لماذا تهرب المليارات عن الأردن؟

مدار الساعة ـ نشر في 2021/01/28 الساعة 00:39
ليس من باب السخرية، ولكن مجرد متابعة مناقشات النواب مع الحكومة عبر التلفزيون الأردني، ندرك أننا ما زلنا العائلة التي تجتمع يوميا لمناقشة تركة المرحوم الوالد دون طائل فحكومة بشر الخصاونة مرّ عليها مئة وخمسةعشر يوما بسلام، والجميع يعلم أن الوضع الاقتصادي سيء والتوقعات ستكون أسوأ لهذا العام، ومع ذلك تلعب الحكومة والنواب دور رجل الإطفاء الذي يكافح حرائق الأعشاب بينما الحريق شب في بيته دون أن يعلم، ومع كل ذلك ما زلنا نضع العوائق على الاستثمارات الخارجية، ونستسلم لواقع انعدام القوة التشغيلية للكفاءات الأردنية في دول تحتاج خبراتهم وحُسن أخلاقهم. الاستثمار قادم وبطريقة سهلة في حال أعدنا رسم الطريق الموازي للبيروقراطية الرسمية، وفصل الملف الاستثماري عن الاشتباك الحكومي، وتهيئة البيئة الآمنة للاستثمارات الكبرى وحمايتها من المتسلطين والترويج للأردن كبيئة آمنة أمنيّا وماليا واجتماعيا وسياسيا، وهذا يفتح باب دعوة أصحاب الأعمال والمستثمرين الأردنيين بالمليارات خارج الأردن الى العودة لاستثمارها في وطنهم. إن فتح أبواب الاستثمار هو حبل النجاة الذي يحتاجه بلد كالأردن أدمن على القروض والمنح الصغيرة، ولو فتحنا ملف المساعدات التي هطلت على الأردن خلال عقدين فقط لوجدنا أن الأردن ينافس أفضل بلدان العالم بمخزونه المالي السهل، ولكن سياسة الإنفاق على برامج وقطاعات وبنى تحتية غير مجدية أوصلتنا الى مقاربة مع أفقر دول شرق أفريقيا. في الكيان الإسرائيلي الذي تعيش موازنته الحكومية على المساعدات المالية الضخمة من الولايات المتحدة وأوروبا، فُتحت أبواب الاستثمار في القطاعات الخاصة وشبه الحكومية للشركات من دول مختلفة، على رأسها الولايات المتحدة، ويليها الصين التي وصلت استثماراتها مجتمعة حتى العام 2020 بحدود 25 مليار دولار في الصناعات التكنولوجية والبنى التحتية، بعد الضغوطات الأميركية على تل أبيب لتخفيض استثمارات الشركات الصينية فيها وانسحابها من اتفاقيات موقعة بين الطرفين. يوم أمس بدأ في العاصمة السعودية الرياض مؤتمر(مبادرة مستقبل الاستثمار) في دورته الرابعة والذي أنتج منذ دورته الأولى 2017 مشروع نيوم العملاق بقيمة 500 مليار دولار، فضلا عن مشاريع كبرى أخرى من أهمها الاستثمار في قطاعات التكنولوجيا بقيمة 20 مليار دولار، و50 مليار دولار في قطاعات النفط والغاز والبنى التحتية والصناعات المتعددة، تحت منصة (استثمر في السعودية)، وللعلم فإن هناك العديد من خيرة الشباب الأردنيين في مختلف القطاعات وأهمها التكنولوجيا قدموا جلّ خدماتهم للمؤسسات هناك، بينما لا تزال محطات التلفزة عندنا تناقش إجراءات الحماية من كورونا. أما بعد، فإن الحال التي وصلنا إليها في الأردن أشبه ما تكون بركاب باصات النقل يستخدمها آلاف الركاب ويصلون الى وجهاتهم ولا أحد يعرف اسم السائق ولا يهتم أصلا، ونحن كمواطنين ننتظر من حكوماتنا الخروج من قمقم التردد والابتعاد عن الحالة المستعصية التي تبدد فيها سنوات عمرها للرد على النواب والمنتقدين والدفاع عن مواقفها، وتخفي المعلومات الحقيقية التي لو تظهر في حينها لوفرت علينا كل هذا اللغط والنقمة من الجمهور الذي يخشى حقيقة على مستقبله، ليس اقتصاديا فقط بل وسياسيا لأننا دائما في مواجهة العديد من الأضداد، إذا اختلفوا أرادونا مصطفيّن، وإذا تصالحوا أخرجونا من حسابهم. Royal430@hotmail.com الرأي
مدار الساعة ـ نشر في 2021/01/28 الساعة 00:39