ماذا يعني اغلاق مصفاة البترول الاردنية
مدار الساعة - كتب: الباحث والمتخصص في اقتصاد النفط والطاقة عامر الشوبكي
في آخر إجتماعات مجلس الوزراء إبان حكومة الدكتور عمر الرزاز إتخذت الحكومة السابقة قراراً خطيراً يلزم مصفاة البترول الاردنية بدفع مبلغ يقارب 12 مليون دينار سنوياً اعتباراً من بداية العام الحالي 2021 ، وذلك استجابة لدراسة خاصة لوزارة الطاقة لا يُعلم فحوى هذه الدراسة او على ماذا استندت وتفترض وجود فرق في السعر بين السولار المنتج محلياً والسولار المستورد.
ولان هذا المبلغ فرض بموجب القرار الحكومي ويخص نشاط التكرير ولدواعي الربح والخسارة ، فقد تضطر إدارة المصفاة الأردنية الى إغلاق نشاط التكرير الذي لا يعود عليها بربح الا بمبلغ 10.5 مليون دينار سنوياً وهو اقل من المطلوب دفعه للحكومة
ومن هذا المنطلق قد تجد إدارة مصفاة البترول الاردنية ان الاتجاه لإستيراد المشتقات النفطية مكررة من الخارج اكثر ربحاً لها، بسبب عوامل عدة، وتستمر في باقي الانشطة في توزيع المشتقات النفطية وتعبئة اسطوانات الغاز ، لذا فإن الأثر والخسارة الحقيقية هي على الاقتصاد الاردني وعلى والأردنيين قبل الجميع .
لان إغلاق نشاط التكرير في المصفاة الاردنية يعني الاستغناء عن خدمات ما يزيد عن 2600 موظف بالإضافة إلى الخدمات المساندة واكثر من 2300 سائق كانوا يعملون على نقل النفط من العقبة لمصفاة البترول في الزرقاء ، عدا العائلات التي تتبع هؤلاء الموظفين ، وأيضاً ستتأثر الكثير من المهن والقطاعات الاخرى المساندة.
كما أن الاردن لا يستطيع الاستفادة محلياً من اي انتاج للنفط غير قابل للتصدير بدون وجود مصفاة تكرير للنفط ، عدا ان الحكومة الاردنية تستفيد من عوائد المنح النفطية الخارجية عن طريق بيع هذا النفط بالسعر العالمي لمصفاة البترول الاردنية .
ويذكر أن الحكومة قد حققت عائد يفوق 15 مليون دينار اردني في السنة الماضية فقط من اتفاقية توريد النفط من العراق بسعر تفضيلي وهو يزيد عن المبلغ المطلوب من المصفاة سنوياً عدا تشغيل 250 صهريج كانت تعمل على نقل نفط كركوك للاردن.
ومن غير المنطقي ان تدخل الدولة الأردنية المئوية الاولى لها دون وجود مصفاة تكرير في حين كان الاردن سباقاً و ينتح المشتقات النفطية محلياً منذ العام 1960 ولغاية اليوم ، وعدم وجود مصفاة تكرير يخالف ادنى معايير الأمن الاستراتيجي للطاقة و هو الذي نادت به استراتيجية 2030 للطاقة المعلنة مؤخراً، عدا ان الدول في العالم الان تتجه لدعم مؤسساتها الصناعية بدل السعي لإغلاقها.
ولا يمكن ان يُفهم أي إجراء بحق مصفاة البترول الاردنية إلا ضمن الإستهداف للمؤسسات الوطنية
وقد بدأ على مصفاة البترول بالتحديد بعد انتهاء الامتياز في العام 2008 مروراً في قضية المصفاة الشهيرة في العام 2010 ومن ثم السماح للشركات الأخرى بإستيراد المشتقات النفطية والمنافسة وقد اثبتت الشركة الاردنية وجودها وتفوقها امام شركات عالمية، ثم سُمح للشركات الاخرى بإستيراد سولار غير مطابق للمواصفة الاردنية وبعدها ام منع المصفاة الاردنية من بيع البنزين اوكتان 92 بسعر البنزين أوكتان 90 مع أن المواطن هو المستفيد ، وصولاً الى العقاب الأخير على النجاح في قرار حكومة الرزاز في العام 2020 الذي قد يؤدي لإغلاق هذا الصرح الوطني.
لذا لا بد للحكومة الحالية من الرجوع عن هذا القرار واعطاء المصفاة فرصة للتوسعة حتى العام 2023 كما كان الاتفاق على ان تقوم الحكومة بتسديد التزاماتها المالية لصالح المصفاة ، مراعاة للظروف العامة والحالة الاقتصادية الصعبة التي يمر بها الإقتصاد الاردني وهو ما زال تحت ضغط تبعات جائحة كورونا وعدم السماح بإضافة أعباء جديدة على الاردن بزيادة نسب البطالة والفقر .
يذكر ان حكومة الملقي قد امهلت مصفاة البترول حتى العام 2023 بوجود شرطين وهما ان تسدد الحكومة ما عليها من مستحقات لصالح مصفاة البترول وان يتم القفل المالي لمشروع التوسعة الرابع في المصفاة في نهاية العام 2019 ولم يتحقق هذا الشرط بسبب عائق المستحقات على الحكومة وتتجاوز 200 مليون دينار و الذي حال دون اقبال المستثمرين على مشروع التوسعة عدا ان الواقع الاستثماري عالمياً الان يتجه إلى تقليص الإستثمارات في انشطة التكرير والتنقيب على النفط بسبب انخفاض اسعار النفط وآثار جائحة كورونا على الشركات العالمية المتخصصة .
اما الاسس التي تم اعتمادها في تحديد مبلغ 12 مليون دينار او انخفاض سعر منتج المصفاة بنسبة 3.67% عن السولار العالمي مع ان الحكومة سمحت باستيراد سولار غير مطابق للمواصفة الاردنية وبنسبة كبريت اكثر من 350 جزء في المليون للشركات الاخرى في الاردن دون ان تستوفي من هذه الشركات فرق سعر ، و مع العلم ان جميع اصحاب المركبات التي تعمل على السولار يفضلون السولار المنتج محلياً في المملكة من مصفاة البترول الاردنية بسبب جودته والمدى الأكبر في المسافة المقطوعة لكل لتر، وكذلك يفضلونه العديد من اصحاب المنازل للتدفئة في الشتاء ، وقد مضى على ذلك سنوات عديدة دون شكاوى من مادة السولار المنتج محلياً بل على العكس اصبح مطلوباً بالتحديد على حساب المستورد.
ومع العلم انه ايضا من الناحية البيئية لا يوجد كثافة في استعمال مركبات السولار في الاردن ليحدث تغيير بيئي وذلك حسب كشوفات وزارة البيئة المنشورة على موقعها التي تظهر ان نسبة اكسيد الكبريت في الاجواء لم ترتفع في الاردن عن المعدلات المقبولة دولياً في الدول المتقدمة.