«المالكين والمستأجرين».. قبل أن تقع الفأس بالرأس
المالكون والمستاجرون في مواجهة بعضهم البعض وجها لوجه. وحتى الان يبدو ان الحكومة لم تتخذ اجراءات تشريعية وتنفيذية تضبط وتنظم العلاقة بين المالك والمستاجر. وكلاهما المالك والمستاجر من ابرز المتضررين من ازمة كورونا وتداعياتها الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية.
مواطنون مهددون بالرمي في الشوارع، ومستاجرون مهددون بالحبس بعد رفع والغاء اوامر الدفاع بسبب الديون والذمم المالية المترتبة عليهم جراء تداعيات كورونا وقرارات الحظر الشامل والاغلاقات الكلية والجزئية.
شريحة اجتماعية عريضة وضعها هش وفي الحضيض، وتواجه يوميا التشرد والموت الانساني البطيء. ولا حماية قانونية واجتماعية توفر لهم لضمان الخروج من ازمة كورونا والتكيف ولو بالحد الادنى من الحاجات الاجتماعية والانسانية لكي تستمر الحياة وتدوم، ولا تقطع الاعناق بعدما تقطعت الارزاق ورمي الناس في الشوارع.
هل تعرفون ماذا يعني البيت؟ لربما لا يملك الاجابة الا من ذاق طعم التشرد وتقطعت به السبل في دروب الحياة الضنكة والقاسية، والعيش الكريم المستحيل. يعني ان تنام بالعراء، وان تفقد ابسط حقوقك الدستورية والطبيعية والانسانية، مسكن وماوى، وسطح مغطى ولو بقطع قش يحمي قاطنيه من البرد والحر.
المالكون يطالبون بالاجور المستحقة على المواطنين. والاغلبية الكاسحة من المستاجرين سكنيا وتجاريا عاجزون وغير قادرين على الدفع، وذلك لاسباب كثيرة خلفتها ازمة كورونا ومازالت ترواح مكانها بدءا من فقدان كثير من المواطنين لوظائفهم وقضم اجورهم وفقا لاوامر الدفاع وقرارات حكومية، والاضرار التراكمية الاقتصادية التي وقعت على قطاعات تجارية وخدماتية وسياحية.
وفي المقابل، فان المالكين ليسوا افضل حالا، ومعظهم يعيش ويعتمد بالاساس في حياته على مداخيل الايجارات، وبعضهم يصنف من الفئات المهمشة اجتماعية، وليسوا بالاثرياء وكبار ملاك العقار في عمان، والاخرون «قلة قليلة « من اثرياء ورجال اعمال، عملوا لوبي وضغطوا على تعديل قانون المالكين والمستاجرين خدمة لمصالحهم العقارية الضخمة في عمان والزرقاء واربد.
العبء الاكبر في ازمة المالكين والمستاجرين يقع على الفئات الاجتماعية المهمشة، موظف قطاع عام وخاص يستاجر شقة، ومعلم قضم راتبه الشهري ويستاجر شقة، ومستاجرون لمحال تجارية اقفلت ابوابها منذ بداية ازمة كورونا ولم يدخل جيوبهم دينار واحد، ومازالوا يدفعون فواتير اجرة شهرية وكهرباء وماء وضمان اجتماعي ورسوم تصاريح عمل للموظفين الوافدين.
فلا تستغرب ان ترى عوائل مشردة في الشوارع، وبشكل قسري. ولا غرابة ايضا من عدد المحال المعروضة للايجار والتصفية والخاوية في عمان وخارجها. كورونا لن تبقى للابد، غدا وبعد غد سوف تنقشع حتما ازمة كورونا وتعود الحياة الى طبيعتها، وينشط الاقتصاد وترفع قرارات الحظر والاغلاقات. فماذا سيصيب العلاقة بين المالكين والمستاجرين اذا ما لم يتم معالجتها وترميمها، ووضع ضوابط تنظيمية تشريعية واجرائية تنفيذية ؟!
الدستور