إعادة إحياء روح الدولة

مدار الساعة ـ نشر في 2021/02/01 الساعة 01:43
واجب الحكومة ان تتحرك على الفور لالتقاط ما قاله جلالة الملك في لقائه مع وكالة الأنباء الأردنية، يكفي ان أشير هنا الى عنوانين مهمين وردا في سياق اللقاء يشكلان نقطة انطلاق لأي احتفال يمكن ان نفكر به للدخول في المئوية الثانية للدولة، الأول : «إعادة إحياء الروح التي بني بها وعليها الأردن قبل 100 عام»، والآخر» النظر بالقوانين الناظمة للحياة السياسية، كقانون الانتخاب وقانون الأحزاب وقانون الإدارة المحلية». إذا سألتني كيف يمكن ان نبدأ بترجمة ما قاله الملك، سأجيبك على الفور : العنوان هو « تصحيح المسارات «، حين نتوافق على ذلك فانه يمكن أن نفكر جديا بالجلوس على الطاولة في حوار وطني «جامع» لإنضاج «مشروع» اصلاح سياسي ينسجم مع ما قاله جلالة الملك ومع طموحات الأردنيين، ويحسم اسئلتهم المعلقة منذ اعوام، ويدفع عجلة الحياة العامة، وينتقل «بالمسؤولية» من سياق «التشريف» والمنفعة والحصول على ما أمكن من «امتيازات» ومكاسب الى سياق «التكليف» وخدمة الناس والخضوع لمساءلتهم، والالتزام بقضاياهم.. وهو منطق «الديمقراطية» الحقيقية التي نكتشف - اليوم - للأسف باننا اهدرنا وقتا طويلا في البحث عن «مفرداتها». صحيح ان اعادة الروح الوطنية للدولة يحتاج الى انعاش المجتمع ورفع همة الناس واحياء الامل لديهم، من خلال التفكير بالتغيير الحقيقي الذي ينتظره الناس، لكن الصخيخ ايضا هو ان « تصحيح المسارات» -كما ذكر جلالته - كأولوية لا يتعلق فقط بالحكومة ومقرراتها وأدائها العام، وانما يتعلق ايضا بالعدالة ومرافقها، والادارة وماكينتها الثقيلة، والاعلام والضمائر التي تتحرك فيه، والتعليم وملفاته الخطيرة، ثم بالبرلمان الذي يبدو أن الرهان أصبح «معلقاً» عليه للولوج الى حالة سياسية مختلفة تتناسب مع المتغيرات التي طرأت على «الايقاع» العام للمجتمع وقواه السياسية، انه باختصار يتعلق «بالدولة» من حيث اتجاهاتها ومقرراتها، ومن حيث قدرتها على «تغيير» المزاج العام للناس نحو الثقة بها واحترام خياراتها، والانخراط معها لتصحيح المعادلات السياسية والاجتماعية التي تعرضت «لإصابات» كبيرة في السنوات الماضية. عندما يدرك الوزير في الحكومة والنائب في البرلمان والمسؤول في المؤسسة ان المسارات القديمة انتهت، وان الوقوع في «الخطأ «سيكلفه ثمناً كبيراً، وان القانون لن يستثنيه من المساءلة والمحاسبة، وان عيون «المجتمع» مفتوحة تترصد أفعاله وتراقب أداءه، وأن المجتمع بقواه ومؤسساته ما زال «حاضراً» في المشهد ويتمتع بالحيوية اللازمة للحركة والتأثير.. عندها يمكن أن نتوقع «ثورة» بيضاء تخضع الجميع لمسطرة «النظام» وتقيس أداءهم على معايير «الكفاءة» الموحدة، وتدفعهم نحو «التنافس» على خدمة الناس لا الزحام لتحقيق مصالحهم الفردية، ونحو الالتزام بأخلاقيات الوظيفة العامة ومستلزماتها لا «التملص» منها تحت لافتة «التجاوز المشروع» أو «غياب» أعين الرقيب. اذا التزم «الرسمي» بعنوان «تصحيح المسارات» وعبرت الدولة بكل سلوكياتها وتصرفاتها عن هذا المبدأ بنزاهة، وتحول خطابنا الرسمي من اطار «التمجيد» والتلميع والتغطية على السلبيات واستطاع ان يقنع الناس بانهم امام «تحول» حقيقي ثم نهض المجتمع للقيام بواجباته، فان روحا جديدة ستكون قد دبت في جسم الدولة المدنية التي يحلم بها الاردنيون. حين يتحقق ذلك على صعيد الدولة والمجتمع والنخب،ونغادرنا معا دائرة «الاحباط» ومنطق الاستعباط والاستعلاء والهروب من الواجب، ونبدأ على الفور مشوار التصالح مع الذات، فان بوسعنا عندئذ ان نحتفي بمرور مائة عام على تأسيس الدولة، وان نخرج من أزماتنا التي حاصرتنا وما تزال منذ سنوات عديدة، عنها يمكن ان نبدأ اختفالنا الحقيقي بالمئوية الثانية بخطى راسخة وعيون متفائلة.. الدستور
مدار الساعة ـ نشر في 2021/02/01 الساعة 01:43