بايدن يجيد السيرك السياسي

مدار الساعة ـ نشر في 2021/02/10 الساعة 02:04
/>الكاتب: كمال زكارنة
لا احد ينكر ان الرئيس الامريكي الجديد جو بايدن ورث تركة ثقيلة من الرئيس دونالد ترامب،على الصعيدين الداخلي والخارجي، وهذا يتطلب منه وقتا وجهدا كبيرين لترميم ما يراه بحاجة الي تصحيح واعادته الى ما كان عليه، والاستمرار ببعض الاجراءات والقرارات التي اتخذها ترامب، انها مرحلة انتقالية بكل معنى الكلمة، ولا بد من بناء جسور العلاقات الدولية من جديد، واعادة الروح الى مؤسسات ومراكز وهيئات دولية افرغها ترامب من مضمونها وجردها من صلاحياتها، وافسد اتفاقيات دولية كثيرة اضافة الى التدمير الكبير الذي الحقه بمنظومة العلاقات الدولية.
لكن ما نلاحظه ونحن نراقب ونتابع تحركات وقرارات بايدن ان الرجل يتقن القفز من مربع الى آخر ومن منطقة الى اخرى، وكأنه يمسك ببراعة بحبال السيرك ويتنقل بينها بمهارة عالية، مما يدلل على ان مؤسسة القرار الامريكي تعود الى حياتها وطبيعتها تدريجيا، وان المؤسسات هي التي سوف تعود لتحكم، ولا يخرج الرئيس العاقل المتزن عن حدود السياسة الامريكية المعروفة ازاء قضايا عالمية مختلفة منها قضايا الشرق الاوسط والقضية الفلسطينية بالتحديد.
وفي هذا السياق يبدو ان الرئيس الامريكي بايدن يحاول ان يوازن في خطواته واجراءاته وقراراته، فقد اعلن البيت الابيض ان لا تغيير ولا تبديل على اعتراف الادارة الامريكية السابقة بالقدس المحتلة عاصمة موحدة للكيان الغاصب، لكنه اعلن انه سوف يعيد صرف المساعدات المالية للشعب الفلسطيني والسلطة الفلسطينية، وسوف يعيد التمثيل الدبلوماسي الفلسطيني لدى واشنطن، بينما المطلوب من بايدن وهو يبقي على قرار القدس عاصمة موحدة للكيان المحتل ان يعترف بالقدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية خاصة وانه اعلن عدة مرات انه مقتنع تماما بأن حل الدولتين هو الخيار الوحيد لانهاء الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، وعلى صعيد المنطقة، يؤكد ضرورة وقف الحرب في اليمن وفي المقابل يطالب ايران بوقف تخصيب اليورانيوم قبل بحث ملف الاتفاق النووي معها،ورفع العقوبات عنها
وعلى الصعيد الدولي، يعلن زيادة اعداد المهاجرين الى الولايات المتحدة ووقف بناء جدار بين بلاده والمكسيك، وابطال العديد من قرارات ترامب الخاصة بالعلاقات الامريكية الدولية، وفي نفس الوقت يفجر صواعق سياسية مع الصين وروسيا ويعلن التحدي والتصدي لهذين البلدين العملاقين.
سياسة بهلوانية متقلبة، يطفيء حريقا هناك ليشعل اخر في مكان ما، كمن يسير في حقل الغام حقيقي، يبقي على القلق في بؤر عالمية معينة، ويثير الغبار في مواقع اخرى، ويوقف الموج الهادر في بقاع منتخبة..
ما تزال الضبابية تكتنف السلوك السياسي للادارة الامريكية الجديدة، فلم يتضح من المشهد الا مساحات قليلة، ولا بد من الانتظار اسابيع واشهر قادمة حتى تنجلي الصورة بالكامل.
مدار الساعة ـ نشر في 2021/02/10 الساعة 02:04