في غرس الوعي الفردي والجماعي، والتحلي باليقظة والتفكير النقدي، واستـقاء المعلومات من المصادر الأمينة الموثوقة، ودعم مشاريع تجاوز أزمة الوباء بكل الطرائق والمصادر وبخاصة أنَّ أعداد المصابين في العالم لا زالت بازدياد وطفرات عديده منه لا زالت تكتشف وإجراءات قاسية تتبعها دول العالم وكل الخيارات تبقى مفتوحة للتعامل مع انتشار الفيروس في كل أنحاء المعمورة ونحن جزءًا منها.
والله من وراء القصد.