جلدة غاز
.... يتحدثون عن الطاقة كثيرا, عن أسعار البنزين... عن الغاز والسولار, عن تكلفة الكهرباء.. عن سعر برميل النفط.
لم يتطرق أحد يوماً للحديث عن (جلدة) الغاز, مع أنها تدخل في عملية الطاقة.. وهي مهمة وضرورية, ومن المستحيل أن تستمع لمكالمة هاتفية مع (بكم الغاز) دون أن تجد جملة في نهاية المكالمة تقول: (جيب معك جلدة).. ومن المستحيل أيضا أن يدخل بائع الغاز لمنزلك دون أن تداهمه بالسؤال فورا: (جبت معك جلدة)...؟
أمس أمضيت يومي في البحث عن (جلدة غاز), أنا شخصيا لا أعرف أين تقع مراكز التوزيع ولكني قررت أن أطوف في الحارات, علني أصطاد (الموزع)... جبت الحارة المحاذية, ودخلت في شوارع فرعية, وعبرت شارع الشهيد وصفي التل, في النهاية طاردت أحد (البكمات).. وأوقفته, للأمانة أعطاني واحدة مجانية, وتبين لي أن ثمنها (شلنا).. وأنها تباع فوق الاسطوانة..
وزارة الطاقة تتحدث دوما عن أزمة السعر, وتنسى أزمة (الجلدة).. أنا لا أعرف حقيقة كيف دخلت (الجلدة) في موضوع الطاقة؟ ولكن الحق يقال.. من دونها لا تستطيع إتمام (الطبخة) ولا حتى إشعال الصوبة, من دونها أيضا لايمكنك.. الشعور بالأمان, ومن دونها لا تتجرأ على فتح (الإسطوانة)..
تخيلوا أن الأردن يمر بأزمة (جلدة غاز).. ماذا سيحدث؟.. حتما ستشكل لجنة مساندة للجنة الطاقة تسمى (لجنة الجلدة), وستبحث عملية إنتاجها محليا.. وربما ستطل وزيرة الطاقة بعد شهر وتقول: إننا للان وبسواعد أردنية استطعنا أن ننتج نصف مليون (جلدة).. ربما ستولد سوق سوداء (لجلد الغاز).. ويحال أحد المسؤولين للتحقيق بتهمة إخفاء.. مليون (جلدة غاز).. ربما أيضا ستندلع مسيرة وترفع شعار: (أريد حقي كمواطن..أريد جلدة..).. ربما أيضا ستشكل لجنة عليا لمتابعة التوصيات النيابية والشعبية المتعلقة بتوفيرها للمواطنين.. وتطل علينا اللجنة بتقرير خطير وتسمى (لجنة الجلدة)..
أنا لا أبالغ, لكن هل نستطيع إكمال المقلوبة بدون جلدة؟.. هل نقوى على إشعال صوبة الغاز من دون (جلدة)؟.. أنا أتحدث بمسألة استراتيجية وغاية في الخطورة, وأطالب بأن تدخل عملية تسعير (الجلدة) في صلب عملية تسعير المحروقات.. من الممكن أن نشكل لجنة متخصصة اسمها لجنة تسعير (الجلدة)..
أنتم لا تعرفون كم أمضيت من الوقت أمس, وأنا أبحث عنها.. وأصدقائي الذين تحدثوا معي على الهاتف حين كانوا يسألونني (وينك)؟.. كنت أرفض الإفصاح عن حقيقة قيامي بالبحث عن (جلدة).. وأكتفي بالقول: مشوار.. نظرا لحساسية الأمر..
أنا أصلا لا أختلف عن (الجلدة).. من الممكن أن أسمى بالمواطن (الجلدة), أنا أشبهها تماما فدوري في الحياة حيوي وحساس وخطير.. تماما كدور (الجلدة).. فمن دونها تقع في الخطر.. ولكني أتشابه معها في القيمة للأسف, واشعر أحيانا أني بلا قيمة..
أنا المواطن (الجلدة)..
Abdelhadi18@yahoo.com
الرأي